hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

مطر ترأس قداس الشكر لتطويب ألفارو دل بورتييو

الأحد ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 15:53

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أجتمعت عائلة حبرية "عمل الله" OPUS DEI" في لبنان حول رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، للاحتفال بقداس الشكر على تطويب المونسنيور ألفارو دل بورتييو الرئيس الثاني للجمعية خلفا لمؤسسها القديس خوسي ماريا إسكريفا، طوباويا على مذابح الكنيسة الكاثوليكية في العالم في نهاية شهر أيلول الماضي في إسبانيا مسقط رأسه.

وقد ترأس المطران مطر يحيط به النائب العام لحبرية "عمل الله" في لبنان المونسنيور خوسوس غونزاليس والآباء فادي سركيس، دومينيك الحلو، جان مارك نمر وجان شماس، الذبيحة الإلهية لقداس الشكر في كاتدرائية مار جرجس في بيروت، شارك فيها المطران بولس منجد الهاشم، الوزير السابق عبدالله فرحات، المدير العام للموارد المائية والكهربائية فادي قمير وأعضاء ال"OPUS DEI" في لبنان وأفراد عائلاتهم.

وبعد الإنجيل المقدس، ألقى المطران مطر عظة حول الطوباوي الجديد الذي شارك الشهر الماضي مع ثلاثة أساقفة لبنانيين في الإحتفال بتطويبه، وقال: "كانت لنا نعمة أن نلتقي، أساقفة أربعة من كنيستنا المارونية، مع حضرة المونسنيور خوسوس غونزاليس النائب العام لمؤسسة الOpus Dei في لبنان، وحوالى مئة وخمسين مؤمنة ومؤمنا وفدوا من بلادنا إلى إسبانيا، وأن نشارك في القداس الإلهي الذي أعلن فيه ممثل قداسة البابا فرنسيس نيافة الكاردينال أنجلو أماتو، الحبر السابق لهذه المؤسسة، المطران ألفارو دي بورتيليو، طوباويا، على أمل رفع صورته يوما قديسا على المذابح.

وكم كان المشهد رائعا بحضور حوالى ثلاثمائة وخمسين أسقفا قدموا إلى مدريد العاصمة من مختلف قارات العالم، وحشد من المصلين قدر عددهم بحوالى مئتي ألف شخص، وفي قلوبهم جميعا غبطة لا توصف بهذا الطوباوي الجديد، الذي اشتهر كخادم لله وخادم للناس، بكل همته وكل محبته وبكل أمانة للرسالة النبيلة التي سلمت إليه من قبل من اختاره وباركه ورافق دربه إلى الملكوت.

وقد لخص ممثل البابا في عظته أثناء القداس حياة الطوباوي الجديد بكلمتين تدلان على عظمة النعمة التي صقلت نفسه الكبيرة، ألا وهما فضيلة التواضع عنده وفضيلة الأمانة. فالتواضع كان سمة كبيرة أخذها ربما عن والدته التي عاشت اللطف في حياتها وسلمته إلى ابنها الذي تيمن بها ومارس التقرب من الناس وخدمتهم دون تردد ولا تعب. وهكذا زرعت أيضا في قلب هذا الطوباوي بذار الدعوة الكهنوتية التي ما لبثت أن ظهرت في مناسبة لقائه الأول مع القديس خوسيه ماريا إسكريفا مؤسس الOpus Dei، وكان للطوباوي آنذاك واحد وعشرون عاما من العمر وللقديس المؤسس اثنان وثلاثون. وقد استمر بعدها ألفارو الشاب في متابعة دراسته الهندسية لكنه شغف بالحياة الروحية الأصيلة التي عرفه بها المؤسس فكرا وعملا، فازدادت محبته محبة، وقويت فيه روح التقوى، كما شغف بمبدأ الروحانية الخاصة بالحركة وهو يقوم على عيش القيم الإنجيلية في كل يوم وفي كل مناسبة وتجاه كل قرار يتخذه المرء أو كل عمل يبادر إليه. فدرس اللاهوت واستعد ليكون كاهنا في مؤسسة الOpus Dei على أنه لم يصل إلى درجة الكهنوت إلا في العام 1944 أي بعد أن أعيق عنها بضع سنوات بفعل الحرب الأهلية التي نشبت في بلاده، فقبل إذ ذاك نعمة التكرس للرعاية باسم المسيح وكان له من العمر ثلاثون سنة بالتمام".

واضاف: "في يوم رسامته كان الطوباوي على موعد خاص مع مواهب الروح القدس الذي ملأ حياته خيورا سماوية وزوده بالقوة العلوية التي كان بحاجة إليها ليخدم الحركة كنائب للرئيس القديس. فأثمرت فيه عطايا الله وبخاصة بعد انتقاله إلى روما مع المؤسس ليبدآ معا مرحلة جديدة في نشر الحركة في إيطاليا ومنها إلى سائر بلدان العالم. هناك التقى الطوباوي بالأحبار الأعظمين، بيوس الثاني عشر والقديس يوحنا الثالث والعشرين وبولس السادس والقديس يوحنا بولس الثاني. وقد عمل ردحا من الزمن في بعض الدوائر الرومانية ليقدم للكنيسة فيها خدمة ألزمته بها طاعته الكاملة لخلفاء بطرس. وتوصل مع المؤسس إلى أن تصدر روما القوانين التي ترعى الحركة الجديدة. ومن ثم توجه إلى توسيع انتشارها في بلدان جديدة وأماكن متنوعة من العالم. فلم تمض ثلاثون سنة إلا وكانت روحانية الOpus Dei قد انتشرت في كل أرض وتحت كل سماء. ففتحت من قبلها المدارس الإكليريكية الخاصة في روما وإسبانيا وفي غيرها من الدول، وتأسست الجامعات وبخاصة على يد الطوباوي الذي أولاها عناية مميزة، فازدهرت وما زالت تكبر إلى يومنا هذا. وإذا كانت الشجرة تعرف من ثمارها فها هي ثمار الحركة تغذي النفوس الجائعة إلى الله عبر التعليم الذي تقدمه والوعظ والإرشاد ونشر روح الإنجيل، وإعلاء قيم المحبة والتسامح والخدمة وتسليم الذات للمشيئة الإلهية في كل موقف من مواقف الحياة".

واشار الى ان "هذه المسحة من القداسة التي أشعت من حياة الطوباوي وأعماله، هي التي حملت المؤسس القديس على احترامه احتراما كبيرا والتوكل عليه في إدارة الحركة على كل صعيد. فأثنى في كل مناسبة على تواضعه وعلى أمانته المطلقة لربه ولرسالته. لذلك كان من الطبيعي أن يتسلم الطوباوي المسؤولية العليا للحركة بعد رحيل المؤسس الذي انتقل إلى بيت الآب في العام 1975. وهكذا ترك القديس إسكريفا هذا العالم وقلبه مطمئن إلى مصير الشجرة التي زرعها والتي اعتنى بها الطوباوي والتي كان الرب ينميها على ما جاء في تعليم بولس الرسول. وللذكرى نشير إلى ما قيل في هذه المناسبة التاريخية عن الطوباوي ألفارو: إنه لم يتسن له أن يبكي رئيسه بل ذهب مباشرة إلى العمل وكتب الرسائل للجماعات كلها ليعلن لهم فيها ما يراه من تصور مستقبلي للحركة وتطورها خدمة لله وللكنيسة. فبدأت مرحلة جديدة في حياته لكنها بقيت مرتكزة على إيمانه الثابت وعلى كل المزايا التي حباه الله بها ليكون قائدا وقدوة في آن. ولقد كان الأمر هينا عليه لأنه هو الذي رعى سابقا التطور القانوني للحركة وعرض على السلطة الكنسية العليا ما يلائم من تدابير لتقوية نشاطها وتنظيمها، وما يساعدها على القيام برسالتها الخاصة.

وربما أمكن القول بأن دون ألفارو هو المؤسس الثاني لحركة الOpus Dei لما قدم لها من خدمات تطويرية ذهبت في الوقت عينه عمقا واتساعا مرموقين. واستمر في هذه الحركة رئيسا كاهنا حتى العام 1991 حيث اختاره البابا القديس يوحنا بولس الثاني ليكون حبرا أسقفا على رأس جمعيته المباركة بالذات".

واردف: "بشهادة جميع الذين كانوا حوله، لم يقبل الطوباوي درجة الأسقفية لدوافع خاصة، فهو لم يطلب لنفسه شيئا طوال حياته ولا تمييزا في أية معاملة كانت. بل بقي على تواضعه ومحبته للخدمة على صورة المسيح معلمه الذي ما جاء ليخدم بل ليخدم. لكنه استشار نائبه العام المونسنيور إتشفاريا الذي صار في ما بعد خليفته في الرئاسة والذي يكمل اليوم هذه المسؤولية بذات المحبة وذات الأمانة المتجليتين عند من سبقوه. فنصحه بقبول الأسقفية فقبلها لا لأجل ذاته بل للنعمة التي تسكبها هذه الدرجة على المؤسسة وعلى رسالتها الإنجيلية. غير أن الطوباوي لم يحمل هذه الدرجة المقدسة أكثر من ثلاث سنوات لأن الله كان يعده بمجد السماء الذي بلغه بانتقاله من هذا العالم في العام 1994 أي منذ عشرين عاما بالتمام.

وللتاريخ نذكر أنه في يوم بلوغه الثمانين من العمر، أي في الحادي عشر من آذار عام 1994 شكر الطوباوي ربه على كل النعم التي أغدقها عليه وعلى رسالته. وأراد أن يحيي الذكرى الخمسين لرسامته الكهنوتية بزيارة إلى الأراضي المقدسة ليتعرف على الأرض التي قدسها المسيح في تجسده وتبشيره وموته الخلاصي وقيامته المقدسة. وكانت له في الوقت عينه رغبة خاصة في تفقد الجماعة التي بدأت تعمل ضمن حركة الOpus Dei في مدينة القدس. فاعتبر هذه الزيارة نعمة سامية من الله عليه. لكنه ما إن عاد إلى روما حتى تعرض لنكسة قلبية كانت هي الباب الذي خرج عبره من هذه الدنيا ليلقى وجه ربه في مجد السماء".

وختم مطر: "إن من علامات القداسة في الطوباوي ألفارو دل بورتييو أنه لم يكرم في إطار جمعيته وحسب، بل تبنته الكنيسة كلها إكليروسا وعلمانيين إذ رأت فيه وجه المسيح معلمه الذي زرع في أرض البشر محبة الناس ومد لهم يد الخلاص. وإن كان الرب هو الأمين وحده عندما تهتز أمانات البشر، فإن أمانة الطوباوي ألفارو هي انعكاس لأمانة الرب بالذات، لأنها لم تعرف على مدى حياة هذا الرجل أي ضعف ولا أي تبديل. فذاك الذي كرس حياته للرب وللرسالة الإنجيلية قد فقد نفسه فعلا ليجدها في الله وبهذا صار لنا جميعا المثال والدافع في السير على طريق الرب حتى النهاية. فإني أشكر الله معكم في هذا القداس، يا أبناء جماعة الOpus Dei ويا أيها المؤمنون الأعزاء في لبنان وفي كل مكان. فقد افتقد الله شعبه عبر تطويب هذا الرجل القديس، وهو الذي يصنع لنا الخلاص بكل النفوس التي تعكس أنواره الإلهية على دروب الحياة. فهنيئا للكنيسة بالطوباوي الجديد ولتنزل علينا جميعا بشفاعته كل النعم التي نحن بحاجة إليها لنتابع الرسالة فيتغير وجه الأرض. إنه وجه يحتاج إلى تغيير كبير لكن الرب قدير على كل شيء، فله المجد والشكر من الآن وإلى الأبد. آمين".

وفي ختام القداس ألقى المونسنيور خوسوس غونزاليس كلمة شكر فيها المطران مطر على رعايته لحبرية عمل الله في لبنان. وكان الخوري دومينيك الحلو ألقى كلمة في بداية اللقاء مع عائلة عمل الله في لبنان تحدث فيها عن الطوباوي ألفارو وإيمانه وفضائله وعن محبته لربه ولرسالته.
 

  • شارك الخبر