hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - الياس قطار

محاولاتٌ رئاسيّة يائسة...

السبت ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 09:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

صدى البلد

يلتقي الراعي والحريري فتعود “العزيمة” الرئاسيّة فجأة الى النفوس النائمة في الداخل... الى النفوس المنشغلة في “تخريجة” التمديد لا في ملء الشغور. عزيمة ما كانت لتستفيق جديًا لو لم تكن بعض الكواليس الخارجية الفاعلة تشهد حراكًا مقنّعاً على خطّ الرئاسة اللبنانية حتى لو اكتسى ذاك الحراك طابعاً “فوفاشيًا".
ما بعد لقاء روما الشهير عجلةٌ جنبلاطية دارت منذ أسابيع وها هي تستكمل رحلة البحث عن رئيس لتحطّ مع مرشحّها المزعوم هذه المرة في معراب. قد تكون الصلة بين ما يفعله جنبلاط وما دار بين الراعي والحريري عضويّة خصوصًا أن الأيام القليلة الفائتة شهدت اطرادًا في الحديث عن صيغٍ رئاسيّة تُبحث بجديّة على عتبة انتهاء صلاحية مجلس النواب وتوجّهه الى التمديد “القسري” بأحجياتٍ قانونية راكنة الى ذرائع أمنية وتخريجاتٍ ميثاقيّة مُحاكة بعناية.
الراعي أحرجه...
قبل أن يتسرّب من كواليس لقاء روما القليل النادر خصوصًا أن الراعي والحريري حرصا على التكتّم عما دار بين جدران المقرّ البطريركي حتى على مسامع أقرب المقرّبين اليهما، كان الجميع يتوقّعون أن يكون الطبق الرئاسي هو الغالب على مائدتي البحث والعشاء. لم يخيّب الحريري تلك التوقعات وإن كان ذاهباً بنفسِ تغطية التمديد على ما عملت “البلد” والطلب من الراعي صراحةً مساندته في إيجاد التخريجة الملائمة لهذا الخيار المرّ بمَونته على الأقطاب المسيحيين الذين يسجلون الاعتراض الأوّل، إلا أن الراعي أحرج الحريري نوعاً ما ولم يمنح هذا النقاش سوى دقائق مقاطعًا الدردشة وفارضًا الحديث عن الملف الرئاسي أولويّة. التزم الحريري بما قاله الراعي وخرج مشددًا على أن انتخاب رئيس جديد للبلاد يجب أن يسبق أيّ نقاش آخر. تلك المقاطعة بدت مفيدة للحريري لأنها منحته فرصة مغازلة بكركي في سلّم أولوياتها من جهةٍ، ورفض خوض أيّ انتخابات قبيل انتخاب الرئيس وهو ما لن يتمّ منطقياً قبل انتهاء صلاحيات البرلمان الحالي وبالتالي يغدو التمديد أمراً واقعاً لا مناص منه.
في الدوائر الناشطة...
وتشير مصادر كنسية لـ”صدى البلد” الى أن “الراعي يستفيد من وجوده في الفاتيكان ليحقق ما أمكن من النقاط الرابحة في الملف الرئاسي، وهو يعمل مع كل الدوائر الناشطة في الفاتيكان الذي يفعل فعله بدوره مع أكثر من دولة بالضغط على سفرائها”. وشددت المصادر على أن “تخوّف بكركي الجوهري اليوم من أن يغدو تسيير الأمور من دون رئيسٍ عرفاً وأن يتظهّر وكأن الأمور يمكن أن تسير بشكل عادي بلا رأس الدولة وهذا أمرٌ مرفوض”. أما على خطّ واشنطن فتقلّل المصادر من فرضيّة تدخلها في هذا التوقيت بالذات خصوصًا أن الراعي يحرص في الآونة الأخيرة على تفعيل عمله على خطوط السعودية وإيران وأوروبا، لقناعته بأن هموم الأميركيين تصبّ في غير مكان اليوم ولا يمكن للانتخابات الرئاسية اللبنانية أن تكون في صدارة أجندة انشغالاتهم".
رسالة جنبلاط الى معراب
أجاد جنبلاط أن يقرأ ما يحصل في الخارج من دون أن يكون رباط التنسيق قوياً في الضرورة. ذهب الى معراب مع غريمها على الورق. مع هنري حلو الذي يبدي بكّ المختارة تمسّكاً علنيًا به مع هامش واسعٍ لسحبه باعتباره مرشّح مناورة لصالح تسويةٍ كاملة أو مجزّأة. أراد جنبلاط ببساطة أن يجسّ نبض رجل معراب ويلتمس منه درجة قابلية سحب ترشيحه. ما صدر عن جنبلاط لاحقاً لم يتجاوز إطار العموميات التي لا يمكن إلا أن تُناقش في لقاءٍ مماثل، أما السيناريو الأكثر شيوعًا والذي تلمّح اليه مصادر مطّلعة فيتحدث عن رسالةٍ واضحة أراد جنبلاط نقلها بشكل مباشر أو غير مباشر ومفادها أنه يضغط بورقة سحب ترشيح حلو على جعجع لينسحب هو الآخر ويخلي الساحة لموّالٍ يعنّ على بال جنبلاط تكون الرابية بطلته لسنتين لا أكثر ويحشد له معظم الأفرقاء وحتى منهم الراعي -الذي يُروَّج لتوتر العلاقة بينه وبين الرابية- كبديل موقّت عن الشغور وتزامنًا مع التمديد كي لا يتقدّم ملفٌّ على آخر وكي لا يُنجَز التمديد وينام الجميع على حرير.
لا رضى...
بعيدًا من الأجواء التفاؤلية التي عكسها الغريمان الرئاسيّان أمس، لم تكن معراب راضية عن الطروح التي تُنسَب الى جنبلاط وآخرها منح شرف الرئاسة لعون حتى ليوم واحد، من هنا لم يكن جنبلاط يتوقع ردّ فعل إيجابياً إزاء هذه المبادرة. وعلمت “البلد” أن “طبخة السنتين التي تطهوها المختارة لم تنضج حتى الساعة ولكنها لم تحترق بعد إذ إن الرابية لم تُبلَّغ بها بشكل جدّي كما أنها رافضة مبدئيًا لتشريح الرئاسة وتثليثها خصوصًا أن ليست هناك ظروف جديّة تدعو الى عدم انتخاب رئيسٍ لولايةٍ كاملة. ومع ذلك، لا تُقفل الرابية الأبواب نهائيًا على مثل هذا الطرح بإطلاق حكم الإعدام في حقّه ولكنها تقزّم هي الأخرى إمكانية تبنّيه، ربّما استنادًا الى توقّعها المسبق بردود أفعال باقي الأفرقاء أكثر من ركونها الى مكابرةٍ تمنعها من ارتضائها على نفسها والارتقاء بعمادها المخضرم رئيسًا لثلث ولاية مع “تربيح جميل".
وحدة حال لا كيمياء
إذاً، بين الفاتيكان وباريس وواشنطن والرابية ومعراب والمختارة وحدةُ حال وملفّ. وحدةٌ لا تعني كيمياء لاسلكيّة بقدر ما تحاول الإيحاء بأن شغور قصر بعبدا يؤرق الجميع ويقضّ مضاجعهم. ليس ما يحصل حقيقيًا وشفافاً تمامًا كما يبدو أن الدخول في لعبة الأسماء لم يعد محظوراً على أحد بمن فيهم بكركي التي سئمت إبعاد هذه الكأس المرة عنها منتظرةً فرجاً لا يأتي. فرج لعبة الأسماء التوافقية التي باتت غير “بييعة”. ربّما يواكب الصرح قريباً احتفالية التمديد المتوقّع وعمل الوسطاء بخطوةٍ تقدّميةٍ تحمل إخراجاً اشتراكياً وبطولة جماعية.
 

  • شارك الخبر