hit counter script
شريط الأحداث

أخبار اقتصادية ومالية

أيها اللبنانيون لا يحق للدولة جباية ضرائبكم

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 09:00

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لم يقلها الوزير السابق شربل نحاس مباشرة أمس، لكنه لمّح إليها: بما أن الدولة لا تخبركم شيئاً عن الوجهة التي تنفق فيها أموالكم، لا تدفعوا ضريبتكم للجباة. سدّدوها لدى كتاب العدل. هذا أمر يكفله لكم القانون، كما يكفل لكم حق المطالبة بمعرفة مصير المال العام، وتعيين وصيّ قضائي عليه

يصعب في لبنان، البلد الذي يعاني أهله منذ ولادتهم من مشكلة الكهرباء، أن يجدوا سؤال وزير المالية السابق الياس سابا بديهياً: لماذا لا تعدّ الحكومات المتعاقبة منذ تسع سنوات، موازنة؟

السجالات الدائرة حول سلسلة الرتب والرواتب، والتذكير الدائم بالدين العام وفوائده، والتهديد المستمرّ بالضريبة، كلّها أمور أوحت للكثيرين أننا فعلاً أمام مشكلة يصعب حلّها.

لذا، كان يمكن أي شخص استمع إلى سابا يقول أمس «الموازنة لا تحتاج إلى أكثر من ثلاثة أسابيع لإنجازها»، أن يهتف «وجدها»!!
لكن هتافاً من هذا النوع لم يصدر عن الحضور الذي غصّت به قاعة المحاضرات في بيت المحامي أمس، لحضور الندوة التي نظمها معهد المحاماة في نقابة المحامين تحت عنوان «اتخاذ إجراء إحترازي للإشراف والرقابة على التصرّف بالأموال العامة». الأغلبية هنا تعرف إمكانية إنجاز موازنة خلال أسابيع، لكنها لا تعرف ربما التفاصيل الصارخة لوقاحة المشرّعين اللبنانيين في استخدام المال العام، التي تحول بالتالي دون عملهم على إنجاز هذه الموازنة.

«بالله عليكم» يقول سابا. «بالله عليكم، كيف يفتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة (الحالية) من موازنة عام 2005؟»، في إشارة إلى القانون الذي أقرّ قبل أسبوع في مجلس النواب (لم يصدر بعد في الجريدة الرسمية)، ويقضي بفتح اعتماد بقيمة 626 مليار ليرة لتغطية العجز في الرواتب والأجور وملحقاتها.

أثارت صرخة سابا ضحك البعض، ورسمت ابتسامات على شفاه البعض الآخر. الأمر محيّر فعلاً. كيف تتحوّل صرخة موجعة إلى نكتة مضحكة؟
لا تفسير للأمر إلا القول إن الحضور يعرف ما يرتكبه السياسيون، وحجم استخفافهم بالقوانين وبالمواطنين، لذا استغرب أن ممارسات مماثلة لا تزال تثير غضب أحد. أو هو ضحك من ضحالة خيال السياسيين، وعدم قدرتهم على ابتداع أساليب أذكى للالتفاف على القوانين. لكن «نكتة» سابا لم تكن يتيمة، ولم يكن وحده من أطلق العنان لنكات مماثلة تكشف الدرك الذي وصلنا إليه. لذا، يمكن الاستنتاج ببساطة أن «لا سبب يحول دون إنجاز موازنة إلا رغبة المسؤولين في التهرّب من الرقابة» يقول سابا مجدداً.
لكن في 11 أيلول الفائت، قرّر ستة مواطنين لبنانيين استدعاء هذه الرقابة، من خلال تقديم مراجعة أمام مجلس شورى الدولة للمطالبة بوصاية قضائية على الأموال العامة. نعم. يمكنكم أن تبتسموا مجدداً. لكن فلتعرفوا أن هناك ستة مواطنين بادروا إلى المطالبة بحقهم في تعيين وصيّ على من ينفق أموالهم، ويجبيها، ويتصرّف بها من دون أن يشرح لهم كيف ولماذا. هؤلاء الستة هم: الرئيس حسين الحسيني، النائب غسان مخيبر، الوزراء السابقون الياس سابا وشربل نحاس، النائب السابق نجاح واكيم وغادة اليافي. وجميعهم «أصحاب صفة ومصلحة في تقديم هذه المراجعة، القائمة على أساس الطعن بالقرار المتخذ في مجلس الوزراء بتاريخ 24 تموز 2014، تحت عنوان تأمين الاعتمادات المطلوبة للرواتب والأجور وملحقاتها من احتياطي الموازنة العامة». هذا ما أوضحه النائب غسان مخيبر، معلناً في كلمته أمس إمكان انضمام متضرّرين آخرين، وأصحاب مصلحة إلى هذه المراجعة. وقد تكون هذه خطوة ضرورية اليوم، خصوصاً أن شهراً مرّ على التقدّم بالمراجعة، من دون أي ردّ من مجلس شورى الدولة. وقد لفت الرئيس حسين الحسيني إلى أهمية المواكبة الشعبية لهذه الخطوة. وأكد في مداخلته أهمية إيضاح ملكية الشعب لهذا المال العام، واصفاً المال الذي يجري التعامل به حالياً من قبل مؤسسات الدولة بالمنهوب.
الوزير السابق شربل نحاس، ذهب أبعد من ذلك، حين شرح في مداخلته أن تحصيل الضرائب اليوم يجري من دون وجه حق «انطلاقاً من الطبيعة السنوية للموازنة، لا يجوز للدولة الجباية إلا بصك تشريعي يتجدّد سنوياً، هو الموازنة».
بل إن قانون المحاسبة العمومية يعاقب من يجبي من دون إجازة من السلطة التشريعية. لذا أشار نحاس إلى «إمكانية أن يؤدي المواطنون ضرائبهم لدى كتاب العدل، يحفظونها لمدة عام ثم يستردونها في حال عدم إقرار موازنة».
وهذا حق للممواطنين المكلفين، الذين تثقل الدولة كاهلهم بأعباء الاستدانة من دون أي سند دستوري أو قانوني. وقد أوضح نحاس أن «مجموع ما تمّت جبايته عن غير وجه حق ومراكمته كدين عام عن غير وجه حق، منذ نهاية سنة 2005 (التاريخ الذي صدرت فيه آخر موازنة) بلغ 135 ألف مليار ليرة أنفقت بدورها من غير وجه حق وحملت للبنانيين من دون مسوّغ شرعي».
وفيما لفت إلى مبلغ يقارب ثلاثة مليارات دولار سنوياً، يدفعه اللبنانيون بدل فوائد الحساب الدائن لدى مصرف لبنان، وبدل شهادات الإيداع التي أودعتها المصارف لدى مصرف لبنان، من دون الحاجة إليها لتمويل الدولة، تساءل عن «تخلّف الدولة في المقابل عن تسديد المتوجبات عليها للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والسطو على أموال البلديات، وعدم القيام بالاستثمارات الحيوية في الكهرباء والماء، وعدم استكمال للمشاريع المنفذة، ما يحوّل الاستثمارات إلى هدر، ويبقى الجيش من دون عدة وننتظر الهبات بينما عناصره وضباطه يقتلون ويخطفون».
هذه الهبات التي لا تدخل في الموازنات العامة، على الرغم من أن استدراجها تحوّل إلى «سياسة وطنية يتنافس المسؤولون على إنجازها» بحسب سابا.
"الاخبار - مهى زراقط"

  • شارك الخبر