hit counter script

مقالات مختارة - هشام ملحم

"داعش" يتحدّى الردع الأميركي

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 06:27

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

بعد ستين يوما من القصف الجوي لمواقع "الدولة الاسلامية" (داعش)، في سوريا والعراق، يواصل الجيش العراقي تراجعه في وجه التنظيم المتطرف الذي اقترب بشكل خطير من مطار بغداد، وسيطر على محافظة الانبار، بينما يستمر الهجوم الداعشي على مدينة كوباني الكردية السورية،على الحدود التركية بلا هوادة. الحملة الجوية المحدودة ألحقت بعض الاضرار بـ"داعش" ومنعته من تهديد كردستان العراق، ولكن بما انها ليست حملة جوية استراتيجية – مماثلة للحملة التي شنتها الولايات المتحدة تمهيدا لغزو افغانستان في 2001 - فانها لم تنجح حتى الآن في تغيير المعادلة الاستراتيجية في العراق او سوريا.

هذا الوضع الميداني غير المستغرب – شكك الخبراء العسكريون في جدوى الاعتماد الرئيسي على الغارات الجوية - ادى الى ارتفاع الاصوات المشككة في فاعلية الاستراتيجية الاميركية من المحللين العسكريين ومن المعلقين السياسيين بمن فيهم بعض مؤيدي الرئيس باراك اوباما. وعندما تحدث اوباما الثلثاء عن ان الحملة العسكرية "ستكون فيها ايام نحرز خلالها تقدماً... وفترات نختبر فيها نكسات"، كان في الواقع يعترف بمحدودية العمليات العسكرية ضد تنظيم فاجأ الجميع بشراسته القتالية وقدرته على التحرك السريع والتأقلم مع الغارات الجوية، كما قال رئيس هيئة الاركان المشتركة الاميركية الجنرال مارتن ديمبسي.
كل ما فعله اوباما حتى الآن، كان مرغما عليه، ورد فعل على مبادرات ميدانية وكوارث انسانية تسبب بها "داعش"، وليس نتيجة لتصور او خطة اميركية مبنية على معطيات تتحكم فيها واشنطن وحلفاؤها. وهذا كله يعكس اوباما "المحارب المتردد" المتمسك بالحد الادنى من المشاركة العسكرية والذي يعتمد مفهوم التصعيد التدريجي والبطيء للعمل العسكري. الرد الاميركي على "داعش" جاء بعد شهرين من احتلاله الموصل وذلك على رغم وجود تقارير استخبارية تنبأت بان التنظيم سينقل معاركه الى العراق. وبما ان "داعش" لا يملك قوات برية ثقيلة ولا قواعد كبيرة يمكن قصفها بقاذفات استراتيجية، نجد ان الطائرات تضيع ذخائرها وصواريخها الثمينة على سيارات "تويوتا" مجهزة برشاشات صغيرة لا يزيد سعرها عن 25 الف دولار. وأخيرا اضطرت وزارة الدفاع الى استخدام المروحيات الهجومية لوقف تقدم التنظيم قرب بغداد.
الاخفاق ليس عسكريا فحسب بل هو سياسي، لان بعض حلفاء واشنطن لا يتصرفون كحلفاء وتحديدا تركيا التي صبت الزيت على نار التطرف عندما سمحت بعبور الاسلاميين وسلاحهم الى سوريا وهي تتردد الآن في المشاركة في اطفاء الحرائق. واذا لم يغير اوباما استراتيجيته لتشمل استخدام القوات الخاصة واقامة مناطق آمنة، سوف يكشف "داعش" ضعف وربما عجز الردع الاميركي. وعندها سيتساءل الاميركيون مع المعلق يوجين روبنسون المؤيد لاوباما : "قولوا لي، ما الذي تحققه قنابلنا؟".
 

  • شارك الخبر