النهار

التمديد الثاني لمجلس النواب لن يُعطي أكثر من بصيص أمل للبنانيّين الذين لا يختلف حالهم عن حال من يودّع العاشق ليستقبل المشتاق.

ولن يعني لهم أكثر من أن المؤسّسات الدستوريّة لم تفرُط بعد، وخصوصاً إذا طال انتظار الفراغ الرئاسي على مفرق دارِينا.
وتالياً، لن يبعد عن لبنان وأقليّاته شبح الفراغ الذي يعمّ البلد، ولا شبح "داعش" الذي بدأ يطلُّ من هذه القمّة أو تلك المدينة، ولا هواجس ما لحق بأهل الموصل وما يصيب أهل كوباني ممّن كانوا يتوقّعون نُصرته لهم فإذا بمدافعه تصبُّ جام حقده عليهم.
باختصار، ما دام قصر بعبدا مشتاقاً إلى رئيس يُعيد الحياة والحركة إليه، فإن القلق سيبقى مخيّماً فوق الرؤوس، متقدّماً كل ما عداه من هموم... حتى بالنسبة إلى الهموم المعيشيّة اليوميّة.
صحيح أن كثيرين "يحسدون" اللبنانيّين على أنهم ما زالوا "ينعمون" بالحدّ الأدنى من الأمن والاستقرار، إلا أنه ما من لبناني يغمض له جفن ويرتاح باله ما دام شبح الإرهابيّين والسلفيّين والتكفيريّين يتجوّل ما بين الجبال والوهاد، زارعاً الرعب والمخاوف، وبالجملة لا بالمفرّق.
وما دام رئيس الدولة، التي كان ذكر اسمها كافياً ليوقف حرباً أو يحول دون اندلاعها، يطيب له أن يحذّر أهل المنطقة العربيّة والعالم كلّه من أن حملة الائتلاف الدولي ستكون طويلة الأمد، فيما يقول خبراء أميركيّون وأوروبيّون "إن عامل الوقت قد يقلب الأمور لصالح "داعش" على المدى البعيد أو المتوسّط"، إلا إذا حصلت أعجوبة ما تختلف أسبابها وعواملها عن إجراءات وحسابات "الحرب الجويّة" التي تُلاعب أو تُداعب قوة غير محدودة العدد، ومدجَّجة بكل أنواع الأسلحة، وبكل أنواع الاستشهاديّين والجهاديّين.
هنا يبرز سؤال جديد يدور في فَلك اللقاء الباريسي الذي جَمَع وزير الخارجيّة الأميركية جون كيري ووزير الخارجية الروسيّة سيرغي لافروف، وعَلامَ دار الحديث ورسا الإتفاق.
كيري يقول إنه أنتج اتفاقاً في صدد الحرب على "داعش". وهذا مؤشّر جيّد. ولافروف الدقيق في الكلام والتفاصيل يعتقد أن التعاون الروسي - الأميركي ضد الإرهاب "يمكن أن يكون أكثر فاعليّة".
وهنا أيضاً يبرز عامل الوقت، مما يزيد حاجة لبنان إلى انتخاب رئيس للجمهورية، يقود البلاد في هذه "الحرب الكونيّة" المتشعِّبة التي قد تتحوّل ما يشبه الوباء في الأجساد، أو البلاد.
أو على حين غرة يحدث ما يشبه "بيغ بانغ" أو "أبّوكاليبس" الآن في أرجاء المعمورة.