hit counter script

الحدث - نادر حجاز

وديع الصافي أعطنا من ذخائرك ... "شي نقدتين تراب"

السبت ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 01:17

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 

مرور عام على رحيلك، كان كفيلاً بتحويل "قطعة السما" الى قطعة من جحيم. فالبلاد المعلقة على صخرة في السماء ولا يحدّها سوى النجوم وسفر المجرّات، باتت مزنرة بالنار والبارود، والارض تنزف ابناءها تحت حد السكين.

جاء الشتاء باكراً هذه المرة، بدموعه وشحوب ألوانه التشرينية. وكلما "غابت الشمس وبردت النسمات" نحِنّ الى تراتيلك وصلاواتك. وكلّما دفقت ينابيع ضياعنا يضج بنا صدى عتاباتك. و"هوى الوديان ذكّرنا بهواكم" حين هبّت نسماته لتلامس تلك الجباه السمراء التي تزنّر حدود الوطن دفاعاً عنها.

الحزن أكبر من "السهريات" والأعياد، فإذا مرّ بك "طير الطاير من عنّا" أوصه بأهلك وبالزرع ومواويل البيادر. فالبلاد بحاجة للصلاة، فهلّل بروحك الملائكية وغنِ بعد وبعد.

نخاف ان نظلمك إذا قلنا لك: "يا ليتك بقيت هنا" فرحيلك كان رحمة لك. ذهبت وفي عينيك لبنان الجميل الآمن ولم تتعذب مرتين. عذبتك كثيرا سنين الحرب الاليمة وبقي صوتك الامل الوحيد، واعداً اللبنانيين: "بكرا صفوف الجيش توحيدها بيحكي، وبيعود يحلا العيش وتفرقع الضحكة"، وما ان سقطت المتاريس حتى علا صوتك مهللا "جايين يا أرز الجبل جايين اشتقنا لجبل نيحا لجبل صنين، تحت السما ما في متل لبنان، لبنان أحلا وج أعلى جبين".

فالخطر ليس من خلف الحدود فقط، انما من داخلها ايضاً، وكنا ظننا اننا "سيّجنا لبنان وعلينا سياجو" الا اننا "اشتقنا كثير نمشي دروبنا سوا".

بعد عام على رحيلك، يشدنا الغياب الى أصالتك، ويعرّينا امام واقع حالنا المزري. الا ان إرثك ووصاياك تعطنا جرعات من أمل بأن الرياح السود لا بدّ وأن تنجلي يوماً.

ايها الكبير وديع الصافي، بين يديك أمانة لا تُعَوّض، فاذا ما غدر الزمان مجدداً بهذا الوطن وبأهله، سيعود جيل ما من بعدنا اليك، لتعطه من ذخائرك "شي نقدتين تراب ... شي غصن شي قشة".

 

 

  • شارك الخبر