hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

ندوة في المركز الكاثوليكي عن دور الإعلام في مواجهة الإرهاب

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 16:05

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عقدت اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام ظهر اليوم، ندوة صحافية في المركز الكاثوليكي للاعلام، عن "دور الإعلام في مواجهة العنف والتعصب والإرهاب"، استنادا إلى الوضع الأمني والنفسي المتوتر الذي يعيشه لبنان والمنطقة، شارك فيها رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ، مدير المركز الخوري عبده أبو كسم، الأستاذ المشرف في المعهد العالي للدكتوراه في الإعلام السياسي الدكتور نسيم الخوري، رئيس التحرير في "اذاعة صوت لبنان" شربل مارون.

بداية رحب أبو كسم باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر بالحضور، وقال: "مما لا شك فيه أن لوسائل الإعلام دور كبير في تظهير هذا الواقع بشكل دراماتيكي يجافي الحقيقة ربما عن قصد أو عن غير قصد، وذلك بقصد السبق الصحافي عبر النقل المباشر للأحداث دون إجراء الرقابة الذاتية الواجبة مهنيا، فتضحي إذاك وسائلنا الإعلامية في كثير من الأحيان منابر للشتم ولبث الأفكار الغريبة التي تضرب وحدتنا وتشوه تنوعنا، وبمجانية مطلقة، وكل هذا تحت عنوان السبق الإعلامي والحريات الإعلامية".

أضاف: "للأسف في بعض الأحيان نسمح بأن تطلق تصاريح في وسائلنا الإعلامية ضد الدولة ومؤسساتها، وضد القوى الأمنية والجيش، ونجعل من منابرنا الإعلامية ساحة للشتائم والتخوين والشرخ والفرز والتقسيم، وكل هذا تحت ستار الحريات الإعلامية".

وتابع: "دور وسائل الإعلام يهدف أيضا إلى بناء ثقافة عامة تحرف الناس والمشاهدين عن ثقافة الحروب والقتل والتنكيل والتهويل والتكفير والإرهاب، ونحن بحاجة إلى برامج تجمع ولا تفرق وتدخل الفرح والطمائنينة إلى النفوس. وهذا الأمر يستوجب من المسؤولين عن الوسائل الإعلامية، أن يعيدوا النظر في توزيع المساحات الإعلامية في مؤسساتهم، بما يخلق التوازن، بين نقل الأخبار والأحداث بموضوعية وبين البرامج التوجيهية، وهذا حق المشاهدين عليهم".

بدوره، تحدث محفوظ عن الإعلام والإرهاب والتكفير وسبل المعالجة الثمانية فقال: "الإنقسامات السياسية والطوائفية في المنطقة تزرع الهواجس والمخاوف والتفجيرات. ومواجهة ذلك غير ممكنة إلا بالحوار الهادىء، فالفتن الطائفية تؤدي إلى التفكك والتفتيت والإنهيار. ان الحوار لمعالجة المشاكل هو ما دعا إليه قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في رسالته الملهمة للاعلام المرئي والمسموع والإلكتروني. فهذه الرسالة لوسائل الإتصال الإجتماعي تنطوي على تأملات عميقة لتعزيز أشكال الحوار وفتح نقاشات جدية. وهي تطمح لأن يكون تبادل المعلومات مدخلا لبناء علاقات إنسانية ولإيجاد أجوبة ومعارف جديدة. وهي تربط التواصل الإجتماعي بقيم إنسانية دينية ومسيحية بحيث لا يتحول التواصل إلى ممارسات تخرج عن سياق البناء وتسودها الإثارات السياسية والأمنية والطوائفية".

أضاف: "ما ذهب إليه البابا كان قد استوقف سابقا الإمام السيد موسى الصدر الذي ربط الإعلام بالوظيفة التي تعطى له، فإما أن يكون بناء أو أن يكون هداما. ان الإعلام يصنع الرأي العام ويوجهه، وحاليا هذا ما نشهده في الواقع الإعلامي، فالتنظيمات الدينية المتطرفة تعتمد على مواقع التواصل الإجتماعي والمؤسسات المرئية والإذاعية والمكتوبة لتعميم الكراهية وإلغاء الآخر. ولا ينبغي أن ننكر أنها تستفيد من المناخات الطوائفية والإنقسامات لاستقطاب الشباب وخصوصا أن ما يسمى الربيع العربي دفعته هذه التنظيمات إلى العنف وتصدرت ساحته وهددت وحدة مجتمعاتنا الهشة لأسباب كثيرة منها فشل الأحزاب السياسية وغياب البرامج الإجتماعية وبيروقراطية السلطة وفسادها واستبدادها".

وتابع: "بالتأكيد الإسلام براء من دعوات التهجير والقتل ومصادرة الأملاك وتهديد الأقليات، فالأديان هي واحدة عندما نلتقي في الله، وهي في الأساس غايتها خدمة الإنسان وبنائه إلى أي دين أو طائفة انتمى. وخطورة ما جرى في العراق وليبيا وما يتهدد لبنان يذكر ما كان منظر المحافظين الجدد ريتشارد بيرل يدعو له خلال الإحتلال الأميركي للعراق عندما رأى ضرورة إعادة بناء الهلال الخصيب استنادا إلى مكوناته البدائية الأولى. وهكذا استنتج بضرورة تقسيم العراق وسوريا ولبنان، واستثنى من ذلك اسرائيل والأردن. من هنا نحن إزاء تهديد وجودي يحاول إعادة رسم خريطة المنطقة على قاعدة التفتيت".

وقال: "المطلوب لمواجهة هذا الخطر الوجودي المتمثل بالتكفير والإرهاب:
أولا: تحصين الوحدة الوطنية وإطلاق عملية حوار واسعة بين رجال الدين على اختلاف طوائفهم لتعزيز المشترك بين اللبنانيين ولإبراز القيم الدينية الواحدة واعتبار سقف الدولة الواحدة هو ما يستظل به اللبنانيون وتحفيز حضور هذه الدولة بمواجهة الفراغ وبتدبير شؤون الناس وتأمين خدمات الكهرباء والماء والإلتفاف حول المؤسسة العسكرية. هذا على مستوى الحوار الإسلامي المسيحي.

ثانيا: على صعيد الحوار السني الشيعي فالأمر يقتضي تعريف ما هو المقصود بالإسلام المعتدل، إذ لا يكفي إطلاقا توصيف الإرهاب والتكفير عند الكلام عن داعش والقاعدة ومتفرعاتها، فداعش تدعو إلى إقامة الدولة الإسلامية واستعادة الخلافة والفتوحات العسكرية. وهي على الصعيد الأيديولوجي تستند إلى نص ديني على طريقتها لتبرير القتل والتهجير وتكفير الآخر، وبالتالي الإسلام المعتدل في الوسطين السني والشيعي مطالب بتفسير للنص الديني يلغي مزاعم التطرف الإسلامي ويؤسس إلى قراءة مشتركة.

على هذا الصعيد هناك تقصير من النجف ومن الأزهر ومن ايران والسعودية. وقد يكون لبنانيا سماحة المفتي عبد اللطيف دريان هو الأكثر جرأة بين رجال الدين الذي قارب الموضوع من زاوية ايمانية عقلانية عندما طالب رجال الدين المتنورين وخطباء الجمعة ليعرفوا الإسلام كدين تسامح ورفق وانفتاح ومحبة ورحمة وعندما نزع غطاء النص عن ما يدعيه المتطرفون باسم الدين. ومن هنا أهمية التفسير المنطقي في مواجهة التطرف الإلغائي. ومن هذه الزاوية أهمية الإعلام في استضافة رجال الدين المتنورين كون الشاشة والمواقع الالكترونية تدخل كل بيت.

ثالثا: مطلوب حوار جدي بين الفريقين الأساسيين الثامن والرابع عشر من آذار حول كيفية تطويق ما يمكن أن يستغله التطرف الإسلامي من الإنقسامات السياسية والطوائفية لايجاد بيئة حاضنة له.

رابعا: إطلاق دور النخب السياسية والفكرية والإجتماعية والإقتصادية والنقابات وأساتذة الجامعات والإتحاد النسائي لتعزيز الوحدة الداخلية والتعاون مع رجال الدين المتنورين.

خامسا: اعتبار عودة اجتماعات النواب كمقدمة للخروج من الفراغ وباتجاه إحياء مؤسسات الدولة على اختلافها الرئاسية والتشريعية والقضائية.

سادسا: على الصعيد الإعلامي البحت حجب خطاب التطرف وعدم إفساح المجال أمام المتطرفين للترويج لأفكارهم. وكذلك مواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة. واستطرادا استقاء المعلومات من المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية حول عرسال والمخطوفين من الجيش وقوى الأمن الداخلي.

سابعا: ينبغي أن نعترف أن الوضع المربك الذي نحن فيه على صعيد لبنان والمنطقة سيطول لسنوات على مستوى المواجهة العسكرية التي قد تكون دافعا لاستهواء الشباب ما لم تبذل أقصى الجهود الأيديولوجية والدينية والوطنية لتدارك التداعيات السلبية على المستويين الوطني والاقليمي. وهذا يقتضي بالضرورة حوارا بين اللاعبين الاقليميين الايراني والسعودي على المستويين اللبناني والاقليمي.

وختم: "أخيرا إن المسيحية المشرقية مطالبة بتنوير الرأي العام الغربي حول التحولات التي تطول المنطقة والتي لا يبدو أن دول الغرب تتلمس خطورتها على مستقبل هذه المسيحية المشرقية. فتهجير مسيحيي الموصل لا يعتبره الغرب الأميركي والأوروبي يشكل تهديدا لمصالحه الأمنية والإقتصادية والنفطية. وهذا خطأ فادح بل خطيئة جسيمة".

من جهته، قال مارون: "الإعلام مطالب اليوم بممارسة دوره الوطني، لا يمكن ان تتفرج وسائل الاعلام على لبنان يخطف ويذبح ويقتل ويغير وجهه. وكما كان الإعلام على مر التاريخ السيف المرفوع دفاعا عن الكيان اللبناني، فعليه اليوم واجب منع اغتيال الوطن. ويقتضي لذلك خطوات ملموسة تواجه الارهاب والتخلف الزاحف، ومنها:
1- التزام دعم المؤسسة العسكرية، الوحيدة الباقية على صورة احلام اللبنانيين، والدولة في الحرب ضد الارهاب، والابتعاد عن كل ما من شأنه اضعاف معنويات الجيش وعناصره. ولنا في اذاعة صوت لبنان اكثر من محطة في هذا السياق امتنعنا فيها طوعا عن بث معلومات تم التأكد من صحتها لأنها تمس معنويات المؤسسة العسكرية. كما ان عددا من المؤسسات الاعلامية المرئية امتنع بدوره عن بث صور تصفية العسكريين الشهداء الثلاثة: علي السيد، محمد حمية وعباس مدلج.

2- مقاطعة المؤسسات الاعلامية المسؤولين والشخصيات الذين يتهجمون على الجيش اللبناني، وشطب عبارات التحقير والاهانات من مواقفهم.

3- التزام اخلاقي بتجنب بث ونشر كل ما من شأنه ان يثير النعرات الطائفية والسياسية.

4- إعادة الاعتبار لدور المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع في رقابته على وسائل الاعلام لتأمين التزامها بالمعايير المهنية".

وختم مشيرا الى ان "خطورة ما يجري تكمن في انه يستهدف وجود لبنان. نحن في مواجهة مجموعات محترفة، ومن بين حقول احترافها الحقل الاعلامي. والمواجهة تكون بوعي ذلك اولا، وبعمل احترافي مقابل. الأرض والجغرافيا ليست وحدها ساحة المواجهة، فالاعلام ساحة اساسية، ولنا امثلة كثيرة حسمت فيها المعارك على الشاشات والإذاعات والصحف وسائر وسائل الاعلام".

وقال الخوري: "أقترح فكرة، قد تروق المجلس الوطني للاعلام وللكثيرين، وقد تتجاوز ما نحن فيه، أن يبادر المجلس الكاثوليكي للاعلام، برعاية سيدنا البطريرك بشارة الراعي برعاية ورشة وطنية أو خلوة إعلامية لا سياسية وبالتعاون مع من يريد من مؤسسات الإعلام وخبرائه ومرجعياته في لبنان للتفكير والمجادلة المحصورة فقط بمسؤوليات وسائل الإعلام ودورها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ لبنان". ووضع هذا الإقتراح "بعهدة اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام والمركز الكاثوليكي للاعلام بشخص رئيسه".

أضاف: "إن فوضى الإعلام في لبنان تبدو أحيانا أشد خطرا من الفوضى السياسية. والإعلام اليوم لا حدود له ومصيبته أنه إعلام حروب وحروب إعلاميين. هو سلطة ما عادت تنحصر بالتلفزيونات أبدا ولا بالإذاعات ولا بالصحف بل في الشبكات. ان القراء في إنقراض والمشاهدين ايضا في إنقراض، فكل لبناني يحمل خلويا بين يديه يستطيع أن يمارس وحيدا الكتابة والتصوير والنشر والنقد وإطلاق المواقف".

وتابع: "بالمقابل، ضعفت السلطات التقليدية وتعممت الفراغات السياسية الحاصلة من بعبدا عمليا الى التشريع فالقضاء الى معظم المؤسسات في لبنان واقعيا. كانت الشاشات تتبع السياسات في لبنان بعدما تأسست على محاصصة بين الطوائف والأحزاب، لكن مع ضمور نفوذ السلطات التقليدية كلها وتراجعها فقدت غالبية الناس أو الرأي العام الثقة بمن وما حوله إلا الحزبيين والمنتفعين، وخصوصا بعدما أفرغ الميدان العام والنفوذ الفعلي الى رجال المخابرات والأمن اللبناني والإقليمي والدولي. هنا صارت السياسات تتبع الشاشات وتتوجس منها إن لم نقل تخاف من أصواتها العالية وإرتباطاتها أو تنافسها مع القوى والأنظمة المختلفة غير اللبنانية".

ورأى أن "الحرية في لبنان هي من دون أي ضابط، لا وزارة إعلام ولا مجلس وطنيا مقررا. الإعلام العام يصبح على شاكلة إعلامنا في لبنان عندما لا يكون صناعة لها جدواها الوطنية قبل الجدوى المالية، لها محاكمتها على فسادها كما على ثقافات الفساد، ولها معايير سليمة لمنتوجاتها وبرامجها ومواصفاتها وهي تتقدم على أي صناعة أخرى. في العالم يصنعون وسائل الإعلام ويصدرونها لا للعب والعبث بها كما نفعل، وهم يصنعون مواد الإعلام عندهم ثم يسخرون كل شيء كي يصنعوا الرأي العام. نحن لا نصنع مصباحا مضيئا في وسائل الإعلام ولا إعلاما إلا إذا كان منقوعا بالمال والطائفية والجمال والحريات المطلقة، فلا نعرف صناعة الرأي العام اللبناني".
 

  • شارك الخبر