hit counter script

مقالات مختارة - الياس قطار

مصائب ?السلسلة? عند بري... فوائد ?تشريعيّة?

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٤ - 06:58

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

صدى البلد

ملّ الرئيس نبيه بريّ من تحويل البرلمان الى صالون للدردشات وارتشاف القهوة وتبادل الأحاديث “السخيفة”. ملّ في الأساس من عدم الجلوس على كرسيٍّ هو حلال عليه وسيكون حلالاً عليه لـ31 شهراً إضافياً. لم يكن أمام الرجل “المحرقَص” حلٌّ سوى النفاذ الى اجتهاد “تشريع الضرورة”... جلسة تشريعية عنوانها العريض سلسلة الرتب والرواتب أما الهدف الأبعد منها فرسم مشهديةٍ ستتكرّر الى حين إنجاز حكاية التمديد المزعوم.
أراد بري أن يقول الكثير من ردّ السلسلة. ردّ لم يكن منتظراً، على أحقية أسبابه إنصافاً لأبناء المؤسسة العسكرية، خصوصًا أن السؤال الأول الذي تبادر الى أذهان المراقبين: لمَ اعترض الوزير سمير مقبل الآن؟ كان مطلعاً حتمًا على السلسلة فلمَ لم يصحّح الثغرة قبل عقد الجلسة؟ كثيرةٌ هي الأجوبة الفرضيّة التي تحوم في الظاهر والعلن على ألسنة بعض النوّاب الذين خرجوا من جلسة الدقائق المعدودة مصدومين. السيناريو الأقرب الذي تتحدّث عنه مصادر نيابية من فريق 8 آذار أن “حركة مقبل متّفق عليها مسبقاً مع بري ولها أبعادٌ تشريعية مفهومة في حسابات رجل عين التينة”.
ليس “أحبّ على قلبه”...
ليس برّي واحداً من مشجّعي “السلسلة” على اختلاف صيغها وهو الذي اجتمع سرًّا وعلناً أكثر من مرة مع اقتصاديين ليقتنع أكثر فأكثر بثقلها على الخزينة العامة وعلى الشريحة التي لن تستفيد منها، لذا لم يكن “أحبّ على قلبه” تخصيص جلسةٍ في الأصل لإقرارها. ومتى تمّ التسليم ركوناً الى ما يقول “الأستاذ” وما ينطق به نوابه ووزراؤه ومقربوه بعدم الربط بين إقرار السلسلة وإقرار التمديد، فمن الصعب تهميش ما يذهب اليه حلفاؤه قبل خصومه السياسيين من ربطٍ جليٍّ بين “فائدة التشريع لصالح السلسلة” والتشريع لصالح التمديد الذي أعلن برّي عدم تبنيه والتصويت ضدّه من دون أن يعني ذلك عرقلته متى توفّر النصاب له وهو ما سيحصل واقعياً.
انتصر على ثلاث جبهات...
الجميع ارتضى “السلسلة” فجأة. الجميع ارتضى التشريع فجأة. الجميع اقتنع بمفهوم “تشريع الضرورة” الذي لم يبرز إلا على عتبة أسابيع من مباركة التمديد. مفهوم وإن فشل جزئياً على مستوى الموضوع الأساس (السلسلة) صبّ في صالح عودة الحياة الى البرلمان الذي افتقدها منذ إشهار حالة الشغور الرئاسي. في النتيجة انتصر بري على ثلاث جبهات: أولاً إعادة عجلة التشريع الى مجلس النواب. ثانياً، حسم فرضية قدرة المجلس على التشريع في غياب رئيس البلاد ونسف كل النظريات القائلة بعكس ذلك تمهيداً لليالٍ ظلماء قد تمر بلا رئيس وبالتالي هذه الجلسة تحفظ ماء وجه البرلمان ودوره في مراحل الشغور المقبلة. وثالثاً، التمهيد لجلسةٍ تشريعيّة من هذا القبيل أو ربما مع نصابٍ أقلّ لكن مؤمّن لإقرار التمديد الذي تشوبه تعقيداتٌ واجتهاداتٌ مرتبطة بحالة الشغور أيضًا. وصلت الرسالة الى الجميع أغلب الظنّ، حتى الى أولئك المعتصمين في ساحة النجمة وأبعد منهم الى منتظري سلسلةٍ لم تُقرّ ولكنها ستُقرّ. وصلت الرسالة الى هؤلاء وسيعملون بها على قاعدة: أطلقنا قطار التشريع عبر “شمّاعة” السلسلة فامنحونا قليلاً من الوقت لأنها ستُقرّ حتمًا”.
برّي ألبسه القبعة
في الأمس أعاد مقبل الى الذاكرة سيناريو النائب نقولا فتوش، ففاجأ الجميع وعلى رأسهم النائب جورج عدوان الذي كان يظنّ أن سلسلته المعدلة لصالح بعض ما أقرته اللجان المشتركة سابقاً ستولد طبيعياً بلا اشتراكات. لم يكن الأمر كذلك. “انطلت لعبة بري الذكية على الجميع” على ما تؤكد مصادر نيابيّة واكبت الجلسة لـ”صدى البلد”. وتتابع: “بغض النظر عن صدقية الأسباب التي أدّت الى إرجاء إقرار السلسلة، وبغض النظر عن صدقية نوايا إقرارها أياً كانت الصيغة، كان يناسب بري في الأساس ألا تنتهي “همروجة” البرلمان في جلسة أو اثنتين ليعود بعدها الشلل المزمن الى حين حلول موعد جلسة إقرار التمديد اليتيمة وما بعدها الى أن يظهر الرئيس الذي من أجله سيتوجه النواب الى البرلمان ليمنحوه ثقتهم”. وتردف: “برّي ألبس مقبل القبعة وجورج عدوان لجأ الى مؤتمر صحافي مشترك بحثاً عن التسويغات المناسبة لرفض السلسلة بعدما ظُهِّر الأمر وكأن عدوان لم يُرِد إنصاف العسكريين في هذه الظروف بالذات، من دون أن يفهم أحدٌ قبل ذلك أن الهدف الأساسي من كلّ هذه البلبلة بالنسبة الى بري هو تثبيت التشريع لا أكثر على أن تأتي السلسلة المُنصِفة في مرحلة لاحقة”.
مدخل مقنّع للتمديد؟
إذاً، بعد أكثر من خمسة أشهر على غياب التشريع عن مجلس النواب، أفلح برّي في إعادته الى دوره الطبيعي تحت مظلة “تشريع الضرورة” التي لا يبدو أن هناك خشيةً فعلية من تحوّلها الى عرفٍ طالما أن معظم النواب باتوا يقنعون أنفسهم ومن حولهم بأن التمديد لهم ولزملائهم هو تشريعٌ استثنائي أيضًا لا يقلّ أهمية عن “السلسلة” واليوروبوند وتسليح الجيش. وبناءً على هذه القناعة، يعلم مؤمّنو نصاب جلسة الأمس أن “همروجة” السلسلة ليست سوى مدخل “مقنّع” للتمديد إن لم يكن من باب “المقايضة” التي يرفضها الجميع علنًا وعلى رأسهم برّي فحتمًا من باب منح المجلس الذي كان مشلولاً شرعيّة التشريع في غياب رئيس يبدو أن قصّته طويلة حتى بعد وقوع التمديد.

  • شارك الخبر