hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ناصر زيدان

لبنان: تهديدات خطيرة للإنتظام العام

الإثنين ١٥ أيلول ٢٠١٤ - 07:22

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

ارخت مواقف وتصريحات وجولات قيادات لبنانية اساسية بعض الاجواء الايجابية على مساحة التلبُّد السياسي في لبنان، ولكن مستوى التحديات يتعاظم مع دخول عوامل سلبية جديدة، تُضاف الى المُعطيات الموجودة التي يتخبَّط بها وطن الارز.
تصريحات القيادات الروحية كافة تحضُّ على التعاون والشراكة، وخطابات القيادات السياسية تُنبِّه من مخاطر الانزلاق الى الفتنة، وتؤكد على دعم الجيش. ذلك كان موقف الرئيس سعد الحريري بعد احداث الخطف في البقاع، وفي ذات السياق جاءت مواقف النائب وليد جنبلاط في جولته الاخيرة على منطقة العرقوب والبقاع الجنوبي، وخطاب السيد حسن نصرالله حمل تطمينات كبيرة، وتميَّز بهدوءٍ وواقعية، وفرقاء النزاع المُختلفين على انتخاب رئيس جديد للجمهورية يتحاورون يومياً في اروقةِ مجلس النواب على ملفاتٍ حياتية مُلحَّة، وقد يُفضي حوارهم الى اقرار سلسلة الرتب والرواتب، واصدار تشريعات مالية، تُنقذ مؤسسات الدولة من الإنسداد القانوني الذي يواجه مجموعة من الاستحقاقات المُلحَّة.
يكاد الحراك المُتفلِّت الذي تقوم به بعض المجموعات من المواطنيين - والذي يستهدف قطع بعض الطرقات الرئيسية، ويُقفل ابواب مؤسسات حيوية في البلاد – ان يَخرُج عن السيطرة، ويكاد يُهدد الانتظام العام في الدولة.
من حق اهالي العسكريين - الَّذين اختطفتهم داعش وجبهة النصرة من عرسال الشهر الماضي - ان يتحركوا من اجل الافراج عن ابنائهم، ومشاعر الابوة والامومة والاخوة عند هؤلاء لايُدركها الاَّ من وقع في مثل تلك المُعصية الصعبة، خصوصاً في مثل هذه الاجواء القاسية التي لم يسبُق لها مثيل، عنيت تهديد الخاطفين بذبح الاسرى. ولو كان الخاطفون يتحلون بمشاعر انسانية لما اقدموا بالاساس على خطف الجنود، وهؤلاء الجنود كانت مهمتهم الاساسية حماية النازحين السوريين في عرسال وجوارها، وتأمين مقومات الحياة لهم. والخاطفون يحضُّون الاهالي على قطع الطُرق وتعطيل الحياة العامة في لبنان للضغط على الدولة، ويتلاعبون بمشاعرهم وعواطفهم الانسانية، من دون ان يُقدِّم هؤلاء الخاطفين مطالب مُحددة للدولة مقابل الافراج عن الرهائن.
القيادات اللبنانية بمُعظمها ابدت الاستعداد للتفاوض مع الخاطفين، لدرجة الموافقة على التبادُل مع ارهابيين موقوفين او محكومين في سجن رومية، يبقى على الحكومة ومجلس النوب الاتفاق على قوننة التبادُل، الا ان الوتيرة التي يعمل وفقها الخاطفون تهدف الى الابتزاز لتعطيل الدولة، واحداث البلبلة والاضطراب، واستهداف الجيش، وبرز ذلك من خلال بعض العلمليات ضد جنود الجيش على الطرقات من قبل عناصر مُرتبطة بالمجموعات الخاطفة للعسكريين.
السؤال الذي يطرح نفسه في الاوساط السياسية والشعبية اللبنانية. هل المطلوب ثمن مُحدد يُدفع للخاطفين مقابل الافراج عن العسكريين؟ ام المطلوب ارباك الدولة وشلّ البلاد، واغراق الساحة اللبنانية بالفوضى، وسط الفوضى التي تسود المنطقة العربية المُحيطة برُمتها؟
اهالي العسكريين المُحقين في المطالبة بالافراج عن ابنائهم، مُطالبون هم ايضاً بأن لا يقوموا بأعمال قد تُعقِّد مصير ابنائهم، او تُشكل خطر على حياتهم، من خلال مطالبة الدولة بالمُسارعة والتهوُّر الذي قد لا يفيد القضية الانسانية. فالعملية العسكرية الواسعة على جرود عرسال ربما تُعرض حياة المُختطفين للخطر، اما فتح ابواب سجن رومية من دون حسابات قانونية، ومن دون تأكيدات جدِّية على نوايا الخاطفين، يمكن ان تأتي بنتائج معكوسة ليست لمصلحة الاسرى.
ويترافق مع ظاهرة قطع الطُرق من قبل اهالي العسكريين، مظاهر تفلُّت أُخرى تُهدد الانتظام العام. فالمُياومون العاملون في مؤسسة كهرباء لبنان يتعرَّضون يومياً لأهم طريق حيوي في البلاد، ويقطعون جادة الدورة، منفذ بيروت الشمالي. والَّذين يعترضون على انقطاع التيار الكهربائي يعمدون الى اشعال الاطارات على طرقات رئيسة في بعض المناطق، كما ان الَّذين يرغبون في التضامن مع الجيش تأييدأ، يقومون بذلك على الطرقات، ويحجزون المواطنيين ساعات في سياراتهم. اضافةً الى كل ذلك، فإن الحرب الباردة القائمة بين بعض المجموعات السياسية ( او المذهبية ) تحصل على الطرقات الرئيسية، فتعمد كل من هذه المجموعات الى قطع الطُرق بالاطارات في وجه المجموعات الأُخرى عند كُلِ حدث.
يشعُر المُراقبون ان الانتظام العام في لبنان مُهدد على شاكلةٍ واسعة، وتكاد بعض الاعمال ان تخرُج عن السيطرة، لاسيما في حالة الضائقة التي يعيشها المواطنون من جراء الانطباق الاقتصادي الخانق على مصالحهم المالية المُهددة.
والانتظام العام هو العامود الفقري لإستقرار الدولة، فإذا ما تعرَّض هذا الانتظام للخطر، فقدت البلاد المناعة التي تحميها في مواجهة الازمات المُتعددة، وبالتالي يمكن لفقدان المناعة الوطنية ان يحمل مصاعب لا يُمكن مواجهتها، لكون الطريق الوحيد لمواجهة المخاطر الوطنية هو الدولة ومؤسساتها الامنية والمدنية، وفي مُقدمتها الجيش.
المعلومات المتوافرة عند اوساط سياسية نافذة لا ترى ان الاوضاع مُقبلة على الانفلات في لبنان، ولكن امكانيات الانزلاق الى مهالك الفوضى قائمة، اذا لم يستدرك المواطنون بالدرجة الاولى ان غرق المركب يُصيب الجميع. والمسؤولون السياسيون الَّذين يتخذون المواقف التي تُساهم في مفاقمة التوتر، ربما سيدفعون اكثر من غيرهم ثمن الفوضى.
    

  • شارك الخبر