hit counter script

مقالات مختارة - سامح راشد

تخذلهم واشنطن فتضحك طهران

الإثنين ١٥ أيلول ٢٠١٤ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

العربي الجديد

مريبٌ أمر سقوط صنعاء، عاصمة اليمن السعيد، بين أيدي الحوثيين في ساعات قليلة، تماماً كسقوط الموصل في العراق بين أيدي الداعشيين. في الحالتين، حدث تخاذل مفضوح من قيادات أمنية وعسكرية، أدى إلى انسحابٍ مهين للقوات الحكومية، وخضوع مؤسسات حيوية ومنشآت عسكرية ومقار سيادية لسيطرة حوثي اليمن وبغدادي العراق. وبقدر ما كان السقوط مريباً، كان الصمت العربي غريباً.

إذ ليس من المتصور، ولا المقبول، أن تكون الدول العربية، خصوصاً المحورية منها، بعيدةً عما يجري في اليمن، أو العراق. فضلاً عن أن بوادر التحرش المسلح استمرت أسابيع قبل سقوط صنعاء، وكذلك الموصل قبلها. يمكن فهم عدم التحرك العربي لاستباق توحش داعش في العراق، على خلفية الموقف من نوري المالكي الذي أفسحت طائفيته الفجّة طريقاً لداعش، سارت فيه بين رضا قبائل وعشائر الداخل العراقي وشماتة الخارج العربي. هذا الموقف العربي، على الرغم من أن سَمته الطائفي، لم يشمل إدانةً، أو حتى إشارة للميليشيات الشيعية المسلحة التي طالما عاثت في العراق ذبحاً وتقتيلاً على الهوية.

بل سكت العرب عن الحشد الطائفي الشيعي المسلح، ثم التدخل الإيراني المباشر في القتال ضد داعش. في اليمن، وقف العرب يتفرجون على قوات الحوثي، وهي تزحف نحو صنعاء، وتجتاح، في طريقها، كل محاولات تعطيلها ميدانياً، أو تسوية الموقف سياسياً.

لم يكن العرب وحدهم في هذا الموقف السلبي، فالقوى الكبرى، أيضاً، كانت تتابع عن كثب، وبالتفصيل، مراحل تقدم داعش، وتنقلها جيئة وذهاباً بين العراق وسورية، وتقدم الحوثيين على عدة محاور ثم حصار صنعاء حتى اقتحامها. إلا أن التواطؤ الغربي ليس جديداً، والتفاهمات الإيرانية الأميركية تبدو أعمق وأوسع كثيراً مما يظهر منها.

ومنطق الغرب واضح في الضغط على طهران، لإزاحة المالكي مقابل توحيد الصفوف العربية وراء واشنطن في حربها الهوليودية على داعش. لكن، من غير المفهوم أن يقبل العرب استنساخ المالكي في آخر أقل طائفيةً، أو ربما فقط أقل فجاجة. والانسياق وراء واشنطن في حرب غير مبررة، ضد تنظيمٍ نما وترعرع تحت سمع واشنطن وبصرها، وبأيدي حلفائها. وعندما يقتضي خوض تلك الحرب تنسيقاً مع النظام السوري، أي مع إيران، ثم تتجاذب طهران وواشنطن شروط الشراكة ضد داعش وعروضها. تكون المحصلة النهائية أن العرب يصطفون مع واشنطن وإيران وسورية، في مواجهة خطر أقل كثيراً مما يشاع عنه.

الوضع في اليمن أكثر سوءاً، فبغض النظر عن وضعٍ ميدانيٍّ، لم يعد للدولة فيه وجود، الحاصل سياسياً أن الحوثيين أصبحوا رقماً فرض نفسه بالقوة المسلحة على المعادلة السياسية. وجاء اتفاق التسوية ليقنن هذا الوضع بسرعة لافتة. ليقف اليمن، حالياً، على أول طريق لبنان، توازن سياسي هش، يملك فيه كل طرف عرقلة الحياة السياسية، وتعطيل الدولة. وحصل الحوثيون بذلك على وضع "المعطل" الذي دفع حزب الله في لبنان من أجله مواجهات مستمرة مع أطياف داخلية، وعداوات خارجية، ضمت إلى جانب إسرائيل عرباً، هم أنفسهم الذين منحوا الحوثيين تلك الوضعية في اليمن، من دون مقابل واضح، ربما سوى تحجيم وتصفية خصوم مشتركين (الإخوان والقاعدة).

اللافت أن الدول راعية المبادرة الخليجية لم تحرك ساكناً، والمبادرة تنهار، والمعادلة تنقلب رأساً على عقب، بل هناك أقاويل حول أدوار خليجية فيما آل إليه حال اليمن السعيد. أما حال الجزيرة العربية ككل، فقد صارت مطوقة إيرانياً، مظلة في الشمال من العراق إلى لبنان، وفي خاصرتها الجنوبية خنجر في غمد اليمن.

وسواء أكان هذا الاصطفاف العربي مع إيران نتاج تفاهمات معها، بضمانات أميركية، أو جزءاً من عملية متكاملة لتصفية التنظيمات الإسلامية إقليمياً وتجفيف منابع الإسلام السياسي في المنطقة، سيدفع العرب، الخليجيون خصوصاً، ثمن ذلك الاصطفاف بعد فوات الأوان، وقت تخذلهم واشنطن، وتضحك منهم طهران 

  • شارك الخبر