السفير

لم تعد مشكلة عقاب صقر أن ناخبيه بالكاد يتذكّرون ملامح وجهه. أزمته الحقيقية أن زملاءه في «تيار المستقبل» نسوا وجوده أصلا. لا مشكلة ربما، إذا كان التواصل يتمّ مع الأصيل.
نائب زحلة سبق له أن ترشّح بوجه الرئيس نبيه بري في أعقاب انتخابات 2009 النيابية، فما الذي سيمنع صديق لؤي المقداد اليوم من تقديم ترشيحه؟ هذا ما حصل فعلا، وبايعاز مباشر من الرئيس سعد الحريري.
هكذا انتخابات، تستأهل هكذا ترشيحات.
تبقى التفاصيل. هل سيخوض الانتخابات، إن حصلت، من بلجيكا؟ أم من باريس؟ أم من الرقة؟ أم من بيت الوسط؟... الخطوة بحدّ ذاتها صادمة. حتى النائب عصام صوايا «الشبح» الجزيني، الغائب عن السمع والنظر، لم يفعلها. مع أن الأخير لم يدر، على الأرجح، ماذا كان يحدث في سوريا على مدى ثلاث سنوات، وبأن جزين نفسها قد تصبح يوما ملعبا لـ«داعش»!
«قائد غرفة عمليات الثورة السورية»، كما وصفه سابقا قائد «الجيش السوري الحرّ» رياض الأسعد، لا يعترف أبدا بالخسارة، حتى لو نصّبته حملة «البطانيات والحليب» نائبا عن «ثوار الشام». هذا شيء، ونيابة زحلة شيء آخر.
بالمحصّلة، كثر رأوا في هذا الترشيح الاستفزازي رسالة سلبية من «الشيخ سعد» الى من ينتظر تلميحا من زعيم «التيار الأزرق» لسلوك درب كسر الحواجز وإقامة التفاهمات الممكنة بين الأخصام.
ترشيحات لنواب مرضى. ترشيحات زكزكة لا أكثر. ترشيحات من أهل البيت، وحتى من غرف النوم. نواب ترشّحوا مجددا الى النيابة بعد أن سطّروا «إنجازات نوعية» على المستوى العائلي. هذه عينة فقط من البازار المفتوح، وليس كلّها.
طرابلس التي كادت تخرج عن سيطرة الدولة والجيش، لا يزال «المغامر» سامر سعادة يترشّح عن مقعدها الماروني الصوري. في عزّ حملة تهجير المسيحيين في المنطقة، نجل جورج سعادة يعتمد استراتيجية مختلفة في دفع الطرابلسيين الموارنة الى البقاء في منطقة النزاع، وعدم النزوح.. وإن كانت عينه على مقعد البترون.
سليمان فرنجية متمسّك بسليم كرم ولا أحد يعرف لماذا. سجّله الوزاري السابق لم يكن ناجحا. في جعبة بعض أعضاء حكومة نجيب ميقاتي السابقة اعترافات كثيرة بهذا الشأن.
عام 2009 كاد ميشال معوّض أن يطيح بسليم كرم، حيث حال 922 صوتا بينه وبين دخول البرلمان. مع ذلك، «البيك الكبير» الذي نأى بنفسه هذه المرة عن الانتخابات مرشّحا ابنه طوني، أبقى على كرم ضمن اللائحة الثلاثية.
وفي مقابل هذا النوع من الترشيحات الفاقعة، كان البعض يعلن الاستسلام. في كرنفال التمديد الأول قدّم 706 مرشّحين أوراقهم للوزارة. في مهرجان التمديد الثاني انخفض العدد الى 514. أحمد شداد، «عنتر» الزهراني، الذي سحب لقمة التزكية من فمّ الرئيس نبيه بري العام الماضي، لم يشارك في سيرك الترشيحات هذه المرة.
ابن حارة صيدا، هو واحد من الذين ملّوا من روتين اللعبة، فمنح قضاء الزهراني شيك التزكية على بياض، ولو شكلا فقط، بما أن الانتخابات مؤجّلة حتى إشعار آخر.
... ومعين المرعبي انكفأ أيضا، انسجاما مع إنذاره السابق بأنه زاهد بنيابة لا يراها أصلا. هذا لا يمنع أن يبقى نائب عكار «الصوت الصارخ» دفاعا عن أهل السنّة، حتى من دون لوحة زرقاء. خالد الضاهر سيتكفّل، على الأرجح، بتعبئة فراغ مقاعد «الثوار» في مجلس النواب.
ترشيحه يشبه مؤتمره الصحافي الأخير. دكانة نيابية «فاتحة على حسابها» لا تلتزم بسقف «الكتلة» ولا خطوط الحريري الحمر. «قائد جبهة» الحرب على مخابرات الجيش يطلب تجديد البيعة لخطابه الفتنوي.. شاء «الشيخ سعد» أم لم يشأ.
وفي الجولة الثانية من الانتخابات الافتراضية، التي تسبق التمديد المحتّم، تقدّم تسعة وزراء في الحكومة الحالية بترشيحاتهم. كان أبرزها تلك المحسوبة على فريق فصل النيابة عن الوزارة. لا أحد يعلم فعليا، لو جرت الانتخابات غدا، ماذا سيفعل ميشال عون في ما لو فاز جبران باسيل في البترون والياس أبو صعب في المتن. الأول «وراها وراها والزمن طويل». الثاني توقّع النيابة، فأتته الوزارة، لكن يبقى لساحة النجمة بريقها الخاص.
نهاد المشنوق الناعي الرسمي الأول للانتخابات يتقدّم بترشيحه. هذا متوقّع، كما ترشيح أشرف ريفي، ووائل أبو فاعور، وعلي حسن خليل... ما ليس متوقعا أن لا يفعلها سجعان القزي تاركا لـ26 مرشّحا على خمسة مقاعد مارونية في كسروان أن يتنافسوا افتراضيا ويخوضوا حربا ليست في بال أحد في الجمهورية.
المفاجأة الكبرى في رئيس الحكومة نفسه. سبق لتمام سلام في نيسان من العام الماضي، وكان لا يزال رئيسا مكلّفا، أن أعلن أنه لن يترشّح للانتخابات النيابية، متمنّيا أن تكون حكومته كلها غير مرشّحة، بما أنها ستكون حكومة الاشراف على الانتخابات. الواقع لا يزال كما هو. فريق عمل «تمام بيك» مولج بمواكبة هذا الاستحقاق عاجلا أم آجلا، لكن «دولته» غيّر رأيه. نيابة المصيطبة فوق كل اعتبار.