hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - واصف عواضة

الفراغ أرحم من التمديد لمجلس نيابي معطل

السبت ١٥ أيلول ٢٠١٤ - 06:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

 

يخشى الرئيس سعد الحريري من السقوط في الفراغ، معلناً في الوقت نفسه إحجامه عن خوض الانتخابات النيابية قبل الانتخابات الرئاسية، وهو يعرف في قرارة نفسه أن البلد والفراغ صنوان منذ زمن. بلد بلا رئيس للدولة منذ أربعة أشهر. مجلس نيابي لا يجتمع، وإذا اجتمع فبشق النَفَس ومن دون جدوى. حكومة تحتاج قراراتها الى توقيع جميع الوزراء من دون استثناء، وقد تحتاج غداً الى توقيع أربعة ملايين لبناني. إدارات رسمية تعمل بقوة الاستمرار فلا تلبي احتياجات الناس كما يجب. بلد شبه معطَّل بأمه وأبيه. فإذا لم يكن هذا هو الفراغ، فكيف يكون الفراغ إذن؟
لعل الرئيس الحريري، كمغترب منذ سنين، لا يسمع حقيقة مواقف الناس في أحوال البلد، ومشاعرهم تجاه الطبقة السياسية، بعضهم في العلن، والبعض الآخر في المجالس أو خلف الأبواب المغلقة. ثمة جو من الكآبة واليأس والإحباط يكاد يسيطر على العامة، لولا فسحة أمل ضيقة جداً تفرضها إرادة الحياة بالغريزة، وليس بالرؤية المنطقية للأمور.
تقول الأرقام يا دولة الرئيس إن البلد يجنح نحو الكارثة في كل المجالات بشكل لم يسبق له مثيل، بسبب الوضع السياسي الذي لا يشبه شيئاً إلا الفراغ. في الأمن، في الاقتصاد، في الخدمات، في التربية، في قضية النازحين السوريين التي تهدّد البلد في استقراره ومستقبله، في شهوات «داعش» وأخواتها التي لم يصدق البعض حتى الآن أنها تشكل خطراً وجودياً حقيقياً. ومع ذلك ثمة من يريد التمديد لمجلس نيابي معطل ظناً منه أن الفراغ النيابي هو الكارثة.
صحيح أن لبنان بلا مجلس نيابي هو الفراغ الحقيقي الذي ينطبق عليه هذا الوصف الشرعي، لأن السلطات الأخرى لها بدائلها الدستورية وتُلحظ في خانة الشغور المؤقت، من رئاسة الجمهورية التي تتولى الحكومة مجتمعة صلاحياتها، ومن الحكومة التي تقوم بتصريف الأعمال في حال الاستقالة. إلا أنه من حق الناس أن تسأل: ما هو الفرق بين الفراغ ومجلس نيابي لا يجتمع ولا يشرع؟ ألا يوفر الفراغ على خزينة الدولة والمال العام الذي ينتزع من جلد المواطنين، أكثر من أربعمئة مليار ليرة سنوياً؟ أوليس الفراغ أرحم من التمديد لمجلس نيابي معطل؟
في رأي الناس أن التمديد في ظل الواقع الراهن، هو تمديد للفراغ المحكوم بإرادة القوى السياسية. لعل وعسى أن يشكل هذا الفراغ صدمة إيجابية توقظ أهل الحل والربط من هذا السبات العميق، في وقت يسعى كل من حولنا الى حماية وصون ما تبقى لهم من أوطان، وحريٌّ بنا أن نصون بلدنا على قاعدة «مَن شابه قومه فما ظلم».
قد تكون الانتخابات النيابية قبل الرئاسية معطلاً للحكومة التي تعتبر عندها في حكم المستقيلة. هذا صحيح، ولكن الأصح أن التمديد سيقود البلد الى حالة من الركود القاتل الذي لا يغير من المعطيات القائمة شيئاً، بل يزيد الاوضاع تعقيداً. وعليه ثمة من يراهن على الفراغ النيابي مستنداً الى المادة 74 من الدستور التي تنص على دعوة الهيئات الناخبة فوراً في حال الشغور الرئاسي. عندها يمكن للقوى السياسية أن تفيق من سباتها لإبرام صفقة متكاملة تنتج مجلساً نيايباً جديداً ورئيساً جديداً وحكومة جديدة، على قاعدة «لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».

  • شارك الخبر