hit counter script

أخبار اقتصادية ومالية

"فضيحة" خطوط النقل غير المطابقة للمواصفات تعطّل محوّل الـ 66 في "الزهراني"

الجمعة ١٥ أيلول ٢٠١٤ - 08:51

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

منذ ان باشر الرئيس الشهيد رفيق الحريري اواسط التسيعينات السعي الحثيث لإنشاء معملين جديدين لتوليد الطاقة الكهربائية في دير عمار والزهراني، استبشر اللبنانيون حينها خيرا بأن ازمة التقنين التي عانوا تداعياتها المعيشية طيلة عقود خلت قبل ذلك التاريخ، ستبدأ بالانفراج مع كل لبنة كانت توضع في هاتين المنشآتين الحيويتين.

وكاد التفاؤل بطي صفحة العتمة الى غير رجعة ان يلامس الواقع بعد انجاز المعملين ووضعهما في الخدمة بكامل طاقتهما ابتداء من العام 2001 ، حتى ان وزير الطاقة والمياه انذاك محمد عبد الحميد بيضون وخلال تدشينه المجموعة البخارية العاملة وفق نظام الدارة المختلطة في معمل الزهراني وشبكة الربط الـ220 كيلوفولت بين المعمل ومحطتي عرمون وصور اعلن حينها أن معاناة اللبنانيين مع التقنين ستنتهي مع نهاية العام 2001 وأن العام 2002 لن يشهد تقنيناً في التيار الكهربائي.

لكن لم يكد اللبنانيون ينعمون ببعض نعيم هذا الانجاز، حتى بدأت تلك الآمال بالتلاشي بسبب التراجع المستمر في انتاجية هذا القطاع وبسبب ما احاط، ولا يزال يحيط، باداء وزارة الوصاية وادارة الكهرباء في لبنان من روائح فساد وهدر وصفقات وسمسرات بلغت ذروتها ، توالي فضائح مؤسسة كهرباء لبنان وتصاعد روائح الهدر والفساد من اقسامها ومرافقها ، وتحولت معامل الانتاج الى عبء على الدولة بعدما كان يفترض ان تساهم في التخفيف من اعباء كثيرة يرتبها على كاهلها قطاع الكهرباء.

ما هي قصة الأعطال المتكررة والمكررة في معمل الزهراني اليوم؟.

تم انشاء وتجهيز معمل الزهراني لصالح الدولة اللبنانية عبر وزارة الطاقة (الموارد المائية والكهربائية سابقا) من قبل المتعهد تحالف ANSALDO/SIEMENS . وقدرت كلفته حينها بنحو 282.4 مليون دولار، وهو يتألف من ثلاث مجموعات: اثنتان غازيتان وواحدة بخارية . وتبلغ طاقته الاجمالية 450 ميغاوات، بينما تتراوح طاقته الفعلية في حالته التشغيلية الكاملة ما بين 420 ميغاوات. اذ يذهب الباقي لتشغيل المراوح واجهزة التبريد..

وبحسب مصادر فنية في المعمل، فان تقنية الدارة المختلطة تسمح بانتاج الطائقة الكهربائية باسطة استعمال مادة المازوت او الغاز اويل كوقود يحرق في مجموعتين غازيتين واستعمال الطاقة الحرارية الناتجة عنهما في مجموعة بخارية ثالثة دون تكلفة محروقات. وان استعمال الطاقة الحرارية هذه تؤمن وفرا في المحروقات بنحو نسبة 30 في المئة مقارنة مع معمل حراري تقليدي بقدرة انتاج مماثلة. واذا كانت مؤسسة كهرباء لبنان هي التي تتولى شكلا ادارة المعمل، فان التشغيل والصيانة الذين تلتزمهما الشركة الماليزية، يتمان من خلال ثلاث شركات اخرى احداها تعود لرجل اعمال من المنطقة من آل خليفة والثانية لآخر من آل جابر وكلاهما شركاء مع سياسيين نافذين تابعين لأحد التنظيمات الرئيسة في المنطقة. وقد سبق وخضعت مجموعات المعمل الثلاث مرات عدة منذ تأسيسه لأعمال صيانة وتأهيل وشراء قطع غيار من الخارج كلفت الدولة مبالغ طائلة.

ويتالف فريق العمل في معمل الزهراني من 18 موظفا اساسيين و130 موظفا وعاملا متعاقدين مع الشركة المشغلة وشركائها في الباطن. ويحتفظ معمل الزهراني بمخزون كاف من مادة المازوت المشغلة لمجموعتيه الغازيتين في خمس خزانات يسع كل منها لـ25 الف ليتر، ويتم تمرير المازوت ببركة للتكرير والفلترة قبل ضخها الى المجموعات العاملة. بينما تنتظم الى المعمل كل فترة رحلات بواخر تجارية محملة بالمازوت او الفيول لصالح المعمل او لصالح معامل اخرى كبعلبك مثلا الذي يتم نقل الوقود اليه برا من الزهراني بواسطة الصهاريج. وكان آخر تلك البواخر واحدة افرغت حمولتها فجر الخميس.

وتتم عملة التغذية من معمل الزهراني عن طريق الشبكة الرئيسية عبر تزويد قسم التوزيع المركزي بالطاقة ومن هناك يعاد توزيع طاقة المعمل مع ما ياتي من المعامل الأخرى الى محطات الكهرباء الرئيسة في المناطق لإنارتها .. ووفق اوساط جنوبية مطلعة فانه ورغم ان المعمل يقع في منطقة الجنوب لا يستفيد الجنوبيون من موقع معمل الزهراني كون الطاقة التي ينتجها تذهب الى المركز الرئيس ويعاد توزيعها بحيث يفترض ان تنال حصتها كما بقية المناطق لكن الواقع مغاير لذلك، بل اكثر من ذلك انها تنال حصتها كاملة من «التعتيم» اذا ما اصاب المعمل او اي معمل آخر عطلا طارئا.

وفي هذا الاطار، تؤكد هذه المصادر انه لا مشكلة تقنية او تشغيلية حاليا في معمل الزهراني، وان كامل مجموعاته تعمل بشكل طبيعي، وانما المشكلة في ادارة نقل الكهرباء من المعمل واعادة توزيعها، وفي محول الزهراني الرئيسي الذي كان يفترض ان يعمل بشكل طبيعي منذ عشرة ايام لولا «فضيحة« خطوط النقل غير المطابقة للمواصفات التي تم ربط المحول بها وادت الى تعطله مجددا واستغرق اصلاحها اسبوعا اخر، ورغم ذلك لم يستفد اللبنانيون من طاقة الزهراني كاملة بسبب ما اثير عن ارتدادات للطاقة على الشبكة حينا وسوء توزيع التيار من المركز الرئيسي حينا اخر.

وبحسب المصادر فان المعمل ينتج 430 ميغاوات ، لكن المحول الرئيسي لا يحتمل نقل كامل الطاقة الى الشبكة والا سيصيبه ما لحق به سابقا من اعطال ونعود لندور في الدائرة نفسها. وترى هذه المصادر ان اللبناني اصبح ضائعا لا يعرف ما يجري داخل مؤسسة كهرباء لبنان، ولماذا يؤدي هذا التجاذب وتقاذف المسؤوليات بين الادارة والمياومين الى حرمانه من تأمين الطاقة لبيته ولمصالحه ولمياهه ..وبالنهاية «طلع الضرب براس المواطن «.

حاليا تعاني مختلف مناطق الجنوب ولا سيما صيدا والزهراني والنبطية وصور من تقنين قاس في التيار الكهربائي والنتيجة يتفاوت بين 3 ساعات تغذية كل ثماني ساعات قطع مداورة في النبطية، وبين 4 ساعات تغذية كل ثماني ساعات قطع في صيدا والزهراني وصور وغيرها من مناطق الجنوب. لكن هذا الأمر في جميع هذه المناطق غير ثابت بحسب العديد من رؤساء البلديات الذين اتصلنا بهم ، فلا برنامج تغذية محدد ومعلن من قبل المؤسسة، وساعات القطع تخرق حتى فترة التغذية بتقنين فوق التقنين.

واذا كانت مصادر كهرباء لبنان في الجنوب تعيد هذا التقنين الى ما اعلنته مؤسسة كهرباء لبنان تباعا من اعطال وارتدادات، بدأت قبل ستة اشهر باحتراق محول الزهراني الرئيسي (66/220 كيلوفولت ) ثم تجددت بعد اصلاحه بأعطال عدة لحقت بالمحول نفسه وبخطوط النقل المرتبطة به، ولم تنته بما شهدته الشبكة الرئيسية مؤخرا من اردادات للتيار وانفصال كلي للمعامل ..الا ان هذه الأسباب بحسب كثير من المواطنين وحتى اصحاب المصالح لم تعد مقنعة، وان ما يعلن ليس هو السبب الحقيقي للأزمة.. وان ما تعلنه مؤسسة الكهرباء في بياناتها وما تشير اليه تلميحا حينا وتصريحا احيانا عن انعكاس ما تصفه بالوضع الشاذ داخل المركز الرئيسي للمؤسسة (اعتصام المياومين ) على اداء مختلف الأقسام وانتظام التغذية بالكهرباء وما يمكن ان يؤدي بحسب بيانات المؤسسة الى تعتيم كلي، كل ذلك يوحي بأن وراء الأكمة ما وراءها وان القصة ليست قصة اعطال ولا ارتدادات، وانما قصة تعطيل لخدمات عامة وترد في اداء مؤسسة عامة.

على صعيد مدينة صيدا، علمت «المستقبل« انه لا تحسن فعليا للتغذية تأثرا بوضع الكهرباء في لبنان عموما وانه من الصعب جدا حاليا اعادة التغذية الى طبيعتها اي مع الاستثناءات (محطات وابار المياه وخط الخدمة)، وكل ما استطاعت مؤسسة الكهرباء في صيدا فعله في هذا السياق هو تأمين التغذية لسراي صيدا طيلة فترة الدوام النهاري لتمكين المنطقة التربوية من انجاز افادات الطلاب وبقية الادارات من انجاز معاملات المواطنين.

"المستقبل - رأفت نعيم"

  • شارك الخبر