تؤكد ألاخبار الميدانية التي تتوارد من عرسال صوابية الخطة الأمنية التي بدأ الجيش اللبناني بتطبيقها بعد الإشتباكات الأخيرة.
عرسال التي تشترك مع سوريا بخط حدودي طوله 50 كلم وقفت الى جانب الثوار السوريين حيث تدفق اليها معظم الفارين من منطقة القلمون جراء شدة المعارك في الجانب السوري بعد تهجيرهم من بلداتهم في حمص.
قد يبدو المشهد بسيطا: حواجز ثابتة، دوريات للجيش اللبناني تجوب المنطقة، تعزيز المواقع العسكرية وتحصينها على تخوم مدينة عرسال وجرودها تحسباً لأي طارئء.
الجيش اللبناني عمد الى فصل مدينة عرسال عن جردها حرصاً منه على المدنيين وسعياً الى الحد من حرية تحركات الارهابيين.
في الجهة المقابلة يملك المسلحون في الجرود هامش حركة في منطقة يتراوح عمقها نحو 20 كلم بين الأراضي اللبنانية والسورية. وهم لا يوفرون جهداً لتحسين أوضاعهم حيث عمدوا الى سرقة الجرافات تسهيلاً لشق طرق جديدة بديلة عن تلك التي عمد الجيش اللبناني الى قطعها.
التموين والغذاء حاضر ايضا في اهتمامات المسلحين، فسرقة رؤوس الابقار والماعز لا تقل اهمية عن سائر التحصينات. فالمقاتلون بحاجة الى قوت يومي في ظل عدم استطاعتهم التنقل بحرية مثل السابق من اجل تأمين الطعام. وشبح الجوع يظللهم.
حسناً فعل الجيش اللبناني بقرار منع صهاريج المازوت والبنزين من العبور الى الجرود، وذلك خوفاً من وقوعها بين ايدي المسلحين ولقطع الامدادات عنهم. فهم بحاجة ماسة الى المحروقات لتشغيل الجرافات والمولدات الكهربائية وحتى آلياتهم التي يتحركون بها ويستخدمونها في اشتباكاتهم.
المشهد على الشكل الآتي: الجيش السوري فصل منطقة القلمون عن الزبداني ويحاصر المسلحين من الجانب السوري. والجيش اللبناني فصل مدينة عرسال عن جرودها ولم يبقَ امام المسلحين سوى خيار قضاء فصل الشتاء في الجرود.
نحن قادمون على فصل الشتاء ومعروف ان بلدة عرسال يتراوح ارتفاعها بين 1400 و2000م وبالتالي فلياليها صعبة المناخ، وستكون قاسية على المسلحين وعاملا مؤثرا سلبياً عليهم. وسيتكفل بقتل المحاصرين في الجرود من دون اي تدفئة ومواد غذائية وحتى امدادات عسكرية.
لا يملك الارهابيون سوى الطرق البدائية للتدفئة من خلال إشعال الحطب ليلاً وذلك سيكون عامل ايجابي من ناحية اعطاء إحداثيات واضحة عن اماكن انتشارهم في الجرد حيث سيعمد الطيران الحربي السوري الى قصفهم، كما مدفعية الجيش اللبناني ستكون لهم بالمرصاد.
الجيش اللبناني قادم على إشتباكات عنيفة مع اقتراب الشتاء لأن المسلحين سيلجاؤن الى فك الخناق عنهم بالتحرك والضغط صوب مدينة عرسال مجدداً وذلك هرباً من الظروف المناخية الصعبة وسعياً وراء الطعام والحاجيات الأساسية.
أخذ الحيطة والحذر مطلوب، وخاصة من قبل عناصر الجيش اللبناني في تنقلاتهم الفردية اثناء خروجهم والتحاقهم بمراكز خدمتهم لأننا سنشهد عمليات خطف متكررة كون ذلك سيشكل الورقة الأقوى بين ايدي الإرهابيين للتخفيف من الاوضاع التي ستصبح اكثر فاكثر قاسية.
ويبقى الأهم ضرورة الإسراع في تسليح الجيش اللبناني وتأمين ما يحتاج اليه من آليات وعتاد وذخائر لتعزيز امكانات القوات البرية ورفع قدراتها كون المعركة القادمة شرسة، تفادياً لتكرار ما حصل في الجولة السابقة من الاشتباكات لأننا لا نرضى بعد اليوم باستشهاد وخسارة خيرة ابطالنا جراء نقص الذخائر.