hit counter script

أخبار محليّة

المفتى علام: لبنان بأمس الحاجة لتواصل في العلاقات وهو يتطلب مبادرات اصلاحية

الثلاثاء ١٥ أيلول ٢٠١٤ - 20:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

القى مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام في حفل تنصيب مفتي الجمهورية اللبنانية المنتخب الشيخ عبد اللطيف دريان كلمة قال فيها: "بداية نشكر لكم هذه الدعوة الكريمة، ونسأل الله تعالى ان يجعل التوفيق والنجاح والسداد حليفا لكم في امركم كله، فنحن في هذا اليوم الاغر، نحمد الله سبحانه وتعالى ان وفق هذا الشعب الطيب وعلماءه الكرام الى اختيار فضيلة الشيخ عبد اللطيف دريان لتولي منصب الافتاء في الجمهورية اللبنانية، لما له من غزير علم وفقه، ولما يمتاز به من دراية وفهم بعلوم الواقع وعلم بأصول التربية. كما اننا لا ننسى انه احد ابناء الازهر الشريف النجباء، فقد تابع دراساته العليا في الازهر الشريف، وكذلك دراساته التربوية العليا في جامعة عين شمس بالقاهرة، فهو بذلك قد تشبع بالعلم الشرعي الوسطي والمنهج الازهري الرصين، اضافة الى خبراته القضائية التي اكتسبها عبر توليه منصب قاضي بيروت، ثم رئيسا للمحاكم الشرعية السنية العليا في لبنان، ليجمع بذلك بين فضلي الافتاء والقضاء".

اضاف: "والافتاء كان ولا يزال منذ فجر التاريخ احد اهم الوسائل لنشر وتبليغ الاحكام الشرعية، ذلك ان الفتوى في طبيعتها وأصلها ما هي الا بيان لحكم الله في الوقائع، فهي بذلك تمثيل للمنصب الذي تولاه الله بنفسه، كما في قوله عز وجل "يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة" (النساء: 176)، والمفتي خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقتضى قيامه صلى الله عليه وسلم بوظيفة البيان، قال تعالى" وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون" (النحل: 44) فالمفتي موقع عن رب العالمين في هذه المهمة الجليلة. ومن ثم جاءت ضرورة الفتوى في الاسلام فهي حلقة الوصل بين احكام الشريعة من جهة والناس من جهة اخرى، وذلك لاقامة الناس في امور معاشهم ومعادهم وفق احكام الشريعة، وفي ذلك تحصيل الخير لهم، فالشريعة كما بين اهل العلم ما جاءت الا لتحصيل المنافع والمصالح للبشر".

وتابع: "واني في هذا المقام اتوجه الى اخي فضيلة الشيخ عبد اللطيف دريان مفتي الجمهورية الجديد لاقول له:" انك اليوم حملت على عاتقك مهمة شاقة ومسؤولية عظيمة، ذات اهداف عدة يأتي في مقدمتها جمع الصف اللبناني، ونشر الاعتدال والتعايش بين ابناء الشعب اللبناني بمختلف طوائفه، وكذلك نبذ التطرف والارهاب الذي يتخذ من الدين مطية له في ظل ما تشهده المنطقة من انتشار لجماعات ارهابية تستغل حماس الشباب وتدفعهم باسم الجهاد والخلافة الاسلامية الى تدمير اوطاننا وتشويه صورة الاسلام السمحة".

واردف: "ايها اللبنانيون ان لبنان وشعبه في وجدان المصريين جميعا واعلموا ان الاوطان لا تشاد الا على اسس من الحق، ولا ترتفع وتدوم الا بدعائم من الاخلاق السامية، واسلامنا هو الذي علمنا بلسان نبيه الاكرم محمد صلوات الله عليه ان "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده"، ففتح بهذا قلوبنا على الناس، واليوم لبنان الشقيق في امس الحاجة الى تحقيق تواصل وتفاهم اكبر في العلاقات الاسلامية - الاسلامية، والاسلامية - المسيحية، وهو الامر الذي يتطلب فكرا ومبادرات اصلاحية كبرى، اضافة الى الحاجة الى تعزيز ثقة المجتمع الاسلامي والوطني والعربي، انها المهام الكبرى الضرورية للاوطان والاديان معا".

وقال: "اننا في عالمنا العربي والاسلامي بل والانساني نواجه اخطارا محدقة وتحديات جمة تكاد تعصف بالاخضر واليابس، ومن واجبنا اليوم وواجب الامة التصدي لهذه الاخطار بكل الوسائل الثقافية والفكرية والفقهية، وهي مسؤولية وطنية، لان هذا الخطر لا يطال مذهبا بعينه او فئة من المسلمين او منطقة بعينها، انما يطال كل المسلمين والمسيحيين، بل والناس جميعا، لذلك نحن نعتقد ان مواجهة هذا الفكر وكشف زيفه وانحرافه هو من واجب الامة على امتداد العالم الاسلامي، واننا نكاد نجزم بأنه قد يصل الى حد استحالة القضاء على التطرف والغلو والتكفير دون تفعيل دور المؤسسة الدينية، وذلك بغية تربية الناس على الفكر المعتدل الوسطي وتنشئتهم على روح الاسلام المرتبط بالاصل والمتصل بالعصر".

اضاف: "اليوم ينتظر المؤسسة الدينية العديد من الادوار والوظائف التي لا بد من الاضطلاع بها، تأتي في مقدمتها قضية الخطاب الديني التي تستحوذ على الاهمية الكبرى في العصر الحاضر، نظرا لما يرتبط بهذا الخطاب من التباس، وبما اكتنفه من غموض اخرجه احيانا عن جادة الصواب من قبل فريق استغل قضية التجديد كوسيلة للعبث بأصول الاسلام وتغيير ثوابته والتطاول عليها، اضافة الى امور الدعوة، ونشر القيم وترسيخ المبادىء لدى الفرد المسلم والتعريف بحقيقة الاسلام وسماحته لدى غير المسلمين، والازهر الشريف هو رأس الحربة والذي يتكسر على صخوره كل فكر معوج".

وتابع:" ومن ناحية اخرى، تأتي اهمية التعاون بين المؤسسات الافتائية في الدول الاسلامية لاجل التعرف على المشكلات والقضايا المستجدة في عالم الافتاء المعاصرة، ومن ثم محاولة وضع الحلول الناجعة وخاصة ما يتعلق منها بمعرفة المخرج الشرعي الصحيح من الاضطراب الواقع في عالم الافتاء، مستفيدين من ذلك بما قعده اهل العلم من ضوابط وقواعد زخرت بها كتب الاصول والفقه والفتاوى. ومن هذا المنطلق فنحن في دار الافتاء المصرية على اتم الاستعداد للعمل والتعاون مع اخواننا في دار الفتوى بلبنان فيما يتعلق بمجال التدريب على كيفية القيام بمهام الافتاء وتبادل الخبرات في المجالات المختلفة والتعاون في مجال البحوث والدراسات المتعلقة بحفظ التراث الاسلامي واحيائه وتحقيقه ونشره، وايضا تنظيم لقاءات دورية بين العلماء والباحثين في العلوم الاسلامية لمواجهة مختلف القضايا والمستجدات من خلال الاصالة والمعاصرة".

وختم: "فاللهم ارشدنا الى الصواب، ووفقنا الى ما تحب وترضى، وثبت افئدتنا على حب الايمان والعمل الصالح، وسدد خطانا وتقبل منا صالح اعمالنا، وافتح علينا فتوح العارفين بك أمين وصلاة وسلاما على المرسلين والحمد لله رب العالمين".
 

  • شارك الخبر