hit counter script
شريط الأحداث

أخبار اقتصادية ومالية

طفرة الغاز الصخري في السعودية تغير مسار قطاع الطاقة

الإثنين ١٥ أيلول ٢٠١٤ - 08:32

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كشف وزير النفط السعودي المهندس علي النعيمي في آذار 2013 عن خطط لحفر 7 آبار اختبارية لاستخراج الغاز الصخري، كجزء من برنامج لتطوير احتياطيات النفط والغاز غير التقليدية في المملكة. ويأتي هذا الإعلان في وقت يتحدث فيه جميع خبراء الطاقة والأعمال عن طفرة موارد النفط والغاز غير التقليدية في الولايات المتحدة، واليوم نرى أن الانتقال والسعي لتطوير استخدامات هذه الموارد في بلد يشتهر باحتياطياته من النفط والغاز التقليدي خطوة غير معتادة. ولكن بمزيد من التحليل، يمكن أن ننظر إلى تطوير الشبكة الوطنية للغاز الصخري باعتباره خطوة استراتيجية للحكومة السعودية لدفع النمو الاقتصادي للبلاد وتأمين فرص العمل والعائدات المستمرة في المستقبل.
ورغم أن الغاز الصخري يكتسب اهتماما متزايدا من الرأي العام نظرا للتطور الذي تشهده احتياطيات الولايات المتحدة، فإن القليل منهم يدرك تماما ما ينطوي عليه هذا المسار في الواقع. وبما أن جيوب الغاز الطبيعي تتواجد في الصخور الرسوبية الكثيفة، فإن استخراج الغاز الصخري يعد من الأعمال التجارية المعقدة التي تنطوي على دراسات مكثفة للجيولوجيا وطبيعة الأرض، وأنظمة استخراج متقدمة، وبنية تحتية متطورة ذات استخدامات متعددة. ويعتمد قطاع تطوير الغاز الصخري، كما هو الحال في الطاقة النووية والمتجددة، على توافر الموارد والدعم المالي والمواهب الماهرة.
وتبدو الأخبار في هذا الصدد جيدة بالنسبة للمملكة العربية السعودية، حيث توقع وزير النفط وجود 600 تريليون قدم مكعبة من احتياطيات الصخر الزيتي في المملكة، أي ما يعادل أكثر من 100 مليون برميل من النفط. وتجاوز حجم احتياطيات الصخر الزيتي في المملكة العربية السعودية كلا من المكسيك (545 تريليون قدم مكعبة)، وأستراليا (437 تريليون قدم مكعبة)، وروسيا (287 تريليون قدم مكعبة).
ورصدت السعودية كميات ضخمة من الغاز الصخري في شمال غربي المملكة، في حوض جنوب الغوار (أكبر حقل نفط تقليدي في العالم) وفي منطقة الربع الخالي الصحراوية. وأشار تقرير أصدرته «أكسنتشر» بعنوان (التنمية الدولية للموارد غير التقليدية) إلى أن تطوير البنية التحتية للطاقة غير التقليدية في المملكة العربية السعودية سيمكنّها من تلبية احتياجاتها من الغاز وزيادة صادرات النفط.
وبينما تنعم المملكة باحتياطيات هائلة من النفط والغاز، إلا أنها تشهد أيضا طفرة في الطلب على الطاقة الكهربائية، مع وصول عدد سكانها إلى 27 مليون نسمة حاليا والارتفاع في حجم استهلاك الطاقة الكهربائية لما يصل إلى 49 غيغاوات من الكهرباء، وفقا لهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في المملكة العربية السعودية، هذا إلى جانب مشروع طموح لإنشاء خط أنابيب لمشاريع البنية التحتية بمليارات الدولارات، وكل هذا سيعزز من حجم استهلاك الكهرباء بالتأكيد.
ويطرح هذا الارتفاع الكبير في استهلاك الكهرباء الكثير من التحديات أمام الحكومة السعودية، والتي تضطر من أجل تلبية الطلب في الوقت الحالي إلى استهلاك كميات كبيرة من النفط والغاز التي يمكن تصديرها والاستفادة منها، مما يؤدي بالتالي إلى خسارة قدر كبير من عائدات التصدير. وبالمثل، يتم توفير موارد النفط والغاز لاستخدامات المرافق المحلية بأسعار مدعمة، مما أدى إلى تفاقم مشكلة الدخل الضائع. ويبدو هذا الواقع جديا إذا ما نظرنا إلى توقعات وكالة الطاقة الدولية بأن تتحول المملكة إلى مستورد للطاقة في غضون السنوات الـ20 المقبلة إذا استمر معدل استهلاك الكهرباء على هذا الحال.
ومن هذا المنطلق، يمكن أن يساهم تطوير الموارد غير التقليدية مثل الغاز الصخري في توفير حل مبتكر لمعالجة تزايد الطلب المحلي على الكهرباء، بالنظر لدوره في توفير الموارد اللازمة لإنتاج الكهرباء، وتحرير احتياطيات النفط الموجودة للتصدير، مما يساهم بالتالي في تقديم عائدات قيمة لصالح البلاد. وهذا يعني أيضا مزيدا من جاذبية «حالة قطاع الأعمال» في مجال الغاز الصخري. ورغم الدعم الكبير لأسعار بيع الغاز (عند 0.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بالمعيار البريطاني - نحو 20 من التكلفة في الولايات المتحدة)، فإن استخدام هذا الغاز ليكون بديلا عن النفط يساهم بإنتاج عوائد جذابة على أساس أسعار البيع الدولية لإنتاج النفط المتاح الآن للتصدير بدلا من التركيز على سعر الغاز. ومن الفوائد الإضافية لهذا الغاز وتحرير النفط للتصدير مساهمتها في تعزيز إنتاج الطاقة الكهربائية ودعم النمو الاقتصادي في البلاد، والسماح لها بمواصلة استراتيجية التنويع الاقتصادي من كونها دولة مصدرة للنفط الخام إلى دولة مصدرة للمنتجات المكررة والسلع والخدمات الأخرى.
ولا شك بأن جهود السعودية لتسخير احتياطياتها من الغاز الصخري لن تحدث بين عشية وضحاها نظرا للتحديات التقنية وحجم عمليات التطوير المطلوبة. إلا أن البلاد تتميز بريادة قطاع خدمات النفط والغاز، وتواجد القوة العاملة الماهرة، بالإضافة إلى جهود الشركات المحلية في توظيف الأجانب من ذوي المهارات المميزة لدعم مسيرة التنمية.
وتجلى التقدم المحرز من خلال التصريحات التي أدلى بها خالد الفالح، الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو» السعودية، مشيرا إلى أن الشركة تخطط لإنتاج 200 مليون قدم مكعبة يوميا من الغاز غير التقليدي بحلول عام 2018، لإمداد مصنع بطاقة 1.000 ميغاوات لتغذية منشأة تنقيب وتصنيع للفوسفات من قبل «معادن» في شمال المملكة العربية السعودية.
وفي الوقت نفسه، يوجد تقدم ملحوظ على جبهة المرافق الداخلية كذلك، حيث تخطط الحكومة السعودية لخفض اعتمادها على موارد النفط والغاز التقليدية لإنتاج الكهرباء عن طريق تنويع مزيج الطاقة لديها. وتسعى المملكة بحلول عام 2032 إلى إنتاج 41 غيغاوات من الطاقة الشمسية و17 غيغاوات من الطاقة النووية من أجل تلبية الطلب على الكهرباء المحلية.
وليس خفيا على أحد أن المملكة تمتلك الاحتياطات الكبيرة، وهذا أمر فريد بلا شك، ولهذا تعمل الحكومة على تقديم دعمها وتطوير رؤيتها لتعزيز أداء هذا القطاع كمحرك داعم لمسيرة التنمية في البلاد. وستشهد فترة العقدين القادمين الكثير من الأنشطة ومبادرات التغيير وزيادة في الديناميكية لإثبات أن المملكة تمتلك ما يلزم لتظل قوة رئيسية في مجال الطاقة على مستوى العالم.
"كنان نويلاتي - الشرق الاوسط"

  • شارك الخبر