hit counter script

مقالات مختارة - ابراهيم بيرم

مصادر على صلة بقيادة الجيش: المعركة في عرسال لم تضع أوزارها بعد!

السبت ١٥ أيلول ٢٠١٤ - 06:15

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

كان طبيعياً بالنسبة الى قيادة الجيش ان تلوذ بالصمت حيال الاتهامات والشكوك التي احاط البعض بها دور عناصر المؤسسة العسكرية في معركة عرسال الاولى، اذ ليس في سجل عملها تاريخيا ما يبيح لها، وفق مصادر على صلة بها، فتح سجالات او نقاشات حول طريقة ادائها، وخصوصاً في مثل معركة منازلتها الارهاب الذي ضرب ضربته اللئيمة في البلدة اللبنانية الحدودية قبل اسابيع وخلَّف واقعاً صعباً.

ليس في مألوف عادة هذه المؤسسة ان تقدم "جردة حساب" او تميط اللثام عن اسرار ومجريات، لكن الواضح ان قيادة الجيش نجحت في الايام القليلة الماضية ببراعة، في تظهير تدريجي ذكي وسلس لكثير من المجريات والوقائع التي سادت معركة ذاك السبت في آب الماضي، والذي قدمت خلاله المؤسسة العسكرية "حزمة" تضحيات لا يستهان بها، ان على مستوى الشهداء او على صعيد الجرحى او الاسرى الذين وقعوا في قبضة المجموعات الارهابية.
وفق المصادر عينها، لا تخفي القيادة انها مرتاحة تماماً الى اداء عناصرها ضباطاً ورتباء وافراداً فثمة بطولات مشهود لها سجلت على الارض، سيكشف عن تفاصيلها وفصولها يوما ما. ولا تخفي المصادر اياها أيضاً ان الجيش خسر موقعا ووقع له أسرى وتلك قضية مهمة، لأنه للمرة الاولى في تاريخه يتعامل الجيش مع مسألة اسرى ومفقودين، لكن ثمة وقائع اساسية لا بد من أخذها بالاعتبار، وفي مقدمها ان المعركة لم تنته بعد، فالجيش يتحسّب لعرسال - 2 ولعرسال - 3 وربما أكثر، لأنه يعي ان في حوزة المسلحين الارهابيين لائحة أهداف يريدون بلوغها لحظة قرروا مهاجمة الجيش، تتصل بواقعهم الميداني "المخنوق" في جرود البلدة اللبنانية وفي جرود القلمون السورية، وهم لذلك لن يكتفوا بما حصل او بما يعتقدون انهم حققوه.
وعليه، فالجيش يعد العدة اللازمة متحسباً لما هو آت في قابل الايام، مستفيداً من عِبَر التجربتين السابقتين اللتين لم يمر عليهما الزمن، ومتخذاً على أساسهما استعدادات جديدة واستراتيجية مواجهة مختلفة، لذا كان القرار بفعل ميداني يفضي في القريب العاجل الى قطع الطريق على المسلحين بين البلدة وجرودها، حتى يحال دون استباحة البلدة، علما ان ثمة تصوراً مسبقاً عن وجود "بيئات" حاضنة رافدة للمسلحين في داخل البلدة وفي مخيم النازحين السوريين في أطرافها.
وليس بخافٍ اطلاقاً ان المؤسسة العسكرية ما زالت في طور ملاحقة الذين شاركوا الارهابيين المسلحين في اطلاق النار على عناصرها، وهي اعتقلت الكثير منهم، وقتلت واصابت آخرين، اضافة الى انه صار لديها ملفات شبه جاهزة عن العديد من الذين كانوا في صفوف المجموعات الارهابية في يوم المعركة المشهود، وهي لن تتركهم يفلتون من العقاب "اللازم" في الوقت اللازم.
المصادر اياها تؤكد ان قيادة المؤسسة العسكرية ليست في طور "المكاشفة" مع أي جهة رسمية او غير رسمية، لان الامور لم تصل الى مرحلة "الخط الاحمر" الذي يدفعها الى سلوك هذا الدرب، ولا يمكنها ان تكون في طرف نقيض او مساجل للحكومة مثلا، لكن المصادر عينها تسمح لنفسها بنوع من البوح عن مظاهر معينة تشي بأنه لم يكن للجيش في يوم النزال التغطية السياسية اللازمة، فهي لحظت نوعاً من الصمت ممن يتعيّن ان يتكلموا في الـ36 ساعة الاولى من المعركة، ولحظت نوعا من التشكيك والتساؤل عن أدائها الميداني من جانب بعض المسؤولين من خلال السؤال الدائم خصوصاً عن مجريات ووقائع ميدانية معينة، وهو ما أشعر قيادة الجيش أحياناً أن هناك غياباً للاجماع الوطني الواجب توافره في مثل هذه المواجهة الشاقة والمصيرية، وهو ما استوجب من قائد الجيش العماد جان قهوجي الخروج على الرأي العام بمؤتمر صحافي توقف فيه عند بعض التفاصيل الميدانية، وتطرق ايضا الى بعض القضايا السياسية المتصلة، ولا سيما منها اهداف المجموعات المسلحة الكامنة وراء عدوانها، وهو اجراء لم يسبق لقائد جيش لبناني ان لجأ اليه، ولكن للضرورة احكامها، وخصوصا في هذه المرحلة، وفي المشهد السياسي والامني الراهن.
ولا شك في ان اكثر ما كان مؤلماً لقيادة المؤسسة العسكرية، هو الحديث الذي صدر من هنا، وردود من هناك عن مقارنات عقدها البعض بين معركة عرسال ومعركة نهر البارد، ليصل الى استنتاج بشأن الرغبة في بلوغ سدة الرئاسة الاولى الشاغرة منذ اشهر عدة، وهي في الاساس مقارنات ظالمة وغير بريئة لاعتبارات عدة، وفق المصادر عينها، لأن العماد قهوجي غير مرشح لهذا المنصب وهو لم يفصح عن ذلك لا سراً ولا علانية، فضلاً عن ادراك الجميع بفعل تجارب عدة أن للرئاسة الاولى في لبنان مفاتيح وكلمة سر خارجية وآليات معروفة، وليست المسألة بالنيات والرغبات فحسب.
وفي كل الاحوال، لا تخفي المصادر عينها انها رصدت في الايام القليلة الماضية جملة مؤشرات مريحة ابرزها:
- ان الحملة التي بدأت على الجيش قد تراجعت الى حد بعيد بفعل تكشّف العديد من الوقائع، ما ازاح الكثير من الاوهام والضبابية.
- ان ما بذله الجيش في معركة عرسال من جهود وتضحيات، فرضت أمراً واقعاً سياسياً وعسكرياً لا يمكن أحداً تجاوزه او نكرانه، فالارهاب لم يعد أبداً "راجح الكذبة" بل هو خطر داهم وخطر لا يستهان به.

  • شارك الخبر