hit counter script

الحدث - دنيز عطالله

ماذا لو ُمنع التجول على اللبنانيين في استراليا وكندا؟

السبت ١٥ أيلول ٢٠١٤ - 04:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

"يمنع على المهاجرين اللبنانيين التجول في سيدني بعد الساعة الثامنة مساء، ويُطلب منهم الالتزام بعدم الخروج من منازلهم تحت اي طارئ".

"تتمنى بلدية "مونتريال" على اللبنانيين المقيمين على اراضيها التزام مساكنهم بعد غروب الشمس، وهي غير مسؤولة عن اية افعال يقوم بها بعض الشبان غير المنضبطين من اعتداءات عليهم او على املاكهم".

سيجد كثيرون هذا الكلام بعيدا عن اي منطق. وهو كذلك. فاستراليا، كما كندا، كما عشرات الدول الغربية لا يمكن ان تقيّد حرية مجموعات او افراد لانهم ينتمون الى جنسية معينة. لا يمكن ان تعمم اخطاء بعض المهاجرين او المهجرين اوالمقيمين على اراضيها على كل المجموعة.

يعرف اللبنانيون ذلك، تماما كما يعرفون ان استراليا، وفي سيدني تحديدا، عانت وتعاني من بعض الشباب اللبنانيين او من اصول لبنانية الذين يؤلفون العصابات. تعاونت مع "قوى الامن الداخلي" اللبناني واستضافت ضباطا لبنانيين علّها بالتنسيق معهم، ومع الجالية اللبنانية هناك، وهي تضم نخبة من الاشخاص المحترمين، تتمكن من فهم اسباب الظاهرة وايجاد علاج  لقلة ضالة.

الامر مشابه في كندا. كم من عملية احتيال جرت من لبنانيين للحصول على الجنسية الكندية. في ال2006 صُدمت الدولة الراقية بانسانيتها من حجم الذين اضطرت الى اخلائهم من لبنان كونهم مواطنين كنديين. هزت الكلفة العالية للاجلاء، وتامين المساكن والمدارس للطلاب، المجتمعات الكندية المحلية. مع ذلك لم تخرج اصوات تدين جميع اللبنانيين، وتعمم الكراهية.

يمكن تعداد عشرات الامثلة عن عشرات الدول التي استضافتنا من زمن "الكشة" الى زمننا الراهن. بين مهاجرينا شذاذ آفاق ومحتالون ومجرمون حتى. لكن بينهم، وعلى الارجح هم الاغلبية، عصاميون، طامحون الى حياة افضل، اناس عاديون باهتماماتهم واعمالهم، يساهمون في بناء مجتمعاتهم الجديدة. وفاءهم لدولتهم المضيفة لا يقل عن حبهم ووفائهم للبنان.

روى لي احد الاصدقاء في استراليا كيف انه وجد قبل نحو اكثر من ثلاثين سنة مبلغ عشرة الآف دولار في موقع لجبل الباطون حيث كان يعمل. لو تاخر عن سحب الظرف لكان جُبل مع الباطون. اخذ المبلغ واستفسر عن صاحبه الذي كان يبحث ضائعا كضياع ثمن البيت الذي كان في طريقه الى شرائه. اعطاه اللبناني ماله، فكان ان اُعطي في المقابل الكثير، حتى اصبح اليوم من وجهاء مغتربينا في استراليا ومن اكثرهم احتراما سواء في بلاده الجديدة او في لبنان.

يعرف كثير من اللبنانيين هذه الحقائق. يعرفون ان التعميم في النظرة الى اللاجئين السوريين مسيء اليهم قبل ان يسيء الى السوريين انفسهم.

لا يلغي ذلك وجود ازمة حقيقية وخطيرة اسمها النزوح السوري الى لبنان. فالبلد اضعف وافقر واقل حصانة وامنا من ان يتحمل ان يقارب عدد اللاجئين اليه نصف عدد سكانه.

هي معضلة تحتاج الى حل. لكن الاكيد ان الحل لا يكون بالحجر على السوريين ولا بتعميم ثقافة الكره والخوف المتبادل ولا بالعنصرية التي تكاد تثير الغثيان.

وكما في كل ازماتنا لا بد من لازمة مؤكدة: نحتاج الى دولة. نحتاج الى الدولة.

  • شارك الخبر