hit counter script
شريط الأحداث

مياه البحر «تتسرّب» الى منازل اللبنانيّين بِلا استئذان

الأربعاء ١٥ أيلول ٢٠١٤ - 07:32

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في ظل العشوائية السائدة في حفر الآبار الارتوازية، لا أرقام دقيقة حتى اليوم عن أعداد هذه الآبار، وكمية المياه التي سُحبت منها والكميات المتبقية فيها، لكنّ المؤكد انّه تمّ استنزاف غالبية الآبار الجوفية حتى جَفّت في عدد كبير من المناطق، نتيجة سنة من الجفاف مرّت على لبنان. وتسرّبت مياه البحار الى آبار عدة في مناطق أخرى، وباتت المياه المالحة تصِل الى المنازل، ما يُنذر بخطر أكبر، خصوصاً أن مياه البحر غير صالحة للطعام ولا للاستعمال المنزلي ولا للريّ، وهي تؤذي الصحة.

في وقت لم يحظ الجفاف وارتفاع الحاجة الى المياه في زمن الشح بأيّ اهتمام رسمي وجدي لمعالجته، تسود شريعة الغاب في تأمين المياه الى المنازل والري. فإمّا ان يقع المواطن تحت رحمة مافيات الصهاريج، وإمّا اللجوء الى الحفر العشوائي للآبار، وهو الحل الاخطر، حيث انخفض منسوب المياه الى الحد الادنى، أمّا اعادة التخزين فستحتاج الى سنوات.

وفي هذا السياق، أكد الاستشاري في شؤون المياه والزراعة البروفسور هادي طبارة انّ الجفاف الذي نمرّ به راهناً كان متوقعاً من فصل الشتاء، ولا شك انّ اعادة تعبئة الآبار الارتوازية ستستغرق سنوات، لافتاً الى انه لا يمكن التكهّن من اليوم كم سيحتاج هذا الامر من السنوات، لأنّ ذلك يتعلّق بكمية المتساقطات التي ستتساقط هذا العام، وكمية الثلوج.

وأوضح لـ«الجمهورية» انه عندما يشتد الجفاف تتداخل مياه البحار أو تتسرّب نحو الآبار الجوفية، ما يفسّر اليوم انّ غالبية الآبار باتت تحتوي على مياه مالحة، وقد لوحِظ هذا التداخل في بعض مناطق كسروان. وشرح أنه عندما ينخفض مستوى المياه الجوفية الى أقلّ من مستوى مياه البحر، يحصل تسرّب عالي النسبة لمياه البحر نحو المياه الجوفية.

ولفتَ الى انه كلما اقتربنا من الساحل لا نحفر بئراً الى مستويات عميقة، أي فقط ما بين 300 و 400 م، تجَنّباً لتداخل المياه الجوفية بمياه البحر، على عكس ما يحصل في البقاع حيث يتمّ الحفر حتى عمق 800 م.

واعتبر انه عندما تتداخل مياه البحار بالمياه الجوفية تصبح المصيبة مصيبتين لأنها تشير الى الشحّ في البئر وتؤشّر الى الجفاف، خصوصاً في الآبار التي يبلغ عمقها ما بين 500 م الى 700. وعندما ترتفع، تزداد نسبة الملوحة في مياهها وتشير الى تداخل مياه البحار التي تتسبّب بمشاكل عدة، لعلّ أبرزها انها تضرّ بصحة الانسان، الى جانب انها تضرّ بالانابيب وترتفع نسبة الصدى، كما انها غير صالحة للاستعمال المنزلي اليومي ولا للاستحمام أو الغسيل...

وردّاً على سؤال، اعتبر طبارة انّ المنطقة لا تزال في منتصف العاصفة بالنسبة الى الجفاف، ومن المتوقع ان تطول الأزمة، خصوصاً أننا نحتاج الى وقت والى كمية مُتساقطات مرتفعة لتعويض النقص.

أضاف: لا شك اننا مقبلون على خريف هو الأصعب في انتظار ما سيأتي من محصول في الشتاء. وأوضحَ انّ المياه الجوفية التي صُرفت خلال هذا العام هي مخزون سنوات، ولا يمكن تعويضها في شتاء واحد.

قد يتحسّن الوضع قليلاً مع بداية الشتاء، الّا انّ الامطار المرتقبة خلال هذا العام لن تملأ مخزون الارض مجدداً بالمياه الجوفية، انما ستحتاج الى سنوات. وأوضح انّ هناك نوعين من المياه الجوفية: مياه غير عميقة جداً قابلة للتجدد، ومياه جوفية عميقة جداً تحتاج الى عشرات السنين لتعويضها وتخزينها.

وعمّا إذا كان لبنان قد بدأ باستعمال هذه المياه العميقة، قال: للأسف لا دراسات موثّقة أو مسوحات عن وضع المياه الجوفية اليوم في لبنان، لكنهم في البقاع بدأوا، مُجبَرين، باستخراج المياه الجوفية العميقة. مؤكداً انّ المياه العميقة قابلة للجفاف في حال لم تتساقط الامطار هذا العام بشكل وافر، وفي حال استمر حفر الآبار العشوائي.

اضاف: كلما ازدادت أعداد الآبار غير الشرعية كلما تدنى مخزون الارض من المياه الجوفية بشكل اسرع. وأكد ان لا أرقام اليوم تشير الى كمية المياه التي تستخرج من الارض، لذا لا يمكن معرفة متى يصبح الاستمرار باستعمال مياه الآبار الجوفية خطراً، علماً انّ استعمال المياه الجوفية هو خطر مستدام.

من جهة أخرى، لفت طبارة الى انّ هناك علاقة وثيقة بين مياه الانهر والمياه الجوفية، فالينابيع التي تصبح أنهراً وهي فوق سطح الارض تتصِل بالمياه الجوفية.

وتالياً، فإنّ ارتفاع أعداد الآبار المحفورة في لبنان خلال هذا العام أدّى الى جفاف عدد كبير من الأنهر في غالبية المناطق. ورداً على سؤال، عَزا طبّارة حاجة لبنان الماسّة اليوم الى المياه، وهو الذي كان ينشد تصدير المياه لم يتمكن من تَحمّل سنة جفاف واحدة، الى عوامل عدة:

أبرزها:

- شح المياه التي يعانيها بسبب قلة تساقط الامطار.

- تكاثر السكان وارتفاع الطلب على المياه. ولفتَ الى انّ ارتفاع اعداد النازحين زاد من الحاجة الى المياه، علماً انّ حاجة النازحين لم تتعد الـ 10 في المئة من المجموع العام للمياه، كما انّ مستوى الحياة التي نعيشها يتطلّب منّا صرف كمية مياه أكبر.

- تهريب المياه من الانابيب. والمؤسف انّ كل الانابيب التي تنقل المياه بحاجة الى صيانة لأنها تهرّب المياه. فسنوياً، يُسجّل هدر بنحو 40 في المئة من المياه التي تُنقَل الى المنازل. وبرأيي انّ الحل الانسب اليوم هو وَقف الهدر المتأتّي من تسَرّب المياه من الانابيب عى رغم ارتفاع كلفته.

الجمهورية ايفا ابي حيدر

  • شارك الخبر