hit counter script

«مافيات» سرقة السيارات المستأجرة في خدمة التفجير والسلب

الثلاثاء ١٥ أيلول ٢٠١٤ - 07:07

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بعد بيع السيارة التي استُخدِمت في انفجار الطيّونة بموجب وكالة، تتكثَّف جهود القوى الأمنيّة لضبط شراء سيارات من المعارض بوكالة. ولكن ماذا عن ضبط السيارات المستأجَرة؟ لطالما استفزَّت اللوحة الخضراء المُخلّين بالأمن، وأثارت مطامع العصابات... فاللواء الشهيد وسام الحسن استُهدف على رغم أنّه كان يتنقَّل بسيارة مستأجَرة. في المقابل تمّت الاستعانة بسيارة مستأجَرة لاغتيال القيادي في «حزب الله» حسّان اللقيس... بالإضافة إلى عمليات سَلب وقعَ ضحيّتها عدد من المواطنين، ما دفعَ بوكلاءِ التأجير إلى خفض أسطولِهم «من 15 ألف سيارة عام 2011 إلى نحو 8 آلاف و500 سيارة».

إحترفت نادين وزوجُها محمّد سرقة السيارات المستأجَرة بعدما وجدا نفسَيهما عاطلين عن العمل. لطالما عوَّل الزوج على نادين البالغة من العمر 23 عاماً، وعلى جاذبيّتها الأنثوية، فكان يدفعها للتبرّج ليلاً والوقوف على الطريق العام لاصطياد المارّة.

تفاوتت أعمار ضحايا الزوجة وتعدّدت السيارات التي استَولت عليها: «مرسيدس»، «تويوتا يارس»... وسيّارات رباعية الدفع: «إنفينيتي»، «جيب كايان»، «رانج روفر»... إلّا أنّ خطّتها المعتمدة واحدة. في قسمِها الأوّل تبدأ في التركيز على السيارات الفخمة، ثمّ تغوي السائق ليتوقّف لتصعد إلى جانبه، وبعدها تنتقل إلى المرحلة الثانية من الخطة.

وجدَت نادين في انتهاج العفوية والبساطة الطريق الأضمن للسرقة، فكانت بعدما تجلس إلى جانب السائق، تطلب منه بعفوية التوقّف ليشتري لها ما تشربُه أو تأكله... وفي الوقت عينه تطلب منه عدمَ إطفاء محرّك سيارته بحجّة إبقاء المكيّف شاغلاً، أو لتتمكّن من التحكّم بالنافذة. كانت نادين تنتظر لكي يخرج السائق من سيارته ويبتعد بضع خطوات حتى تنتقل إلى خلف المقود، وسرعان ما تفرّ بالسيارة إلى جهة مجهولة.

في إحدى المرّات، عجِزَت نادين عن سلب سيارة «إنفينيتي» فضّية اللون من صاحبها (وسام ح.)، فواعدَته أن يذهبا إلى البحر في اليوم التالي. وبعدما ترافقا وأمضَيا وقتاً ممتعاً، انتظرت لحظة نزول وسام بمفردِه إلى البحر، وقصدت المسؤول عن موقف السيارات تطلب منه إعطاءَها مفتاح السيارة. ونظراً إلى أنّها بملابس البحر، كان ينتظرها شقيق زوجها حسين الذي اتَّفقت معه مسبقاً على أن يوافيَها بملابسها.

وعندما كانت تلاحظ نادين أنّ أيّاً من السيناريوهات لن يمكّنها من الاستيلاء على سيارةٍ أعجبتها، كانت تقصد شخصيّاً مكاتبَ لاستئجار السيارات، وتُبرز مستندات مزوّرة، من بينها بطاقة هوية ورخصة سَوق... تطول لائحة الأسماء التي استخدمَتها نادين كمستأجِرة، من بينها شخصية نانسي فارس. ولكن على رغم حجم المخاطرة وإمكان افتضاح أمرها، لم تتردَّد نادين في تكرار فعلتها.

فقد توجّهت ذات يوم لاستئجار سيارة من إحدى شركات التأجير على طريق المطار، ومعها مستندات مزوّرة، إلّا أنّ أحد العاملين شكّ في أمرها وتبعَها محاولاً إطلاق النار عليها بعدما خرجت مهرولة.

مصير السيارات

إختلف مصير «الإنفينيتي» عن غيره من السيارات التي سلبَتها نادين. فبعدما توجّهت صبيحة اليوم التالي إلى بعلبك، باعَتها إلى محمد أ. بقيمة 5 آلاف دولار، وأعطته صورتَين شمسيّتين لها ليساعدها في إعداد مستندات مزوّرة لها.

وباعت كذلك عدداً من السيارات الأخرى لشخص من آل طليس. أمّا الجيب «الكايان» فقد تمكّنت الشركة المؤجّرة من استرجاعه من بريتال مقابل 7 آلاف دولار، إضافة إلى استرجاع «تيدا» مؤجَّرة مقابل 4 آلاف دولار من بريتال أيضاً.

لم تُشكّل «غلّة» عمليّات سرقة السيارات مصدرَ رزق لنادين وزوجها، وتمويلاً لمشاريع السرقات المتتالية فقط، بل مصدراً للتمَوُّن بالمخدّرات أيضاً، وذلك بحسب اعترافات الزوج، بعدما تمكّن مكتب مكافحة جرائم السرقات الدولية من القبض على العصابة كاملةً.

نقيب السيارات المستأجَرة

«منذ 3 أعوام حتى الآن، يشكو القطاع من مشكلة سرقة السيارات»، هذا ما أكّده رئيس نقابة أصحاب وكالات تأجير السيارات السياحية الخصوصية في لبنان محمد دقدوق، معتبراً أنّ «الوضع الأمني سببُ المشكلة، فغياب الدولة يشجّع السارقين على التمادي».

ويستعرض دقدوق في حديث لـ «الجمهورية» أساليبَ الاستيلاء المُتَّبعة من العصابات، قائلاً: «عام 2006 كان السطو المسلّح رائجاً، أمّا في العامين الأخيرين، فأصبحت «على عينك يا تاجر». يُبرز المستأجِر بكل ثقة أوراقَه، يستأجر السيارة أياماً معدودة، وتختلف أساليب السطو بحسب نوعيتها، فالسيارات المكلِفة يصعب نسخ مفاتيحها، أمّا السيارات الأخرى فيمكن قيادتها عبر توصيلات كهربائية بدائية».

في وقتٍ بلغ عدد شركات التأجير نحو 269 قبل حرب تمّوز، مع تسارع الأحداث، ولا سيّما بين عامي 2007 و2008 بدأ العدد يتناقص، ويُخبر دقدوق: «بعضنا أقفل، أمّا العدد الآن فلا يتجاوز 180 شركة، وتدنِّي أسطول هذا القطاع خير دليل، من 15 ألف سيارة إلى ما لا يتجاوز 8 آلاف و500 سيارة».

إلى سوريا

يصعب تعداد ضروب الاحتيال وحصر الكمائن، خصوصاً كلّما اتّجهنا نحو مناطق الأطراف. فالهاجس مشترك لدى وكلاء التأجير، «السيارة بتروح ويمكن ما ترجع»، نظراً إلى أنّ الحدود «سايبة» على حدّ تعبير أحد الوكلاء في البقاع الغربي.

ويُخبر عن تجربته: «نتمنّى أحياناً الإقفال أو النزوح نحو مناطق ساحلية أكثر أمانة، نظراً إلى صعوبة ضبط تعدّيات المستأجرين، التي لا تقف عند حدود سرقة قطعة من السيارة أو عدم إلتزام موعد تسليمها، إنّما المتابعة بها نحو سوريا للمتاجرة بها أو استبدالها بالسلاح، أو المخدّرات...». وعن المحاسبة، يضحك هذا الوكيل، الذي رفضَ الكشفَ عن إسمه، هازئاً، «الدولة ومِش طالع بإيدا...». ولا يخفي هاجسَه من أن تكون أرزاق البعض المسلوبة والمأخوذة إلى سوريا قد أعطِيت لوكلاء أغلب الظنّ لبنانيين، فـ»المافيات بتعرف بعضا».

أساليب احتيالية...

أمّا الشركات التي نجت من أفخاخ العصابات فنالت قسطاً وافراً من ضروب الغش والتزوير. ويتحدّث جوزف لـ«الجمهورية»، وهو يملك شركة تأجير منذ أكثر من 10 أعوام، عن أساليب احتيال مغايرة عانَت منها شركته، قائلاً: «لا يكفي أن يعيد المستأجر السيارة، فمنهم من يعمد إلى الاحتفاظ بنسخة عن المفتاح، ثمّ يتعقّب مكان رَكنِها، وموعدَ إخراجها... وما إن تبتعد السيارة عن عدسات كاميرات المراقبة في المرآب حتّى يتحيَّن الفرصة للاستيلاء عليها، سواءٌ أكانت مع مستأجر آخر أو مركونة، كما حدث مع سيّدة ألمانية تقطن في محيط منطقة الفياضية، سُلِبت سيارتها المستأجَرة من تحت شرفتِها». ويضيف: «المؤسف أنّ شركات التأمين لا تُغطّي فقدان السيّارة ومعها المفتاح، لأنّها تُحمِّل الشركة المؤجّرة مسؤولية إعطاء الثقة الكاملة للمستأجِر».

أمّا أنطوان، وهو موظف في شركة للتأجير، فيشكو من سرقة المستأجرين قطعَ السيارات أو استبدالَها بأخرى مهترئة، على رغم أنّ «فكّها» أحياناً وتركيبها قد يكلّف أغلى من ثمنِها.

ويخبر: «غالباً ما نكتشف بعد فوات الأوان أنّ قِطعاً فُقدت نتيجة تكرار الشكوى ذاتها من المستأجرين، كفقدان السيارة توازنَها، وبعد البحث والتدقيق نكتشف أنّ أحد المخمّدات (amortisseur) مفقود أو مستبدل». وأكثر ما يزيد الوضع سوءاً، في نظر أنطوان، تبلّغ الإدارة محاضر مخالفات سير بحقّ سياراتها المؤجّرة، فيقول: «في كلّ مرّة نحاول مراجعة المستأجر في تلك الفترة، إلّا أنّه يتهرّب من مسؤوليته، فتتحمّل الشركة المسؤولية».

تدابير إحترازية

في ظلّ تنامي تعدّيات المستأجرين، لجأ بعض الشركات إلى تدابير احترازية، منها إعداد «لائحة سوداء» بأسماء المستأجرين الذين يُسيئون استخدامَ السيارة، فلا تُعيد الشركة المؤجّرة تكرار التعامل معهم. وفي مقابل مَن اعتمدَ سياسة «زبوناتنا معروفين، ما منأجّر حدا غريب»، فضَّل عددٌ من الشركات عدم التعامل النقدي مع الزبائن، إنّما فقط مع من يملكون بطاقات ائتمان، ما يُخفِّف الشبهات حولهم.
 

الجمهوريةناتالي اقليموس

  • شارك الخبر