hit counter script

أخبار محليّة

سلام في في الذكرى 94 لاعلان دولة لبنان الكبير: للتمسك بدستور الطائف

الإثنين ١٥ أيلول ٢٠١٤ - 15:19

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقامت رئيسة لجنة المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير 2020 السيدة بهية الحريري، صباح اليوم حفل استقبال، لمناسبة الذكرى 94 لاعلان دولة لبنان الكبير "بيروت عاصمة المواطنة اللبنانية"، صباح اليوم في السرايا الحكومية، برعاية رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وحضوره. كما حضر الرئيس ميشال سليمان، الرئيس حسين الحسيني، الوزيرة السابقة نايلة معوض، رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر ممثلا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، مفتي زحلة والبقاع خليل الميس، مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، السيدة رباب الصدر، ووزراء ونواب حاليون وسابقون إضافة إلى عدد من المدراء العامين وممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني والجمعيات النسائية والتربوية والنقابية والبلدية.

بداية أنشد الفنان راغب علامة النشيد الوطني اللبناني، ثم القت النائبة الحريري الكلمة التالية:

"المواطنات والمواطنين، كبيرات وكبار لبنان، مع حفظ الألقاب. كلنا للوطن، كلنا للقلق،.كلنا للألم، كلنا للتعب، وقد نكون كلنا للعدم ما لم نكن كلنا لكلنا".

اضافت: "أنشد المواطن الكبير راغب علامة النشيد الوطني من القلب، فأعاد الوطن إلى القلب والوجدان. ونحن في ضيافة دولة الرئيس تمام سلام، وباستجابة وطنية وصادقة منكن ومنكم، لنقول معا في اجتماعنا كلنا للوطن ولنبعث برسالة حب وخير وأمان إلى كل لبنانية ولبناني على أرض الوطن وفي دنيا الإنتشار القلقين على وطنهم الحبيب لبنان".

وتابعت: "إننا باجتماعنا الآن نجسد المصلحة الوطنية التي لا يختلف عليها إثنان وهي إجتماع اللبنانيين حول دولة لبنان، رؤساء وحكومة وبرلمان وعسكريين وأمنيين وقضاة وتربويين وإعلاميين ونقابات واتحادات وروابط وتجمعات وقطاعات وجمعيات وبلديات، وكنا واثقين بتلبية هذه الدعوة لأن كل اللبنانيين موحدين في مواجهة تحديات لبنان".

وقالت: "شكرا يا دولة رئيس حكومة المصلحة الوطنية الأستاذ تمام سلام على إستضافتنا في لقاء المصلحة الوطنية، والشكر موصول لفخامة الرئيس ميشال سليمان على إستضافتنا في الذكرى الثالثة والتسعين لإعلان دولة لبنان الكبير في قصر بيت الدين، يوم جمعتنا جراح طرابلس الحبيبة والعزيزة لنحتفل وللمرة الأولى منذ العام 1920 بإعلان دولة لبنان الكبير".

اضافت: "شكرا لكل الذين أبدوا إستعدادهم للمساهمة في صندوق القيم الوطنية لمئوية لبنان الكبير، وسنتحدث عنهم في مناسبة أخرى، إلا أنه لا يسعني إلا أن أشكر الصديق فرنسوا باسيل رئيس جمعية المصارف على مساهمته الفورية بمئة مليون ليرة وتوليه الإتصال بالمصارف الوطنية والإشراف على الصندوق، كما أشكر الصديقة العزيزة الدكتورة ريما خلف الأمين العام التنفيذي للأسكوا لتعاونها معنا ومنذ العام 2010 بالتحضير لمئوية لبنان الكبير وذلك بمراجعة كل التقارير والإستراتيجيات والدراسات الوطنية والإقليمية والدولية حول لبنان من أجل صياغة أهداف إنمائية وطنية تنفيذا للدستور بوضع إستراتيجية إنمائية وطنية وشاملة، على غرار الإستراتيجية الإنمائية للرئيس فؤاد شهاب التي وضعتها بعثة "أرفد" برئاسة الأب لوبريه العام 1961 .. وهي ما عرف بالخطة الخماسية والتي استحدثت معظم أوجه الدولة الحديثة حتى الآن".

وأعلنت اننا "وجدنا بصندوق القيم الوطنية لمئوية لبنان الكبير سبيلا للشراكة الوطنية بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع الأهلي بكل تكوناته الإبداعية والرياضية والعلمية والفكرية والمادية، على أن تكون مهمتنا تمويل الأبحاث والدراسات التي تظهر الواقع الوطني بحسناته وسيئاته وفي كل مجال ومنطقة، أي أن نساهم بتشخيص الواقع الوطني وفي ذلك نصف العلاج".

وقالت: "إن الأول من أيلول 1920 كان يوم إعلان دولة لبنان الكبير وأيضا إعلان بيروت عاصمة لبنان، أربعة وتسعون عاما وكلنا في بيروت نذوب فيها وتذوب فينا حتى صارت نحن وصرنا هي. فرحت لفرحنا واحتفلت بنجاحاتنا واستوعبت طموحاتنا وطربت لغنائنا وصفقت لبطولاتنا وتألقت بحرياتنا وأكرمت أشقاءنا وأصدقاءنا وعالجت مرضانا وعلمت أبناءنا وازدهرت بإستثماراتنا وحفظت عمالنا وبكت لبكائنا وأدميت بجراحنا ودمرت بدمارنا وسقطت بضعفنا وانشطرت بانشطارنا وعادت بعودتنا وتوحدت بوحدتنا وازدهرت مجددا بازدهارنا وأعادت إلينا وطنيتنا، فاستحقت هذا العام أن تكون عاصمة لمواطنيتنا لتنطلق منها مسيرتنا نحو مئوية لبنان الكبير عام 2020 بتكريم كبارنا منذ إعلان دولة لبنان الكبير وفي كل قطاع ومهنة ومجال وبالتعاون مع النقابات والإتحادات والجمعيات والمؤسسات الرسمية وستكون إنطلاقتنا في هذه التكريمات في 21 أيلول الحالي، يوم السلام العالمي، لتكون بيروت مدينة السلام الوطني".

وتابعت: "اناشد، في هذه المناسبة الكبيرة، المصارف الوطنية التي نقدر ونحترم دورها في رعاية نهضتنا الثقافية والفنية عبر مهرجاناتنا الوطنية التي تستحق كل دعم وتقدير، إنني أناشدهم ومعهم حكومة المصلحة الوطنية للتعاون مع صندوق القيم الوطنية لمئوية لبنان الكبير لإقامة شراكة مدنية وطنية لتحرير قصر البيكاديللي تقديرا لبيروت وتاريخها وكرمها، فلا يجوز أن يكون قصر البيكاديللي الذي شهد أجمل أيامنا أن يكون رهينة عقارية. وإننا نلتزم بدفع كل ما يلزم من أجل إزالة ذلك الحريق عن جبين رأس بيروت الحبيبة".

وأكدت "ان دولة لبنان الكبير وعاصمتها بيروت ما كانت لتكون لولا الإيمان العميق لغبطة البطريرك الياس الحويك بلبنان واللبنانيين، وثقته بكل المكونات الوطنية وإرادتها في العيش معا بدولة وطنية، فكان خير من يؤتمن على أحلام اللبنانيين وطموحاتهم التي حملها إلى مؤتمر الصلح في باريس 1919 بعزيمة قوية وإرادة صلبة فعاد إلى لبنان ومعه إعلان دولة لبنان الكبير وعاصمتها بيروت في الأول من أيلول 1920".

وختمت: "إنني إذ أنقل إليكم مباركة غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وعلى خطى البطريرك الياس الحويك، فلقد أبى إلا أن يشاركنا في هذا اللقاء العائلي الوطني الكبير ليكون معنا شبكة أمان لأهلنا ومواطنينا، على أمل أن تتحول إلى غيمة ماطرة تروي قحطنا الوطني. وأول الغيث قطرة من المطر كلمة ممثل صاحب غبطة البطريرك سيادة المطران بولس مطر رئيس أساقفة بيروت. لنتشرف بعدها بالإستماع إلى كلمة صاحب الرعاية دولة رئيس حكومة المصلحة الوطنية الأستاذ تمام سلام. وكلنا للوطن. عاشت العائلة الوطنية الكبيرة. عاشت دولة لبنان الكبير.

والقى المطران مطر كلمة البطريرك الراعي وجاء فيها:

"جميلة دعوة "لجنة المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير 1920-2020"، وعزيزة على القلب، في الذكرى الرابعة والتسعين لإعلان دولة لبنان الكبير، بموضوع: "بيروت عاصمة المواطنة اللبنانية". ومشرفة رعاية رئيس مجلس الوزراء، دولة الرئيس تمام سلام. فيسعدني وأنا في روما، أن أنتدب سيادة أخينا المطران بولس مطر، رئيس اساقفة بيروت السامي الاحترام، ليمثلنا في هذا الإحتفال المهيب ويتلو كلمتنا للمناسبة. ولكن لا يمكنني أن أخفي عنكم غصتي، التي هي غصتكم وغصة اللبنانيين المحبين لهذا الوطن، لعدم وجود رئيس للبنان الكبير هذا. وكنا نأمل مع المخلصين أن يكون الرئيس الجديد قد انتخب في 25 ايار الماضي، وباشر خطوته الأولى نحو الإحتفال بالمئوية التي رسمنا طريقها في "المذكرة الوطنية" التي اصدرناها في 9 شباط 2014، ورحب بها معظم مكونات المجتمع اللبناني".

اضاف: "أما رسم سلفنا السعيد الذكر، خادم الله، البطريرك الياس الحويك على بطاقة الدعوة، فيعيدنا إلى الدور الرائد الذي قام به هذا البطريرك الكبير على رأس الوفد اللبناني إلى مؤتمر الصلح في فرساي، بتفويض من اللبنانيين على اختلاف طوائفهم. وقد وصل إلى باريس في 23 آب 1919، ونزل ضيفا على الحكومة الفرنسية. وفي 25 تشرين الأول 1919 قدم إلى المؤتمر مذكرته الوطنية بعنوان: "مطالب لبنان". وهي اربعة: الإعتراف باستقلال لبنان، إعادة لبنان إلى حدوده التاريخية والطبيعية، العقوبات على الدولة العثمانية والتعويضات، فالانتداب الفرنسي. وفي 10 تشرين الثاني من السنة نفسها حصل من رئيس المؤتمر السيد كليمنصو وعدا رسميا بالإستقلال وباستعادة المناطق التي سلختها منه السلطة العثمانية. فكان في الأول من ايلول 1920 إعلان ولادة لبنان الكبير، تحت الإنتداب الفرنسي، من قصر الصنوبر في بيروت. اطلق هذا الإعلان المفوض السامي الجنرال هنري غورو، وإلى يمينه البطريرك الياس الحويك، وإلى يساره مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا، بالإضافة إلى شخصيات دينية ومدنية. انها صورة لا يمكن أن تمحى من ذاكرة اللبنانيين كدعوة دائمة إلى تلاقي جميع مكونات المجتمع اللبناني على محبة لبنان وسيادته واستقلاله".

وتابع: "غير أن البداية كانت عسيرة، لأسباب لا مجال للعودة إلى ذكرها الآن، وهي مؤرخة وفي متناول الجميع. فالمهم أن البطريرك الياس الحويك واصل المسيرة محافظا على الأغليين: العيش المشترك والوحدة اللبنانية. وهذا ما عبر عنه في رسائله المتعددة إلى السلطات السياسية المعنية إبان الإنتداب الفرنسي".

وقال: "أما الصعوبات آنذاك فكانت متأتية من المؤتمر السوري الذي اعترض البطريرك على مقرراته في 10 آذار 1920 لدى مؤتمر السلام "بحكم التفويض المعطى له من الشعب اللبناني لكي يمثله ويدافع عن حقوقه"، لأن هذه المقررات تتنافى مع أمنيات اللبنانيين، ومن "مؤتمر جنيف السوري الفلسطيني" الذي طالب بضم لبنان إلى سوريا ورفض الإنتداب الفرنسي، فاعترض عليه البطريرك في 5 تشرين الأول 1921، قائلا أن هذه المجموعة السورية - الفلسطينية وغيرها هي غريبة، ولا يحق لها التكلم باسم لبنان وتحديد مصيره، ومن معاهدة السلام مع تركيا في مؤتمر لوزان، فلما سمع البطريرك أن هناك من يسعى إلى المس بحدود لبنان الطبيعية كتب في 5 شباط 1921 إلى السلطات الفرنسية طالبا التدخل في المؤتمر وإدراج موضوع المحافظة على حدود لبنان التي أعلنها مؤتمر السلام في فرساي، وأعلنت في أول ايلول 1920، وعلى عدم المس بها، بحيث تصبح الحدود في مأمن من أي عاصفة في المستقبل".

اضاف: "ما أحوجنا الى أن نسمع اليوم من المسؤولين السياسيين صدى لمواقف البطريرك الياس الحويك، المعروف "بأبي الاستقلال" الذي كان يردد في العديد من المناسبات، ولا سيما بشكل رسمي في خطاب تاريخي ألقاه في كرسي الديمان عندما زاره الجنرال غورو في كانون الاول 1920، فقال: "إن استقلالنا لا يقبل الجدل، ولبنان يتمتع باستقلاله التام عن كل حكومة مجاورة. فإذا جاءكم قوم مفسدون وقالوا لك أن اللبنانيين قد رجعوا عن رأيهم فلا تصدق ما يقولون. أنا أنطق بلسان اللبنانيين عن بكرة أبيهم. فأقول لك إن اللبنانيين لأشد تشبثا اليوم بالاستقلال منهم في أي زمن مضى... هذا، وإن لبنان لم يرضخ يوما من الأيام لحكم أجنبي. إن جدودنا وآباءنا ما ارتضوا بهذه الجبال الجرداء ينزلونها معتصمين، إلا وهمهم الوحيد حماية حريتهم وحقوقهم، فلا تصل إليهم يد الغزاة الفاتحين".

وتابع: "كم يؤلمنا اليوم أن يحرم لبنان من رئيس للجمهورية منذ ثلاثة أشهر، وقد دخلنا في الشهر الرابع منذ سبعة أيام، ونخشى أن يجدد المجلس النيابي غدا هذا الحرمان، طاعنا الوطن وشعبه في صميم قلبه، بسبب عدم احترام استقلاله وسيادة قراره الحر، وبسبب العودة إلى ربط هذا الاستقلال وسيادة القرار الوطني الداخلي ومصير البلاد بهذا وذاك من البلدان المجاورة".

وأكد "ان رئيس الجمهورية اللبنانية، وحده، ضمن استمرارية صدى صوت البطريرك الحويك وعمله الدؤوب من أجل حماية الاستقلال والعيش المشترك والوحدة اللبنانية.
نحن نأمل من حفل الاستقبال الذي تدعو إليه لجنة المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير 2020، برعايتكم، دولة رئيس مجلس الوزراء، السيد تمام سلام، وفي السراي الحكومي، والذي يعيدنا بالذاكرة إلى أول أيلول 1920، أن يوقظ ضمائر الكتل السياسية ونواب الأمة، لكي يكونوا على مستوى المسؤولية الوطنية الكبيرة والخطيرة، ويبادروا غدا 2 أيلول في الجلسة الانتخابية الحادية عشرة المدعوين اليها رسميا، وينتخبوا رئيسا للجمهورية جديرا بقيادة البلاد في السنوات الست القادمة، وبتهيئتها للاحتفال بهذه المئوية، وقد استعاد لبنان كل بهاء استقلاله وسيادته، وجمال عيشه المشترك ووحدته الوطنية، وازدهار نهضته الاقتصادية والاجتماعية، وكمال أمنه واستقراره.
عشتم! عاشت بيروت عاصمة المواطنة اللبنانية! عاش لبنان!".

واخيرا، ألقى راعي الاحتفال الرئيس سلام كلمة قال فيها:

"أرحب بكم في هذا الصرح الوطني، لنحيي معا الذكرى الرابعة والتسعين لإعلان دولة لبنان الكبير، تلبية لمبادرة من السيدة بهية الحريري، المهمومة أبدا بالمصلحة الوطنية العليا، وبكل ما يقرب بين اللبنانيين ويعود بالخير على لبنان".

اضاف: "أربعة وتسعون عاما، والكيان اللبناني صامد، رغم كل المحطات الصعبة التي عبرها منذ أول أيلول من العام ألف وتسعمئة وعشرين حتى اليوم، وكل التحولات الهائلة التي جرت في العقود الماضية في منطقتنا والعالم".

وتابع: "اهتز الكيان الوطني مرارا، ولم يسقط.. مر بكثير من الأزمات والفتن والانقسامات الداخلية.. وقع عليه الكثير من تداعيات الحروب الاقليمية.. إستورد من أزمات الغير ما هو فوق طاقته.. احتلت أرضه جيوش معادية.. تعرض استقراره للخطر مرارا وهجر ابناؤه مرات.. وبقي صلبا ثابتا بحدوده الجغرافية التي رسمت مع إعلان لبنان الكبير..".

وأشار الى انه "منذ اللحظة الأولى لولادته، تحول الكيان اللبناني، بحكم طبيعته وتنوع تركيبته الاجتماعية والثقافية والدينية، إلى واحة مضيئة في محيطه، وفضاء رحب للتعايش بين الديانات، ومساحة فريدة لحرية المعتقد والتعبير، ونقطة تلاق معرفي بين الشرق والغرب". وقال: "هذا الكيان.. الذي صار اسمه الجمهورية اللبنانية، وأرسى الآباء المؤسسون استقلاله لاحقا على صيغة خلاقة سميت الميثاق الوطني.. فتح فسحة إنسانية رحبة وفريدة لأبنائه ولأشقائه، وشق طريقا سريعا نحو الحداثة، ليصير المركز العلمي والثقافي والاقتصادي والسياحي الأول والأنجح في العالم العربي".

اضاف: "قدم الوطن الصغير كذلك، مساهمة جوهرية في الشؤون الاقليمية والعالمية. شارك في تأسيس جامعة الدول العربية، وكان من الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة، ووضع أحد أبنائه المميزين- عنيت به الدكتور شارل مالك- بصمة لبنان على الشرعة الدولية لحقوق الإنسان".

وأعلن سلام ان "هذه الصورة الناصعة، لها مع الأسف، وجه آخر. فتألق اللبنانيين في الداخل والخارج، وفي كل الميادين، شوهه عجزهم على مر السنين عن بناء دولة قوية، تكون حاضنة لمصالح الجماعات، وضمانة وحيدة ضد الاضطراب والفوضى... وقد ظهر هذا العجز باشكال مختلفة، أبرزها الخلاف المتمادي على طبيعة وآليات عمل النظام السياسي، الذي يشكل الدعامة الأساسية للدولة".

وقال: "لقد حقق اللبنانيون في اتفاق الطائف تسوية تاريخية نحو ترسيخ نظام للحكم متوافق عليه... لكن المواقف الملتبسة منه، وعدم تطبيق جميع بنوده، فضلا عن الصراعات الحادة التي تشهدها البلاد منذ عشر سنوات، زادت من هشاشة الوضع السياسي وجعلت استقرار النظام على نصاب معين، أمرا غير محقق".

وأكد "ان الإخفاق في تنفيذ الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، وأولها انتخاب رئيس للجمهورية، هو التعبير الأوضح عن هذا الوضع غير السليم، الذي تكتسب معالجته أهمية مضاعفة في ضوء موجة العنف والتطرف الهائلة التي تجتاح المنطقة، وتضرب كياناتها السياسية وتركيبة مجتمعاتها".

وشدد على "ان انتشار العنف والإرهاب، اللذين تصيبنا شظاياهما في عرسال وجوارها، يضعنا لبنانيين وعربا، أمام امتحان كبير يتوقف عليه مصيرنا، أفرادا وجماعات ودولا. لذلك، فإن مكافحة الإرهاب الظلامي، الذي ينشر في المنطقة القتل المجاني والتطهير العرقي، باسم تفسيرات مشوهة للإسلام العظيم، يجب أن تحتل الأولوية في اهتمامات أصحاب القرار، والحريصين على أمن واستقرار هذه المنطقة ورخاء شعوبها.

وقال: "ان مواجهة هذه الموجة الظلامية عملية طويلة ومعقدة، تتطلب استنفار كل الجهود للتصدي الأمني المباشر للهجمة الإرهابية، من دون أن تتجاهل العوامل السياسية التي ساهمت في نمو بذور الإرهاب والتطرف".

ولفت الى ان لبنان دفع وما زال يدفع، أثمانا كبيرة لهذه الموجة الإرهابية، التي كان آخر فصولها الاعتداء على بلدة عرسال، وما أسفر عنه من خسائر في صفوف المدنيين والعسكريين، فضلا عن وقوع أعداد من أبنائنا في الجيش وقوى الأمن الداخلي، في قبضة المسلحين الإرهابيين".

وقال: "إنني أؤكد أن الحكومة تتعامل مع قضية الأسرى باعتبارها أولوية قصوى لا يتقدم عليها أي هم آخر. وهي تبذل أقصى الجهود، وتسعى بكل السبل، من أجل الإفراج عنهم وإعادتهم سالمين إلى عائلاتهم. وباسم اللبنانيين جميعا، أقول لعائلات العسكريين المخطوفين... لستم وحدكم.... لستم وحدكم..
لبنان كله معكم ... ابناؤكم في الجيش وقوى الأمن، هم شرفنا وعزنا.. ومثلما وقفوا، حين ناداهم الواجب، للدفاع عن الوطن وأمن ابنائه وسلامتهم.. فإننا سنقف جميعا، يدا بيد، وسنقدم كل ما نملك، من أجل أن نحررهم ونوفيهم بعض حقهم علينا".

اضاف: "إن الوصول الى النتيجة التي نريدها جميعا، لهذا الملف الإنساني الشائك، يتطلب أقصى درجات التضامن، ومساندة الدولة ومؤسساتها ودعم الجهود التي تقوم بها. كما يتطلب صبرا وحكمة، وابتعادا عن الاثارة والاستعراضات الإعلامية التي تجلب الضرر ولا تحقق منفعة".

واكد "ان المعركة مع الإرهاب ما زالت في بداياتها. والشرط الأول للفوز في معركة صعبة من هذا النوع، هو رص الصف الداخلي، الذي يشكل خط الدفاع الأول عن لبنان واللبنانيين".

وقال: "إننا في هذا الظرف العصيب الذي يمر به بلدنا ومنطقتنا، مطالبون بتعزيز مؤسساتنا السياسية، والإلتفاف حول جيشنا وقواتنا الأمنية، باعتبارها الأداة الشرعية الوحيدة المسؤولة عن حفظ كياننا وأمننا واستقرارنا. إننا مطالبون بالعودة إلى روح الميثاق الوطني الذي قامت على أساسه الجمهورية، وإلى التمسك بدستور الطائف الذي يبقى المرجع الوحيد الذي نحتكم اليه لتنظيم حياتنا السياسية. إن الآليات التي حددها الدستور، هي السبيل الأوحد والأسلم، لترجمة جميع التطلعات السياسية المشروعة. واعتماد أي سبيل آخر، تجربة مآلها الفشل".

وتابع: "إنني، في هذا الزمن الذي يتعرض فيه التعايش في منطقتنا إلى موجة إرهاب متستر برداء الدين الإسلامي، أكرر الدعوة إلى جميع القوى السياسية للمسارعة إلى انتخاب رئيس الجمهورية المسيحي الماروني، رأس الدولة اللبنانية ورمز وحدتها. بهذه الطريقة نحصن بيتنا، ونعيد النصاب المفقود إلى حياتنا السياسية، ونضخ الحيوية في مؤسساتنا لكي تكون على مستوى التحديات الهائلة التي تواجهنا في الداخل والخارج".

وختم سلام: "الرجال زائلون.. والأنظمة السياسية عرضة للتبدل والتحول.. لكن الكيان أبقى. لبناننا باق واحدا موحدا ضمن حدوده التي أعلنت ذات يوم قبل أربعة وتسعين عاما. هو ثابت في الزمان.. ونحن راسخون في المكان. فلنحفظ هذه الرسالة- الثروة التي أسمها لبنان.. صونا لمستقبل أبنائنا.. وخدمة لكل بلاد العرب".
 

  • شارك الخبر