hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - جوني منير

العدّ التنازلي بدأ...

الخميس ١٥ آب ٢٠١٤ - 07:21

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

كان متوقّعاً أن تتحرَّك الاتصالات بين أطراف المنطقة على مشارف الحملة العسكرية الجاري تحضيرها ضدّ «الدولة الاسلامية» في العراق، ومن أبرَز هذه التحرّكات زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الى السعودية بعد فترة طويلة من انقطاع التواصل المباشر بين البلدين.

صحيحٌ أنّ كلاماً كثيراً راجَ أخيراً عن حتميّة حصول هذا اللقاء خصوصاً بعد وصول السفير السعودي الجديد الى طهران، إلّا أنّ الوساطة العمانية لم تذهب بعيداً، وبقيَ الاجتماعان اللذان عُقدا سرّاً بين وفدين سعودي وإيراني على أرض سلطنة عمان، يتيمين.

قد يكون لذلك اسباب كثيرة وكبيرة، منها ما يتعلق بالوضع الداخلي لكلا البلدين، ومنها ما يتعلّق بالمشكلات الكبرى والملفات الصعبة الناتجة عن الحرب الباردة الدائرة بينهما في عدد من ساحات المنطقة.

لكن مع دخول واشنطن مرحلةً جديدة مع طهران وتقدّم المفاوضات بينهما الى درجة يمكن القول معها بحتمية إنجاز تسوية تاريخية بينهما، كان لا بدّ للعلاقات الإيرانية - السعودية أن تواكب الانفتاح الدولي على ايران. لكن كان ينقص حصول هذا التواصل الايراني - السعودي المباشَر ظرف ملزم ليكون بمثابة ورقة قوية في يد الرئيس الايراني وأركان السلطة السعودية التي شهدت وستَشهد تعيينات كثيرة ومهمة.

وجاء الظرف مع تركيز تفاهم إقليمي مهمّته تدمير تنظيم «داعش» الذي نجَح في تركيز سلطته على مساحة واسعة من سوريا والعراق بفضل الحرب الباردة الدائرة بين الجبارين الاقليميّين. والواضح أنّ تسوية سياسية كاملة حصلت على السلطة في العراق، تلاقت طهران والرياض على مباركتها ودعمها.

وقد تكون مدة الاسبوعين المتبقية من المهلة الدستورية لتأليف الحكومة فترة فاصلة عن بدء تحرّك الآلة العسكرية، لا بل إنّ المناخ الجديد لفَحَ غزة حيث أنجزت تسوية رعتها مصر وشاركت فيها اطراف أخرى من بعيد مثل قطر وإيران.

وفي معلومات عن اللقاء السعودي - الايراني أنّ الجو كان بارداً، ولو أنّ مجرّد حصوله يُعتبر تقدّماً إيجابياً كبيراً. فقد ركّز النقاش على الملفات الأمنية الصعبة وسبل معالجتها، وتبادل الطرفان الاتهامات حول أسباب نموّ «داعش»، إذ تعتبر إيران أنّ الاحتضان والتمويل الخليجيَّين أوصلا الوضع الى ما هو عليه، فيما تؤكّد الرياض أنّ سياسة التوسع وقهر الشرائح السنّية ولَّدت كلّ هذه التنظيمات المتطرّفة.

وتعتبر الاوساط الديبلوماسية المطّلعة أنّ اللقاء نجح في دفع العلاقة بنسبة 20 في المئة الى الامام، لكنّ الطريق ستكون مفتوحة اكثر خصوصاً في اتجاه فتح الملفات السياسية الدسمة بعد النجاح أمنياً في العراق.

السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، وغداةَ قرار بلاده إبقاءه في بيروت، قال أمام مجموعة من السياسيين إنّه وفور إنجاز التسوية في الملف العراقي، سيوضع الملف اللبناني على الطاولة. وعلى عكس ما يعتقد كثيرون بأنّ الملف السوري سيكون التالي، فإنّ لبنان يقترب من لحظة تسوية لمشكلاته العالقة.

ذلك أنّ الملف السوري معقّد وسيأخذ وقته، وهو يحتاج لتحضيرات مكثفة في الغرب، وستشكّل البوابة الأمنية مدخلاً ممتازاً له. فواشنطن تتواصل مع النظام السوري سرّاً ومن خلال القنوات الألمانية، وهي تنجز تنسيقاً أمنياً في هذا المجال، إذ ترسل صوراً جوّية عن مواقع «داعش» من خلال ألمانيا وتحصل على بعض المعلومات الملحّة بالطريقة نفسها أيضاً. أما التواصل المباشَر فيحتاج الى مزيد من الوقت في ظلّ معارضة رأي عام جرت تعبئته طوال المرحلة الماضية.

ووفق الأسلوب نفسه، سيزور المسؤول الامني الفرنسي السابق برنارد سكوارزيني، دمشق خلال أيلول المقبل في أول اتصال مباشر بين فرنسا وسوريا، ولكن من خلال المسؤول السابق للاستخبارات.

في المقابل، تُدرك دمشق مدى حاجة العواصم الغربية للتنسيق الأمني معها، فلَعِبت على خطين: الأول، عسكري من خلال التراخي بعض الشيء في وجه «داعش» لتكبير خطرها مثل ما حصل عند انسحاب الجيش السوري من مطار الرقة.

والثاني سياسي من خلال اشتراط انتزاع اعترافٍ علني من العواصم الغربية لقاء القبول بالتعاون في الحرب على «داعش». لكنّ المصادر الديبلوماسية التي تبدو واثقة من أنّ الامور ستتّجه في النهاية الى التواصل المباشر مع دمشق، ترى أنّ هذا المسار يحتاج الى وقت والى مسائل أخرى مثل استكمال محادثات جنيف.

المهم أنّ الملف اللبناني سيوضع على الطاولة قريباً، لذلك يبدو أيلول شهراً مفصلياً. لكن، هذا قد يعني وجوب تصاعد الحماوة بهدف إنضاج الحلول بطريقة فعالة. حماوة تتركز اكثر في منطقتين: عرسال واحتمالات تجدّد المواجهات، والبقاع الغربي حيث باتت شبعا ومحيطها تحت المجهر الأمني.

ففي هذه المنطقة تنوّع طائفي ومذهبي، درزي- مسيحي- سنّي- شيعي، ما يُعتبر نموذجاً قتالياً للتنظيمات المتطرّفة لتمرير رسائلها ومحاولة فرض واقع جغرافي جديد. والواضح أنّ المقصود هنا «جبهة النصرة» وسعي هذا التنظيم الى الاشتباك المباشر مع «حزب الله» على الاراضي اللبنانية.

لذلك بدا النائب وليد جنبلاط متوجّساً من مشاريع «التكفيريين»، وقدّم دعماً سياسياً كبيراً لـ«حزب الله»، وتسهيلات ميدانية ولوجستية له في تلك المنطقة. لكنّ الحماوة قد تأخذ طابع التفجير والاغتيال بعد مرحلة من الهدوء المصطنع في هذا المجال ما يؤدّي الى الاسترخاء عادة، خصوصاً أنّ الخلايا النائمة أُعيد تأهيلها على اساس اختراق وتجنيد عناصر عسكرية هذه المرة، على الأقل وفق ما تعتقد الاجهزة الغربية.

لكنّ هذه الحماوة ستوظّف لإنتاج تسوية في لبنان تشتمل الحكومة المقبلة ووضع «حزب الله» وتعيينات مهمة يشرف على تنفيذها رئيس جديد يُعتبر جامعاً لكل الشرائح السياسية. وهناك مَن ينصح الرئيس سعد الحريري بالعودة نهايةَ هذا الاسبوع، والمشاركة في جلسة
2 ايلول المقبل والبدء بممارسة ضغط تصاعدي في ملف الرئاسة يبدأ بموقف إعلامي كبير في الجلسة المقبلة.
 

  • شارك الخبر