hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ناتالي اقليموس

جريمة تهزّ جل الديب... كفوري «ما كان عندو عدوّ»

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٤ - 06:34

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

«الموت مَرّ من هنا»... عبارة تختصر ما في عيون أهالي جل الديب من حزن وأسى، بعدما عجزت ألسنتهم عن الكلام. فما حدث قبالة كنيسة القديسة تقلا أمس، لم يكن «فيلماً أميركياً»، ولا تصوير لقطة فيديو كليب أو مقلباً كوميدياً، إنما محاولة سرقة في وضح النهار، تطورت إلى جريمة قتل ذهب ضحيتها إلياس كفوري في العقد الخامس من العمر، من بلدة بولونيا.

«هيدا خَواجا»، «خيرة الشباب»، «قلبو طيّب»، «ما عندو عدو»... برصاص طائش! برصاص بارد! برصاص شابّين خارجَين عن القانون، بغمضة عين، خسِرت عائلة كفوري إبنها إيلي، وبقيت كلمات على ألسنة المحبّين تُعرّف عنه.

الموت على الباب

لا شك في أنّ إيلي كان مشتاقاً لأبيه الذي غادره منذ أعوام، إلّا أنه لم يعتقد لوهلة أنّ شبح الموت يتربّص به على باب محله «إلكترو ستور»، لبيع الادوات والتجهيزات الكهربائية في جل الديب. رفَض أن يختبئ لدى سماعه طلقات الرصاص، فخرَج يُقدّم النجدة ويستفسر عمّا يحصل، فأصيب بطلقتين.

يتحدث أحد الجيران لـ«الجمهورية» عن إيلي: «هادئ بطبعه، ولكن حنون، قد يبيع سلعة ويطنّش عن سعرها، «ما بيقتل نَمله»، طبعاً خرج للمساعدة، فهو ليس جباناً».

بالقرب من متجر المغدور، يشغل شابّان من جنسية أجنبية دكاناً للخضار، ويروي أحدهما تفاصيل الجريمة: «كانت الامور تسير على خير ما يرام، وحركة المتسوّقين تملأ الشارع، إلى أن سمعنا طلقات رصاص كزخ المطر، ولدى رؤيتنا شابّين مسلحين يستقلان دراجة نارية، رمينا أنفسنا على الارض، وبعد مرورهما، رأينا جارنا إيلي يتهاوى أرضاً مضرّجاً بالدم، وقد بقي نحو 40 دقيقة بين الحي والميت، من دون أن يجرؤ أحد على الاقتراب منه».

أمس، لم يقفل إيلي متجره كالمعتاد عند السادسة مساء، إنما القوى الامنية أغلقته ظهراً إثر الجريمة. وحدها سيارته الـ«بيكانتو»، التي تحمل لوحة الرقم 333787 ب، بقيت حيث رَكنها صباحاً، وفي داخلها مسبحة بيضاء معلّقة على المرآة في الوسط، وبطاقة تعريف خاصة به مُلصقة على الزجاج. إثر الجريمة، حاول الأهل إخفاء الخبر عن والدته أليس، مكتفين بإبلاغها أنّ «للّوس أصيب بقدمه»، نظراً إلى وضعها الصحي الدقيق...

عمر جديد

في وقت رحل إيلي تاركاً أمّاً ثكلى، وأختاً مفجوعة، وشقيقين مصدومين سامي وجورج، كُتب للشابّة سمنتا فضل الله عمر جديد، بحسب ما دوَّنت على صفحتها الخاصة على موقع التواصل الإجتماعي، «Thank you God for protecting me and helping me see another day».

إعتادت إبنة الـ23 عاماً أن تسلك الطريق الفرعية للوصول إلى مكتب والدها المقابل لمتجر المغدور إيلي كفوري، إلّا أنها ما إن وصلت إلى التقاطع حتى تفاجأت بشابّين أطلق أحدهما النار في اتجاهها، ليُصيب سيارتها «أودي أ.5»، برصاصات ثلاث. إلّا انها تمكنت من التغلّب على خوفها والفرار بسرعة جنونية، من دون أن تُصاب.

يحاول جوني والد سمنتا تمالك أعصابه، ويروي لـ«الجمهورية» ما حصل، فيقول: «المؤسف أنّ الحوادث تتوالى وما شهدته منطقتنا لم يكن المرة الاولى، فالأسبوع المنصرم حاول مجهول سرقة متجر، وآخر سلب أحد المارّة...».

ويضيف: «الحمدالله نَجت إبنتي بأعجوبة بعدما فوجئت بالمسلحَين يطلقان النار في اتجاهها... إلّا انها تمكنت من الفرار، فاتصلت بي تخبرني ما حدث وهي تجهش بالبكاء، فحضرتُ على الفور لأرى أنّ القوى الامنية تطوّق المكان وجارنا كفوري قد لفظ أنفاسه».

أساس الجريمة

ومساء، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيان لها: «انه عند الساعة 10,30 إشتبه شابّان من سكان جل الديب بشخصين على متن دراجة نارية كانا يخططان للدخول الى أحد المحال التجارية بهدف السرقة، باعتبار المحلة المذكورة تعرّضت سابقاً لمثل هذه الأعمال وأنهما شاهداهما سابقاً أثناء نشلهما إحدى السيدات.

لدى سؤالهما عن سبب وجودهما في المحلّة، شهر أحدهما سكيناً وحاول طعنهما فتمكّنا من انتزاعها منه. عندها، شهرَ مسدساً حربياً وبادر إلى إطلاق النار فحصل تعارك وتضارب، تمكن إثرها أحد الشابّين من طعنه بواسطة السكين دفاعاً عن النفس.

حينها قام المشتبه به الثاني بإطلاق النار باتجاه الشابّين لإبعادهما عن شريكه، ثمّ لاذا بالفرار مطلقين النار منعاً للحاق بهما، ما أدى إلى مقتل المواطن إيلي كفوري (مواليد عام 1962) في أثناء تواجده أمام محله، كما أصيب أحد الشابّين المذكورين برضوض وبعض الشظايا.

برج البراجنة

على الفور عمّمت فصيلة أنطلياس في وحدة الدرك الإقليمي على جميع القطعات لإعلام المستشفيات بغية الإفادة عن دخول أي حالة لجريح نتيجة طعن بسكين، فتمكن عناصر فصيلة برج البراجنة من توقيف المشتبه به الجريح بعد دخوله إلى مستشفى البرج للمعالجة، المدعو ع. ش. (مواليد 1982، لبناني)، وقد تعرّف اليه الشابّان، كما تبيّن أنه من أصحاب السوابق. والتحقيق جار بإشراف القضاء المختص، والعمل مستمر لتوقيف شريكه».

لم يجد أهالي جل الديب وحدهم صعوبة في إغماض جفونهم والنوم أمس، بل اللبنانيّين العزّل برمّتهم، لأنّ ما حدث أعاد إلى الواجهة قضية الأمن الذاتي، ففي بلد «كل مين إيدو إلو» مَن يحمينا؟

  • شارك الخبر