hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - نزار عبد القادر - الديار

نشأة تنظيم الدولة الاسلاميّة ووصوله الى «الخلافة»

الأحد ١٥ آب ٢٠١٤ - 08:52

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بعد ثلاث سنوات من قرار الرئيس الاميركي باراك اوباما الانسحاب من العراق، يبدو أن الولايات المتحدة قد قررت من جديد التدخل عسكرياً في العراق، مع احتمال توسيع هذا التدخل ليشمل سوريا، وذلك من اجل احتواء التهديدات الارهابية التي باتت تهدد استقرار منطقة الشرق الاوسط، مع امكانية ان تتوسع لتطاول الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة.
سبق للرئيس اوباما ان رفض كل الخيارات والتوصيات التي جاءته من داخل الادارة ومن الكونغرس، وحتى من بعض الحلفاء الاوروبيين بضرورة التدخل عسكريا في الازمة السورية، من اجل اسقاط نظام بشار الأسد. كما تراجع عن قراره لمعاقبة النظام السوري على اجتيازه «الخطوط الحمر» التي حددها اوباما بنفسه، والتي تعود الى استعمال السلاح الكيماوي ضد المدنيين. لكن يبدو بأن الرئيس الاميركي بات جاهزاً الآن لاجازة استعمال القدرات العسكرية الاميركية لاحتواء المخاطر التي تمثلها الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام، وذلك بعد احتلالها لاجزاء واسعة من سوريا والعراق واعلانها دولة الخلافة الاسلامية.
يبدو من المؤتمر الصحافي الذي عقده أول أمس وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل ومعه رئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال ديمبسي، والتوصيف الذي استعمل في الحديث عن طبيعة التهديد الذي تمثله «داعش» مع قدراتها العسكرية والمهارات التكتيكية التي اظهرتها، فان الولايات المتحدة قد باتت مستعدة للمشاركة عسكرياً وبقوة من اجل دحر «داعش» في العراق وسوريا. لقد جاءت بعض التصريحات الصادرة عن البيت الابيض لتؤكد على استعداد الولايات المتحدة للتحرك ضد «داعش» من اجل حماية الاميركيين، ولتؤكد بأن قتل الصحافي جايمس فولي بمثابة هجوم ارهابي على الولايات المتحدة، هذا التبدّل الكبير الذي حصل مؤخراً في موقف الادارة الاميركية ومن موقف الرئيس اوباما شخصياً، بعد مقاومته لفترة ثلاث سنوات كل الدعوات والضغوط للتدخل في ازمات العالم العربي قد جاء نتيجة تقويم لمدى الاخطار التي يمكن ان تنتج عن تغيير الخريطة السياسية للمنطقة مع نشوء دويلة «الخلافة» في ظل تنظيم «داعش» مع كل ما يمكن ان يرتكبه من جرائم وفظاعات ضد السكان، وخصوصاً الاقليات، بالاضافة الى امكانية تصديره للارهاب، على غرار ما حصل مع تنظيم «القاعدة» انطلاقاً من افغانستان.
من اجل ادراك حجم التهديدات الارهابية الجديدة لا بدّ لنا ان تجري محاولة لاستعراض نشأة وقدرات واهداف تنظيم الدولة الاسلامية «داعش»، بقيادة ابو بكر البغدادي.
يشكل تنظيم الدولة الاسلامية، والذي اصبح يعرف فيما بعد بـ«داعش» عام 2013، كأحد فروع تنظيم «القاعدة» في العراق، ولكنه سرعان ما تحوّل الى اخطر المجموعات الجهادية بعد المكاسب التي حققها على الارض في كل من سوريا والعراق، عندما اختلف «داعش» مع جبهة «النصرة» العاملة في سوريا تحت مظلّة «القاعدة»، فان ايمن الظواهري قد اعلن بأن «النصرة» هي من تمثل «القاعدة» في سوريا، لكن ذلك لم يمنع «داعش» من تحقيق مجموعة من الانتصارات السريعة ضد قوات النظام السوري، يتحول بعد ذلك الى اقوى تنظيم جهادي في سوريا والعراق على حد سواء، خصوصاً بعد سيطرته على مدينة «الفلوجة» العراقية وطرد قوات النظام منها.
لا تتوافر معلومات دقيقة حول حجم تنظيم داعش، وقد ذهبت معظم التقديرات الى تقدير عدد مقاتليه ما بين 12 و14 ألفاً، بينهم ما يقارب عشرة آلاف من الاجانب الذين ينتسبون الى ما يقارب خمسين دولة، بينهم عدد كبير من الاوروبيين وبعض الاميركيين، لكن تحدثت بعض التقارير بأنه قد انضم الى «داعش» بعد الانتصارات التي حققها في العراق واعلانه دولة الخلافة ما يزيد على ستة الاف مقاتل جديد، يقود هذا التنظيم ابو بكر البغدادي، والذي لم تتوافر معلومات دقيقة عن نشأته وهويته، وهناك ترجيح بأن يكون من مدينة سامراء العراقية ومن مواليد عام 1971. وتقول المعلومات بأن «ابو بكر البغدادي» قد
انضم الى الثورة المناهضة للاحتلال الاميركي للعراق منذ عام 2003.
وضاعت آثاره لسنوات ومن ثم برز من جديد كأحد قادة القاعدة في العراق عام 2010 وقد تحول الفصيل الذي يقوده في عام 2013 الى ما بات يعرف لاحقا بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق و«بلاد الشام» او «داعش».
يعتبر عدد من المحللين بأن «ابو بكر البغدادي» قد تميز بقدراته القيادية الميدانية، وباتقانه التكتية العسكرية، وهذا ما شجع عدد كبير من المقاتلين الجهاديين الشباب على الالتحاق به، بدل الالتحاق بالفصائل الاخرى التي تنتسب للقاعدة التي يقودها ايمن الظواهري، كجبهة «النصرة» او ما شابهها من تنظيمات جهادية اسلامية، ويقدر البروفسور ينثر نيومن بان ثمانين في المئة من المقاتلين الاجانب الذين انخرطوا في الثورة السورية قد التحقوا بـ«داعش» ومن ابرزهم الشبان الذين قدموا من المملكة المتحدة والمانيا، وفرنسا، وبلجيكا والولايات المتحدة، والقوقاز، وان ما شجع هؤلاء على الالتحاق بهذا التنظيم توجهه الواضح لاغتنام الفرصة المناسبة لاعلان دولة اسلامية.
كانت اولى الانتصارات البارزة التي حققها التنظيم في اذار عام 2013 استيلاءه على مدينة الرقة، والتي كانت احدى اولى عواصم المحافظات التي تسقط تحت سلطة الثورة.
يجب ان لا ننسى بأن تنظيم الدولة الاسلامية بقيادة ابو بكر البغدادي قد نشأ على انقاض تنظيم القاعدة في العراق الذي كان يقوده ابو مصعب الزرقاوي، والذي قتل في غارة جوية في حزيران عام 2006، حيث حل مكانه في قيادة التنظيم ابو ايوب المصري والذي غير اسم التنظيم ليصبح الدولة الاسلامية في العراق، وذلك من اجل جذب المزيد من المؤيدين والمقاتلين الى صفوفه.
اما بشأن التمويل الذي يتلقاه التنظيم فتقول المعلومات بان مصادره هي موجودة في الاردن وسوريا وقطر والسعودية. وتحدثت ايضا معلومات عن وصول اموال ايرانية للتنظيم، وذلك كدعم للمعركة التي كان يخوضها ضد القوات الاميركية قبل انسحابها في اواخر 2011.
نجح الاميركيون في عامي 2006 و2007 في احتواء موجة الارهاب التي كانت تقف وراءها الجماعات التكفيرية والقاعدة والمجموعات الاخرى الحاقدة على الاميركيين والوضع العراقي الجديد من خلال انشاء «الصحوات» من ابناء العشائر السنية، لكن سياسات نوري المالكي بعد الانسحاب الاميركي، وخصوصا فشله في الحاق هذه الصحوات بالاجهزة الامنية، بالاضافة الى هيمنة الشيعة من اتباعه على كل مقدرات البلاد قد عمقت الانقسام الشيعي - السني، ودفعت العشائر والقيادات السنية الى معاداة الحكم، ومهادنة «القاعدة» والجماعات الارهابية الاخرى وبالتالي فان تنظيم الدولة الاسلامية في العراق قد وجد من يشجعه ويحميه لتوسيع هجماته ضد نظام المالكي. وهكذا فرط من جديد العقد الاجتماعي الذي قامت عليه الجمهورية. عادت هجمات القتل والارهاب الى المدن العراقية لتحصد حياة العشرات من المواطنين والتي تعدت في بعض الايام مئة قتيل.
وسع تنظيم الدولة الاسلامية عملياته الى الشمال الشرقي في سوريا حيث نجح في السيطرة على مناطق واسعة بما فيها مدينتا الرقة ودير الزور، لكنه سرعان ما دخل في صراع مع الجيش الحر والتنظيمات السورية الاسلامية، بما فيها «جبهة النصرة» التي تنتسب للقاعدة لكن ايمن الظواهري قد اتخذ جانب النصرة في الخلاف بين فرعي القاعدة معتبرا بان النصرة هي ممثل القاعدة في الاراضي السورية.
وكانت ادارة اوباما قد ابدت هواجسها ومخاوفها لتنامي التيار الجهادي في العراق وسوريا فمدت يد المساعدة لنظام نوري المالكين، كما كلفت وكالة الاستخبارات المركزية بتدريب ودعم وحدات النخبة التابعة للسلطة، سنتحدث في تحليل لاحق عن هذا التعاون وعن الاهمال الاميركي في مسرح العمليات السوري.
 

  • شارك الخبر