hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

فضل الله للبنانيين: الوحدة قبل أن تهتز الأرض تحت أقدامنا وقد بدأت تهتز

الجمعة ١٥ آب ٢٠١٤ - 13:15

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد للوصول إليه. ومن التقوى، الأخذ بوصية الإمام الصادق؛ هذا الإمام الذي نستعيد ذكرى وفاته في الخامس والعشرين من شهر شوال، وهو من تعرفون حلمه وعلمه وعبادته وانفتاحه وحواريته، وكان إمام المسلمين جميعا، وعنوانا للإنسانية مع غير المسلمين. في وصية له لأحد أصحابه، يقول: قلت: "يا أبا عبد الله، أوصني"، قال: "أوصيك بتسعة أشياء، فإنها وصيتي لمريدي الطريق إلى الله تعالى، وأسأل الله أن يوفقك لاستعمالها، ثلاثة منها في رياضة النفس، وثلاثة منها في الحلم، وثلاثة منها في العلم، فاحفظها، وإياك والتهاون بها. أما اللواتي في الرياضة، فإياك أن تأكل ما لا تشتهيه، ولا تأكل إلا عند الجوع، واذا أكلت، فكل حلالا، وسم بالله، واذكر حديث الرسول صلى الله عليه وآله: "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، فإذا كان ولا بد، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه". وأما اللواتي في الحلم، فمن قال لك: إن قلت واحدة سمعت عشرا، فقل له: إن قلت عشرا لم تسمع واحدة، ومن شتمك، فقل له: إن كنت صادقا فيما تقول، فأسأل الله أن يغفر لي، وإن كنت كاذبا فيما تقول فاسأل الله أن يغفر لك، ومن وعدك بالخيانة فعده بالنصيحة. وأما اللواتي في العلم، فاسأل العلماء ما جهلت، وإياك أن تسألهم تعنتا وتجربة، وإياك أن تعمل برأيك شيئا (من دون أن تشاور)، وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا، ولا تجعل رقبتك للناس جسرا". بالتزامنا بهذه الوصايا، نصبح أكثر وعيا، وأكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة، وهي كثيرة".

واضاف: "البداية من غزة، حيث عاد العدو ليمارس سياسة التدمير، وقتل النساء والأطفال والشيوخ، وإبادة العائلات، واغتيال القيادات، بعدما فشل في تطويع الشعب الفلسطيني، وفرض شروطه عليه، وهو يريد بذلك أن يكسر إرادة هذا الشعب، كي لا يستمر في مطالبته بحقوقه المشروعة في سيادته على بره وبحره وجوه، وحرية التنقل أسوة ببقية الشعوب، ومن المحزن أن يأتي كل هذا على مرأى من العالم ومسمعه، وفي ظل صمته المطبق، سوى من تمنيات للعدو بإيقاف حربه، من دون أي ضغط عليه. لكن الشعب الفلسطيني الذي برهن صبره وثباته في الميدان، وأثبت استعداده لبذل أغلى التضحيات في الجولة الأولى، وفي السابق، سوف يبرهن مجددا أنه الأقوى أمام آلة القتل والتدمير والإرهاب. ومهما بلغت التضحيات، فهو لن ينحني لهذا العدو، ولن يرفع الراية البيضاء كما يراد له أن يفعل".

وتابع: "ونحن إذ نحيي صمود شعب غزة وبطولة المجاهدين، ونقدم العزاء بالشهداء، ولا سيما القادة منهم، ونتمنى الشفاء للجرحى، ندعو الشعوب العربية والإسلامية إلى أن تخرج عن صمتها، وتهب لنجدة هذا الشعب والوقوف معه.. فما يجري في فلسطين لا ينبغي أن يكون مسؤولية الفلسطينيين وحدهم، بل ينبغي أن يكون مسؤولية كل عربي ومسلم، كما هو مسؤولية كل مستضعف وكل مظلوم، فثبات الشعب الفلسطيني، ومنع العدو من تحقيق أهدافه، هو انتصار للعرب والمسلمين، وكل المظلومين والمقهورين".

وشدد على "دور مصر، الذي نريده أن يكون دورا فاعلا وأساسيا، فمصر ليست وسيطا في المفاوضات، ولا ينبغي أن تكون متفرجة في الميدان، بل هي معنية بشعب تربطها به علاقة الأخوة والدين والتاريخ والجوار، فضعف غزة هو ضعف لمصر، كما أن قوة غزة وصمودها قوة لمصر".

وقال: "نصل إلى العراق، الذي نأمل أن تسرع فيه القوى السياسية وتيرة جهودها، للخروج بحكومة جامعة، تساهم في معالجة أزمات الداخل المستعصية، والتصدي لتحدي الخارج، ومحاولات استهداف وحدة العراقيين"، داعيا "القوى السياسية إلى مراجعة نقدية للسياسات التي حكمت المرحلة السابقة، وإعادة النظر فيها، فالأخطاء التي ساهمت في وصول العراق إلى هذه المرحلة الصعبة، ينبغي ألا تتكرر، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وسياساتهم وأساليبهم".

واضاف: "إلى اليمن، حيث ندعو كل مكوناته إلى الوحدة، للخروج مما يرسم لهم من مخطط للاقتتال الداخلي بين المكونات السياسية والدينية، فلا سبيل لحل المشاكل في هذا البلد، إلا بتنفيذ مندرجات الحوار، وتجسيدها من خلال حكومة جامعة تستقطب الجميع، في إطار وحدة وطنية متماسكة، ومعالجة المشكلات الاقتصادية الحادة، ورفع الغبن الذي يشعر به مكون أساسي في هذا البلد".

وتابع: "نعود إلى لبنان، الذي تستمر معاناة أهله على مختلف المستويات، الأمنية والسياسية والتربوية والمعيشية، فيما لا يزال هناك مخطوفون من الجيش اللبناني والقوى الأمنية، في قبضة الذين يريدون جعلهم رهينة مطالب قد لا تكون قابلة للتحقيق، ما يعني إبقاء هذا الملف مفتوحا، مع ما له من تداعيات على هيبة الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية الرسمية. وهنا، ندعو إلى إيلاء هذا الملف أهمية خاصة، رغم معرفتنا بالتعقيدات التي تحيط به".

ورأى ان "كل ذلك يأتي والمؤسسات الدستورية على حالها، وكأن البلد بألف خير، ويحتمل كل هذا التعطيل. إن هذه التحديات ينبغي أن تكون دافعا للقوى السياسية، لدراسة كل السبل التي تساهم في إيجاد الحلول، بدلا من البقاء في حالة المراوحة والانتظار والانقسام".

وقال: "لقد استبشر اللبنانيون خيرا في عودة العجلة السياسية إلى الدوران، من خلال تواجد كل القيادات السياسية في البلد، واعتقدوا أن مسيرة الحلول قد بدأت، ولا سيما في الملفات الأساسية، ولكن يبدو أن آمال اللبنانيين قد خابت؛ فالبلد لا يزال في دائرة الأزمة، وعلى اللبنانيين أن يصبروا على مشاكلهم، وأن يقلعوا أشواكهم بأظافرهم، إلى حين أن يقرر المسؤولون الالتفات إلى معاناة المواطن وآلامه، وعدم الإصغاء إلى إملاءات الخارج".

ونبه إلى "خطورة الخطاب التحريضي الذي نراه في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي شاهدنا أنموذجا منه، فيما كشف الأسبوع الماضي، أو في الأناشيد التي تتخلل الخطاب الديني أو السياسي، مما بات يهدد واقعنا. إن هذا الخطاب تتغذى منه الجماعات التكفيرية، التي لا يمكن مواجهتها بالأمن والسياسة فقط، بل من خلال عزلها عن الحاضنة التي تؤمن لها التواجد والنمو والاستمرارية أيضا، وهذا لا يتم إلا باحتواء الحساسيات الطائفية والمذهبية والسياسية، والكف عن إنتاج المخاوف وصب الزيت على نار الخلافات".

ودعا "كل الحريصين على قوة الداخل وسلامته، ومواجهة الأخطار المحدقة بالبلد، إلى أن يكون دورهم دور الإطفائي، وأن يكون منطقهم منطق الانفتاح على الآخر. إن قوة البلد في وحدة أبنائه، والوحدة لا تكون إلا حين يستمع كل فريق إلى هواجس الآخر، ويتفهمها، لا أن يلتفت إلى محوره السياسي أو طموحاته الخاصة". 

وختم: "أيها اللبنانيون، الوحدة الوحدة الوحدة، قبل أن تهتز الأرض تحت أقدامنا جميعا، وقد بدأت تهتز".
 

  • شارك الخبر