hit counter script

مقالات مختارة - ناصر زيدان

اشكاليات سياسية ودستورية تواجه دعوة الهيئات الناخبة

الجمعة ١٥ آب ٢٠١٤ - 02:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

وافق مجلس الوزراء اللبناني في جلسة الثلاثاء الماضي على دعوة الهيئات الناخبة الى ممارسة حق الاقتراع في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، ذلك ان ولاية المجلس النيابي الحالي، والمُمدَّدة بقانون، تنتهي في 20 منه، والقانون الانتخابي المعمول فيه حالياً( اي قانون الستين) ينص على دعوة الناخبين قبل 90 يوماً من تاريخ انتهاء ولاية المجلس. ووزير الداخلية نهاد المشنوق ارسل المرسوم قبل المُدة المُحددة الى مجلس الوزراء، لكن هذا المجلس الذي يمارس صلاحية رئيس الجمهورية بموجب المادة 62 من الدستور، لم يجتمع إلا بتاريخ 19/8/2014، وبالتالي فإن التوقيع على مرسوم الدعوة جاء بعد يوماً واحداً من انتهاء المُهلة ، اي قبل مرور 89 يوماً من نهاية الولاية.
التأخير التقني بتوقيع مرسوم الدعوة ربما له ما يبرره، لأن التوقيع على المرسوم بالاساس من صلاحية وزير الداخلية ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، ولا يحتاج الى موافقة مجلس الوزراء في الحالات العادية، لولا الشغور الذي يُصيب موقع الرئاسة.
يمكن تجاوز اشكالية التأخير ليوم واحد، نظراً للظروف الاستثنائية، ولا يبدو ان ايٍ من المُتضررين يمكن ان يراجع مجلس شورى الدولة، الذي وحده يملك صلاحية ابطال المرسوم، لأن مُقدم طلب المراجعة قد يُتهم بوطنيته، لأنه يسعى الى احداث فراغ شامل في مؤسسات الدولة.
في الاشكاليات السياسية لدعوة الهيئات الناخبة، مجموعة من الاعتبارات الجوهرية التي قد يكون لها تداعيات كبرى في الظروف القاسية التي يمرُّ بها لبنان.
اولاً: القوى السياسية مُشتَّتة الى ابعد الحدود، وليست مُتفقة لا على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، ولا على تأجيل هذه الانتخابات، ومدة التأجيل.
فالرئيس نبيه بري يُشجع المُعترضين على التمديد، وهو يعتبر ان لا لزوم للتمديد لمجلس عاطل عن العمل، ولا يقوم بواجباته في التشريع، ولا في المُراقبة، ولا في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وتكتل التغيير والاصلاح يرفض التمديد من دون ان يقدِّم حلول واقعية للمُعظلة، والنائب وليد جنبلاط يؤيد تمديد تقني قصير لعدم ايقاع البلاد في الفراغ، ريثما يتم انتخاب رئيس للجمهورية، امَّا قوى 14 آذار التي ترفض القيام بأي عمل تشريعي قبل انتخاب رئيس جديد، فهي ايضاً ليست مُتفقة على موضوع التمديد للمجلس النيابي، ولا على مدته والكيفية التي يمكن ان يحصل فيها هذا التمديد، وقد هدد النائب سامي الجميل بالاستقالة من المجلس ومن مسؤولياته الكتائبية، اذا ما وافق حزبه على التمديد، وحزب الكتائب ركن اساسي في قوى 14 آذار.
امَّا الاشكالية الثانية فهي في فرضية عدم الاتفاق على التمديد، وبالتالي الذهاب القسري الى انتخابات نيابية في 16 نوفبر، وانتاج مجلس جديد، بصرف النظر عن بعض التحديات الامنية التي قد لا تكون كافية لتعطيل عملية الاقتراع. واذا ما حصلت الانتخابات النيابية قبل انتخاب الرئيس، وُجِبَ على الحكومة ان تستقيل فوراً وفقاً لما ينص عليه الدستور، عند ذلك تقع الاشكالية الدستورية الاكبر، فَمن سيُصدر مرسوم قبول استقالة الحكومة، ومَن سيكلفها بتصريف الاعمال، ومَن سيُجري الاستشارات النيابية المُلزمة لإختيار رئيس حكومة جديد، وكل هذه الصلاحيات حصرية لرئيس الجمهورية، وهناك صعوبة بالغة في ممارسة هذه الصلاحيات من قبل مجلس الوزراء، لأن معظمها له طابع شخصي، وربما يستحيل ممارسة هذه الصلاحيات جَماعياً. لاسيما ان الاعراف الدستورية لا تقبل بأي حال من الاحوال ان يُكلف مجلس الوزراء نفسه بتصريف الاعمال.
طبعاً هذه الفرضيات والاشكاليات مبنية على وجود فراغ رئاسي، ذلك ان فترة التحضير للإنتخابات النيابية – اذا لم يحصل التمديد للمجلس – لن تشهد انتخاب رئيس جمهورية جديد، لأن الخلافات السياسية، والتعبئة الانتخابية، والمُزايدات الشعبوية للحصول على تأييد الناخبين، ستُبعِد فرص الاتفاق على رئيس.
مصادر قانونية ضالعة بالفقه الدستوري، ترى ان الموجبات الوطنية لنواب الامة، تفرض عليهم الشروع فوراً بإنتخاب رئيس للجمهورية، ولا يمكن وفقاً لهذه الموجبات الوطنية التذرُّع بحق الغياب عن الجلسات قانونياً إلا لأسباب قاهرة غير متوفرة، او لإسباب صحية غير متوفرة ايضأً عند الاغلبية المُطلقة من النواب. واذا لم تكُن الضوابط الوطنية كافية لإلزام النواب حضور جلسة الانتخاب، يكون ذلك تحلُّلاً من العقد الوطني، ويستدعي مؤتمر تأسيسي جديد، وهذا المؤتمر بمثابة السُمّ السياسي الذي لا تتحمَّل تجرُعِه البلاد اليوم.
رغم تطور القوانيين العادية، والقوانيين الدستورية، والقوانيين الدولية، لم تتمكن هذه القوانيين مجتمعةً من وضع ضوابط كافية ومطلقة للتجاوزات السياسية الناتجة عن شعور بفائض القوة عند البعض، وبالتالي فإن الاخلاق الوطنية تبقى ضرورية لتجنذُب الاخطار.
 

  • شارك الخبر