hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

مركز عصام فارس احتضن ندوة بعنوان "أي جمهورية تنتظر مصر"

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٤ - 13:28

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أكد الكاتب السياسي والباحث المصري الأستاذ جميل مطر والباحثة في مركز "كارنيغي" الدكتورة مهى يحي أن الطريق إلى الديموقراطية في مصر تمر في فترة صعبة، وأن الهم الأول حالياً يتركز على الإستقرار خاصة في ظل الفوضى التي تعصف بدول عدة في العالم العربي وتنامي الحركات الإرهابية، وشددا في المقابل على أن أسباب الثورة لا زالت قائمة وأن الشعب المصري يتمسك أيضاً بالحرية، لكنه يمنح فرصة للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. ولفت كل من مطر ويحي في ندوة نظمها مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية عن "أي جمهورية تنتظر مصر" وحضرها الوزير السابق بهيج طبارة وحشدٌ من المهتمين، إلى استقطاباتٍ داخلية حادة وتعمّق الإنقسامات في المجتمع المصري خاصة بعد الثورة على "الإخوان المسلمين" العام الماضي، وإلى سعي إلى استعادة قواعد حكم نظام حسني مبارك وفرض ممارسات قمعية تتجاوز أحياناً حتى ما كان يحصل في عهد مبارك. وشددا على الحجم الكبير للتحديات الإقتصادية التي تواجه الحكم والتي تمنع مصر حالياً من استعادة دورها الإقليمي الفاعل، في ظل استمرار لعب الجيش دوراً أساسياً واستناد حكم الرئيس السيسي إليه كركيزة لحكمه.

بعد ترحيب لمدير المركز السفير عبدالله بوحبيب كانت كلمة تقديمية لناشر ورئيس تحرير صحيفة "السفير" الأستاذ طلال سلمان لفت فيها إلى الخبرات الدبلوماسية والفكرية للأستاذ جميل مطر وإلى دقة تحاليله.
ورأى أنَّ شعب مصر قد يتسامح مع الظلم لفترة وقد يتغاضى عن فساد السلطة إلى حين لكنه إذا ثار فإنه مؤهل لإعادة صياغة التاريخ ليس في مصر وحدها بل على مستوى العالم العربي، وأضاف أنَّ وجع العجز عن تحقيق الآمال التي دفعت الجماهير إلى الميدان قد يدفعها إليه مرةً أخرى.

من جهته، قال جميل مطر إنَّ مستقبل الديموقراطية في مصر لم يُحسم بعد ولم تبدأ الطريق إلى هذه الديموقراطية الموعودة، معتبراً أن المزاج المصري الحالي غير ديموقراطي. ولفت إلى ان الضغط والإلحاح على استدعاء دور إقليمي وعربي لمصر قد يشكِّل خطراً عليها لأن الوقت غير مناسب الآن خاصة في ظل التحديات الداخلية الكبيرة التي تواجهها.

وأوضح مطر ان الخيارات للمستقبل يقررها النظام العسكري من خلال طريقة عمله وليس من خلال الطريق التي وضعتها الثورة أو من خلال حراك سياسي. وأشار إلى أنَّ هناك صيغاً عدة للمستقبل من بينها ما يعبر عنها بالتعبير العسكري "كما كنت" أي العمل على منع نشوب ثورة أخرى، و"إلى الخلف در" أي العودة إلى قواعد حكم نظام حسني مبارك. وأضاف أن هناك تياراً من أنصار النظام السابق وخاصة لدى رجال الأعمال ومؤسسة الأمن الداخلي يعتبر انه كان المطلوب إلغاء كل هوامش الحرية السياسية التي سمح بها نظام مبارك سابقاً، والتي ادت بنظرهم إلى تسهيل اندلاع الثورة وليس الأسباب الحقيقية كالقمع والفقر والمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية. وشدد مطر على أن خيار العودة إلى قواعد نظام مبارك أهم ما فيه هو حماية الرئيس للجيش، مشيراً إلى أنه منذ عهد السادات ولاحقاً في عهد مبارك بات الرئيس حامياً للمؤسسة العسكرية من الإعلام ومن السلطة الأمنية الموازية المتمثلة بالأمن الداخلي، ومن المس بالإمتيازات الإقتصادية للمؤسسة العسكرية. ورأى أن تردد الجيش في الإنحياز لأي من الطرفين في الأيام الأولى للثورة عائد إلى انه كان يدرس مسألة إيجاد الطرف الذي سيحميه، ومن هنا أتى قراره بتشجيع "الإخوان" على تولي السلطة.

وقال مطر إن هناك صيغة أخرى لمستقبل مصر هي "إلى الأمام سر" والتي قد تعني خطوات متدرجة مدروسة نحو الديموقراطية وهذا ما لا يحصل حالياً، أو تحقيق قفزات كبيرة كالتي أعلن عنها الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي ومنها ما يتعلق بقناة السويس وعشرات المشاريع العملاقة التي تتطلب مليارات الدولارات، مشيراً إلى أن افكار السيسي قد تكون ناتجة عن الثقة بالنفس وعن سعي الشعب للخلاص ما يمنحه رصيداً شعبياً يعتمد عليه لكن هذا الرصيد بدأ يتراجع.
واعتبر أن هناك صيغة مريحة للحكم والشعب وهي صيغة "استرح"، أي أن يعمد السيسي إلى عدم المبادرة إلى مشاريع كبيرة تضغط على المجتمع والدولة، ووقف المطاردات للمعارضة وخاصة على شباب الثورة وقياداتهم التي هي قيد الإعتقال أو الفرار إلى خارج البلاد، وكل ذلك من ضمن مرحلة انتقالية نحو مرحلة جديدة. ولفت إلى أن السيسي لا يعلن انه لا يريد العودة إلى نظام مبارك والدليل استمرار المحاكمات وسلسلة من الإجراءات القمعية.

وشدد مطر على أن الإنسان المصري تغير وأنَّ السكوت الحالي للشعب لا يعني القبول بكل ما يجري بل يشير إلى منح الحكم الحالي فرصة لكي يقدم شيئاً ما، وعلى أن الإنتظار لن يدوم طويلاً لأن أسباب الثورة ما زالت قائمة خاصة في ظل الإستقطابات الداخلية الكبيرة. ولفت إلى وجود حال رعب من المنظمات التكفيرية الإرهابية من "داعش" إلى ليبيا ومالي وغيرها، وختم بالدعوة إلى عدم استعجال استعادة الدور الإقليمي لمصر لأن دعم الدول الخليجية الحالي لمصر للعب هذا الدور مشروط بأن يكون ذلك لمصالحها الإقليمية.

بدورها، اشارت الدكتورة مهى يحي إلى أنَّ المصريين وبعد أن تعبوا من عدم الاستقرار، يتم تخييرهم الآن بين الحرية والأمن، خاصة بعد ما حصل في فترة حكم "الاخوان"، وفي ظل الانقسامات العامودية الشديدة التي يشهدها العالم العربي والعنف العبثي. وشددت على أنَّ تغييراً عميقاً حصل على مستوى الشعب المصري الذي لا يريد العودة إلى القمقم، وأشارت إلى سعي النظام الحالي لإعادة الامور إلى أسوأ مما كانت عليه في عهد مبارك، وإلى الحملات القمعية ضد منظمات المجتمع المدني وضد أي حركة قد تكون عابرة للفئات الاجتماعية.
ولفتت يحي إلى التأثير الكبير لحملات "أخونة" الدولة ومحاولة تغيير هويتها والتي قام بها "الإخوان المسلمون" خلال فترة حكمهم على تفكير الشعب المصري. وأضافت أن هناك انقسامات عميقة في المجتمع ، وهذا ما يفسر ردة الفعل الشعبية غير المبالية على أحداث فض اعتصام "رابعة العدوية" للإخوان العام الماضي وتخلله سقوط مئات القتلى، إذ تعامل الشعب مع "الإخوان" على أنهم عدو داخلي. وقالت إنَّ الإخوان تصرفوا بمراهقة سياسية لكنهم لم يكونوا خونة لمصر، مشيرة إلى أنَّ القمع لا يتوجه إليهم فقط بل إلى قيادات الثورة من الشباب والمنظمات المدنية. وأسفت لأن تتحول مصر لمكان للعنف وللعنف المضاد، مشيرة الى ضرب مصداقية القضاء من خلال اصدار احكام بالإعدام على مئات الأشخاص في نهار واحد على سبيل المثال. ولفتت إلى وجود نقاش في داخل "الإخوان" ولاسيما الشباب منهم حول اللجوء إلى العمل المسلح وذلك بسبب الإنسداد السياسي.

وأكدت يحي أن الرئيس السيسي اليوم لديه فرصة للم الشمل الوطني والحد من الإنقسامات خاصة في ظل الرصيد الشعبي الذي يتمتع به، لكنها رأت أنه لا يستعمل هذا الرصيد كما يجب. وأشارت إلى التحديات الإقتصادية والإجتماعية، موضحةً أن نحو ربع الشعب المصري يعاني من الفقر وأن هناك نسبة بطالة عالية خاصة لدى الشباب إضافة إلى العجز المالي، ومع ذلك لا يتم النظر إلى الإصلاحات المطروحة كسلّة كاملة حتى الآن. ورأت أنَّ الرئيس السيسي يحافظ على إشراك الجيش في دور كبير في الإقتصاد ويبرر دور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية والاقتصادية، وهذا ما اعتبرته أنه يدخل الجيش في متاهات. وشددت على ان القمع والوضع الأمني يجب ألا يأتيا على حساب الحريات، لأن ذلك يؤسس لثورة ثانية وثالثة ويعمق الشرخ القائم في المجتمع، ويمنع بالتالي اجتذاب استثمارات اجنبية.
 

  • شارك الخبر