hit counter script

مقالات مختارة - الياس قطار

أوّل ملامح التمديد تجاهل الهيئات الناخبة؟

الثلاثاء ١٥ آب ٢٠١٤ - 06:51

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

صدى البلد
ليس تجاهل مرسوم دعوة الهيئات الناخبة زمنياً سوى مؤشّرٍ “دامغٍ” الى تمديدٍ بدأت رائحته تنبعث من معظم الكواليس السياسيّة. مؤشّر يدفع بعض رافضي التمديد الذي بانت ملامحه يوم أمس الى إقناع أنفسهم بأن تأخيراً في توقيع المرسوم قد يُعوَّض بتمديدٍ “بروتوكولي زمنيٍّ” قصير لموعد إجراء الانتخابات من باب احترام مهلة التسعين يوماً، أو بتعديلٍ يقصّر تلك المهلة أيامًا معدودة من دون المسّ في تاريخ 16 تشرين الثاني.

غسل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق يديه من المرسوم فوقّعه وأحاله الى الحكومة التي يبدو أنها لن “تبدّيه” على بنود تراخيص المؤسسات التعليمية ومعضلة النفايات والمكبات ومتابعة حالة الجفاف. الأكيد أن المرسوم غير وارد على جدول أعمال جلسة الغد ولكن ما هو غير محسوم بعد إقدامُ أحد الوزراء على طرحه داخل الجلسة للبتّ فيه من خارج الجدول. وهنا يؤكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ”صدى البلد” أن “بند المرسوم قد يُطرَح من خارج الجدول، وفي حال حصل ذلك فحتمًا سيكون إما على يد رئيس الحكومة وإما وزير الداخلية، وهذا الاحتمال وارد”.

حلولٌ إنقاذية
في الأمس كان من المفترض أن تحتضن الجريدة الرسمية مرسومًا مذيّلاً بتوقيع 24 وزيراً ركوناً الى فترة الأيام التسعين التي يجب أن تسبق موعد إجراء الانتخابات في 16 تشرين الثاني لمصادفته يوم أحد يسمح للوزارة المعنية بإجراء الانتخابات في يوم عطلة عامة وفي جولةٍ واحدة في كلّ الأقضية. ولكن اليوم وقد وقع التأخير وأصبح إيجاد المخارج يقوم هو الآخر على خروقٍ قانونية وشرعية تُضاف الى خرق التمديد الأول، أيّ مسار قد يسلك مرسوم الهيئات الناخبة؟ وما هي الحلول الإنقاذيّة في الحدّ الأدنى من الإطاحات الدستورية والقانونية؟

تعديل يُطيل المهلة
يؤكد المرجع الدستوري والقانوني بول مرقص لـ”صدى البلد” أن “ولاية المجلس النيابي تنتهي في 20 تشرين الثاني، وتُجرى الانتخابات خلال الأيام الستين السابقة لانتهاء ولاية المجلس، أي بين 20 أيلول والأحد 16 تشرين الثاني. هذه الفترة الفاصلة بين انتهاء ولاية المجلس وما دون منصوص عليها صراحة في المادة 43 من قانون الانتخابات النيابية 25/2008 المعروف خطأ بقانون الستين. أما لجهة دعوة الهيئات الناخبة، فيجب أن يكون بين نشر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة واجتماعها 90 يومًا على الأقل وفق المادة 44 من القانون المذكور آنفاً، أي أنه يجب نشر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في الجريدة الرسمية في تاريخ أقصاه اليوم (أمس). وبالتالي طالما أن القانون نصّ على ذلك أيّ تعديل يجب أن يكون بمقتضى قانون جديد يعدّل القانون الحالي ساري المفعول (25/2008). بمعنى أن المخرج الوحيد كي لا تكون الحكومة قد وقعت في مخالفة قانونية هي أن يُصار الى تعديل قانون الانتخابات النيابية لإطالة هذه المهلة”.

مخالفة موصوفة
قد يمحو اجتماع المجلس النيابي لتعديل القانون الساري جزءاً من فداحة المخالفة الدستورية الصارخة والمتجسدة في حقيقة أن المجلس اليوم هو هيئة ناخبة لا هيئة تشريعية، وهو ما يعكس مخالفة موصوفة في حقّ الناخبين والمرشّحين للاستعداد في الفترة التحضيرية للانتخابات. وهنا يشير مرقص الى أن “مجلس النواب ليس قادراً على تعديل القانون ولكن بمقتضى مرسوم الدعوة الى عقد استثنائي وقّعه رئيس الجمهورية المنتهية ولايته قبيل مغادرته أتيح لمجلس النواب بشكل استثنائي أن ينظر في مشاريع واقتراحات القوانين الضرورية والملحّة، وأعتقد أن تجنيب الانتخابات النيابية في حال حصلت طعناً فيها لا يكون إلا بمقتضى قانون جديد يعدّل القانون الحالي وتحديداً المهلة الفاصلة التي تحدّثنا عنها”.

تخطئ الحكومة إن...
ربّما تتناسى الحكومة اليوم أن مسؤوليتها مضاعفة بعدما أنيطت بها صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة، ولعلّ هذا التناسي هو ما يفتح نار القانونيين عليها وهي التي تحتضن عدداً لا يُستهان فيه من المحامين والقانونيين المتبحّرين العارفين سلفاً بأن “جنحةً” دستورية تعزز “الجريمة البرلمانية” قد تُرتَكب في كواليسها من باب الارتقاب السياسي والبناء على النيّات بمعنى التسليم بتسليم كلّ الكتل بالتمديد. وفي هذا المضمار، يشدد مرقص على أن “الحكومة لا يمكنها أن تراهن على قيام مجلس النواب بالتمديد لولايته، وهذا الرهان لا يمكن أن يحصل لأن المجلس النيابي ربّما سيعدل عن هذا القانون التمديدي في اللحظة الأخيرة في إطار صحوة ضميرية دستورية، وبالتالي لا يجوز للحكومة أن تراهن على أمرٍ ليست لها فيه حيلة، خصوصًا أنها اليوم تحت موجب تطبيق قانون ساري المفعول”.
يضمرون التمديد...
ما يقوله الدستور والقانون لا يفعل فعله في الكواليس السياسيّة التي بدأ بعضها يعتاد على “نشوة” التمديد بلا روادع. وما لا يقوله أفرقاء 14 آذار علناً يضمرونه حتمًا لا سيّما “المستقبل” الذي لم يتّضح بعد مسار تحالفاته المقبلة بناءً على جملة أحداث وتطوّرات. وفيما يبدي الرئيس نبيه برّي عزمًا ظاهراً على رفض التمديد ودعوة المجلس الى الانعقاد لمناقشة قانون جديد أو المضي في قانون الستين، تبدو الرابية وحيدة في سرب المغرّدين ضدّ التمديد ولكن بنفَس أقلٍّ حدّةٍ عن التمديد الأول، ربّما لخيبتها الناجمة عن عدم تمكّنها من نسج تحالفاتٍ جديدةٍ قادرة على فرز برلمان جديد بأكثريته وأقليّته يوصل في دوره عمادها الى قصر بعبدا بثلثين مرتاحيْن.

غير شرعي وغير قانوني
يعلم نوّاب الأمة أن أيّ تمديد ثانٍ لأنفسهم لن يكون غير شرعيٍّ فحسب هذه المرّة، بل غير قانوني أيضًا لأن المجلس مُدِّد له مرّة ويوم حصل ذلك كان النواب ضمن ولايتهم، أما اليوم فهم في ولايةٍ ممدّدة وبالتالي لا يجوز لهم شرعاً وحتى قانوناً أن يمدّدوا لأنفسهم ثانية. إلا أن التعويل الأوّل البديهي يبقى على الحكومة المؤتمنة على صلاحيات رئيس الجمهورية بتمرير مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لتضع بذلك الحجر الأول في هيكل إسقاط خيار التمديد، استناداً الى واجبها في حسن تنفيذ الوكالة وتوقيعها المرسوم ونشره في الجريدة الرسمية. فالحكومة في هذه الحالة، وعلى ما يشير مرقص، “توقّع وكالة عن الرئيس لأن ذلك لا يندرج ضمن صلاحياتها في الأساس ولا يحتاج الى مجلس وزراء، وبالتالي لا يمكن لها أن تفرّط في صلاحيات الرئيس بمراهنتها على عدم إجراء الانتخابات لأنها بذلك تكون قد فرّطت في مقام الرئاسة الأولى برمّتها”.

كلّ يوم يُعقّد التعديل
إذاً يُنتظر من الحكومة اليوم ألا “تقذف” التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الى جلسة الخميس حتى لو وصل وزير الخارجية متأخراً، وهي التي يعلم وزراؤها جيداً أن كلّ يوم تأخير يعقّد حلول التعديل في مجلسٍ ناخبٍ لا تشريعي.
 

  • شارك الخبر