hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ناصر زيدان

جنبلاط لا يلعب دور العراب في ملف الرئاسة

الجمعة ١٥ آب ٢٠١٤ - 06:45

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

اوحت بعض التصريحات التي صدرت في اعقاب اللقاء الذي حصل بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، كأن الاجتماع - الذي عُقدَ بعد انقطاع استمرَّ ثلاث سنوات - كان مُخصصاً لمناقشة ملف الرئاسة اللبنانية الشاغرة، او محاولة لتسويق بعض الاسماء لهذا الموقع. ووصل الامر عند بعض نواب التيار الوطني الحر الى حد اتهام جنبلاط بمحاولة "التسكير" على منافذ العماد ميشال عون، واستبعاده من قائمة المُرشحين. مع العلم ان المُعطيات الموضوعية تُؤكد ان هذه المنافذ لم تكُن مفتوحة اصلاً، ولوائح اسماء المًرشحين ليست مُحددة منذ ما قبل بداية الشغور، لكون الطائفة المارونية تزخر بالشخصيات القادرة على تولي المنصب.
جوهر لقاء نصرالله – جنبلاط تركز حول العدوان الاسرائيلي على غزة، وما حصل جرائه من جرائم وحشية طالت الاطفال والنساء والشيوخ، ودمَّرت البُنى التحتية، ورافق ذلك تداعيات سياسية واسعة التأثير، خصوصاً من خلال الاجازة بالقتل التي اصدرتها بعض الدول الكبرى، مُعطيةً ضوءً اخضر لآلة الموت الاسرائيلة للاستفحال في جرائمها.
مصادر مُقرَّبة من جنبلاط تؤكد ان للقاء مجموعة من الاهداف التي تتمحور حول تحصين الاستقرار الداخلي اللبناني، وتدعيم صمود الفلسطينيين في مواجهة العدوان، واستشراف مستقبل الاضطراب الذي يحصل في سوريا والعراق، وما يمكن ان يحمله من اخطار، قد يكون لها تداعيات مُخيفة على الدول المُجاورة، وانعكاسات مُقلقة على لبنان. فطروحات المنظمات المُتطرفة، واستفحال قمع الانظمة في البلدين، يُهددان الجميع. وهذه الظواهر وفقاً لرؤية جنبلاط خطراً على المشرق العربي برُمته، وتشوِّيها لصورة الشهامة العربية، وهي دخيلة على الاسلام الراقي، وعلى تعاليمة السمحاء الناصعة.
وجنبلاط على ما ترى اوساطه: لايعمل كعراب لإخراج تسوية لملف الرئاسة اللبنانية، برغم كونه الاكثر حماسة للإستعجال في انتخاب رئيس، ذلك انه يتجنَّب الدخول في ملفات يمكن استغلالها في الساحة المسيحية، لأن التهمة القديمة الجديدة جاهزة، ويُقال عنه دائماً في اوساط قوى مسيحية فاعلة: انه يحاول تقليص دورهم، او التدخُل في شؤونهم، ويسترسل بعض النواب فينبشوا ملفات الحرب الماضية بلغة تحريضية شعبوية، توتر الاجواء اكثر مما تُعطي نتائج سياسية، بينما ترى هذه الاوساط عينها ان جنبلاط من اكثر الحريصين على الحفاظ على المسيحيين وعلى دورهم ومكانتهم، ودعم ترشيح النائب هنري حلو للرئاسة لا يأتي من باب فرض رئيس على المسيحيين، بل على خلفية تعزيز الرؤية الجامعة التي يُفترض ان يتحلَّى بها الرئيس كحاكم وحكم بين اطراف الصراع كافة، ولا يستطيع القيام بهذا الدور رئيس هو جزء من الصراع.
استكمال التسويات على ملف السلسة
ومن المُعظلات التي تواجه لبنان، الى جانب الشغور الرئاسي وقرب انتهاء مدة مجلس النواب في 16/11/2014، تبقى سلسلة الرتب والرواتب التي يطالب فيها موظفي القطاع العام والمعلمين في القطاعين العام والخاص، وبسبب عدم اقرارها يتمنَّع المعلمين عن تصحيح امتحانات الشهادات الرسمية، وعشرات الآف الطلاب ينتظرون مصيرهم المجهول، والعام الدراسي القادم على الابواب.
رئيس اللقاء الديمقراطي النيابي وليد جنبلاط وعد هيئة التنسيق النقابية التي التقاها مؤخراً ان يبذل جهداً لإيجاد الحلول للمُعظلة، بالتنسيق مع القوى السياسية الأُخرى، لاسيما مع تيار المستقبل الذي يحمل مجموعة من الملاحظات على بنود التحصيلات التي اقترحها وزير المال علي حسن خليل، مُشككاً بقدرة الدولة على تحصيلها، وبالتالي يمكن لإقرار السلسلة وفقاً لهذه الاقتراحات ان تزيد العجز الذي قد يؤدي الى تضخم، او الى انهيار اقتصادي.
نجح جنبلاط في الوساطة التي ادت الى ايجاد مخرج لدفع رواتب القطاع العام من احتياط الموازنة، تجنباً لجلسة تشريعية للبرلمان كان يطالب بها وزير المالية، وترفضها قوى 14 آذار، وهو يتابع الوساطة لإقرار سلسلة الرتب والرواتب بأقل خسائر مُمكنة، ومن هذه النقطة يسعى جاهداً مع الرئيس نبيه بري ومع الرئيس سعد الحريري لتدوير الزوايا، وايجاد توافق يُخرج السلسلة الى النور، ويحفظ الانتظام العام في الحياة الوطنية اللبنانية. هذا الانتظام لا يمكن تجاهله مهما اشتدَّت وتيرة الاضطراب الخارجي، ومهما كانت الصعوبات الامنية قاسية، لأن الحياة لا تتوقف، ومطالب المواطنيين لها استمراريتها التي لا تنتظر.
مساعي اقرار سلسلة الرتب والرواتب تحتاج الى صبر وعناء، وسط حقل واسع من التباينات يبدأ من الاختلاف على تقدير التحصيلات الفعلية، ولا ينتهي عند الاختلاف في رؤية القوى السياسية حول حجم القطاع العام. إلاَّ ان هذا التباين لا يُعفي القوى السياسية من مهامها في استمرارية الانتظام، وتوفير الارضية لسير الحياة الطبيعية للمواطنيين ولمرافق الدولة الى ان تحين الظروف لإحداث تغييرات جوهرية على بُنية الدولة، بصرف النظر عن نوعية هذه التغييرات.
الايام القادمة ستُبيِّن مقاصد الحركة الجنبلاطية، وربما تكشف عورات الاستعجال في الاستنتاج.
 

  • شارك الخبر