hit counter script

أخبار اقتصادية ومالية

قطاع الاتصالات: مطرقة الخصخصة ومسمار "تليكوم"

الخميس ١٥ تموز ٢٠١٤ - 09:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ينشغل المجلس الأعلى للخصخصة بورشة خصخصة قطاع الاتصالات، ولا سيما إنشاء شركة ليبان تليكوم التي سترث وزارة الاتصالات وهيئة «أوجيرو». هذه الورشة دونها عقبات تتصل بمستقبل الشركة وتوزّع الحصص السياسية فيها، تبدأ بهوية الشريك الاستراتيجي ولا تنتهي بصعوبة التوافق على توزيع المغانم في ظل الانقسام السياسي

في مكتبه الفسيح في السرايا الحكومية في بيروت، يمضي زياد حايك، الذي تحمل سيرته الذاتية عشرات المناصب، إضافة الى منصبه الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة، جزءاً أساسياً من وقته في متابعة ملفات الخصخصة. الملف الذي يطبخ على نار حامية هذه الأيام هو ملف الاتصالات، وتحديداً إنشاء شركة «ليبان تليكوم» التي سترث قطاع الاتصالات في لبنان.
«أنا دائماً أشبّه الخصخصة بأنها مثل الشاكوش، إذا كان لديّ مسمار فالشاكوش أداة ممتازة للإصلاح، ولكن بشرط وجود المسمار. وكذلك الخصخصة لا تصلح كأداة إلا إذا توفرت عواملها، وعدا ذلك فهي مضرّة ولا نريدها. الموقف المطلق مرفوض (ضد الخصخصة أو معها). تماماً مثل القول (ضد الشاكوش أو مع الشاكوش)». هذه هي المقاربة التبسيطية التي يقدمها حايك لموضوع شائك ومعقد مثل الخصخصة، ولا سيما في مجال احتكار الاتصالات الذي يدر أرباحاً ضخمة لخزينة الدولة. يضيف حايك: «لا يمكن أن تكون مع الأداة أو ضدها. فهي تختلف من حيث آلية استخدامها، لذلك أشجع على اتخاذ موقف براغماتي من الخصخصة، وبتعبير أوسع الشراكة بين القطاعين العام والخاص».

ينص المرسوم 13944 الصادر عام 2005 على إنشاء شركة مغفلة تسمى شركة اتصالات لبنان «ليبان تليكوم» موضوعها توفير خدمات الاتصالات. يستند هذا المرسوم الى قانون الاتصالات رقم 431 الصادر عام 2002، ولا سيما المواد 44 و45 و46 منه.
تضارب المصالح والصراع من أجل الفوز بريوع قطاع الاتصالات المغرية كانا من العوامل التي حالت حتى الآن دون إنشاء هذه الشركة، فضلاً عن أن رئيس مجلس النواب نبيه بري اعتبر أن المرسوم المذكور صدر عن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بعد استقالة الوزراء الشيعة منها، وبالتالي اعتبرها غير ميثاقية. ومنذ توقيع اتفاق الدوحة في عام 2008، رأى وزراء التيار الوطني الحر الذين تعاقبوا على وزارة الاتصالات أن قانون الاتصالات 431 غير نافذ، بموجب حكم قضائي صادر عن مجلس شورى الدولة، الذي استند الى المادة 51 من القانون نفسه، التي نصت حرفياً على: «تبقى جميع الأحكام القانونية والتنظيمية المعمول بها قبل نفاذ هذا القانون سارية المفعول إلى أن يتم تنفيذ القانون».
وزير الاتصالات الحالي، بطرس حرب، رفع شعار تطبيق القانون 431 واعتبره أولوية في عمل وزارته، وبالفعل بدأ المجلس الأعلى للخصخصة، برئاسة الرئيس تمام سلام، بدراسة ملفات خصخصة القطاع، إلا أن حرب بدأ بالتراجع عن فكرة التعجيل في إقرار المراسيم التنظيمية وإنشاء شركة ليبان تليكوم قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبات مقتنعاً، بحسب مصادر «الأخبار»، بترك الأمر الى ما بعد إجراء الانتخابات النيابية، ولا سيما أن خطوة إنشاء الشركة العتيدة تحتاج الى توافق سياسي ينطوي على «محاصصة» لا تتوافر شروطها الآن، إذ إن القانون 431 ينص على إدخال شريك استراتيجي (شركة) تتملّك نسبة أقصاها 40% وتتولى الإدارة. فهل يمكن التوافق على هذه الشركة؟

يقول حايك «إن الوزير بطرس حرب قال بصراحة إنه يريد أن يعيد الاعتبار لقانون الاتصالات، لا أن يطبق أموراً هي عكس ما نص عليه القانون. للأسف، الوزراء السابقون تجاهلوا تطبيق القانون ولم يطرحوا تعديلات ولم يقدموا بدائل تشريعية. حالياً، يجري العمل على تعيين هيئة ناظمة جديدة، وإنشاء شركة ليبان تليكوم لأنه لا يجوز أن نبقى في وضع شاذ عن بقية دول العالم. والشركة يجب أن تكون الوريث لهيئة أوجيرو وللمديريات العامة المختصة في وزارة الاتصالات (التشغيل والصيانة، الإنشاء والتجهيز)».

يوضح حايك أن «الوزير حرب يدرس حالياً خطوة إنشاء الشركة وتسجيلها كشركة مساهمة وفق ما نص عليه المرسوم الصادر عام 2005. في المرحلة الأولى سوف تملك أسهمها الدولة، ولاحقاً يجري تحويل جزء من أسهمها الى القطاع الخاص، ولكن بشرط أن تستخدم الأموال لإطفاء الدين العام، وأن يكون أي إنفاق تنموي ناتجاً من موازنة عامة لا من خلال الأموال الناتجة من بيع الأسهم». ويضيف «إن رأسمال شركة ليبان تليكوم سيكون مفتوحاً من خلال الاكتتاب في بورصة بيروت، وهذا الاكتتاب يمكن أن يكون إضافة الى الشريك الاستراتيجي بنسبة 40% أو أن يكون جزءاً من هذه الحصة، بحيث يدخل الشريك الاستراتيجي بنسبة 15 أو 20% وتباع بقية الأسهم الناتجة من حصة الـ 40% عن طريق الاكتتاب المباشر في البورصة»، معتبراً أن «هذه الطريقة تضمن تفعيل بورصة بيروت من خلال أكبر شركة مساهمة (...) فعندما يكون هناك سيولة كبيرة في البورصة لا تعود العمليات المالية الصغيرة تؤثر في أسعار الأسهم بشكل كبير، وهذا يشجع أيضاً الشركات العائلية على طرح أسهمها في البورصة من دون تغيير طابعها. مشكلتنا في لبنان أنه بسبب ضعف البورصة، تبقى الشركات اللبنانية صغيرة ولا تملك خيار التوسع الإقليمي والمنافسة الدولية، في وقت تسيطر فيه على السوق شركات منافسة غير لبنانية».
لكن، هل ينص قانون الاتصالات على الاكتتاب في البورصة قبل اختيار الشريك الاستراتيجي وتوليه إدارة الشركة؟ يتبين من نص المادة 66 من قانون الاتصالات أن القانون لم ينص صراحة على تلازم الخطوتين، إذ تنص المادة على ما يأتي «يحدد مجلس الوزراء، بناء على اقتراح الوزير، المواعيد التي تطرح فيها الأسهم الأخرى التي هي ملك الدولة اللبنانية (60% حداً أقصى) على مستثمري القطاع الخاص، ويحدد بالمناسبة ذاتها نسبة الأسهم المطروحة وسعر السهم الواحد وكيفية الطرح». ويؤكد مصدر مطلع لـ«الأخبار» أن الأطراف السياسية التي ناقشت ملف خصخصة الاتصالات، بهدف الوصول الى توافق سياسي على هذه الخطوة، لا تزال تحمل وجهات نظر متباينة. فمن جهة، يصر فريق 8 آذار على ضرورة أن يتم الاتفاق على الشريك الاستراتيجي بالتزامن مع إنشاء الشركة، لا الانتظار لمدة أقصاها سنتان، بحسب ما يتيح القانون. ويرى هذا الفريق أن هذه الخطوة تضمن نزع إدارة القطاع من الفريق السياسي الذي يهيمن عليه من خلال الرئيس الحالي لهيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف، كما أنها تسمح بالتفاوض حول هوية الشركات التي ستتقدم للمزايدة العالمية وفق دفتر الشروط. في المقابل، يصر فريق 14 آذار على أن مسألة البيع يجب أن تأخذ مداها، وهو يرفض تقديم ضمانات مسبقة حول آلية إدارة الشركة بعد إنشائها، كما أنه يصر على خطوة طرح الاكتتاب في بورصة بيروت، بالتزامن مع إنشاء الشركة، وهذا الفريق يعتقد أن باستطاعته إبقاء تحكمه بالقطاع من خلال تصوير عملية إنشاء شركة ليبان تليكوم كما لو أنها مجرد تغيير لاسم «أوجيرو».

"الاخبار - بسام القنطار"

  • شارك الخبر