hit counter script

الحدث - دنيز عطالله

المسيحيون وغلطة السلاح

الخميس ١٥ تموز ٢٠١٤ - 05:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

المسيحيون خائفون ومستهدفون ويشعرون بالغربة في اوطانهم. هذه حقيقة لا يبررها قول بعضهم ان كل المعتدلين مستهدفين. ولا يخفف من وطأتها ادانة "داعش" ومن ينتسب اليها في الفكر والسلوك والمظهر.
فخوف المسيحيين واستهدافهم لم يأت مع "داعش". معها صار له لون الدم والرؤوس المقطوعة والكنائس المفجرّة والصلبان المحطمة. لكن قبلها لم يكن المسيحيون بحال افضل بكثير. تكفلت الانظمة الديكتاتورية بتعميم الظلم والقمع والاستهداف، تحت مسميات مختلفة. فهجرة المسيحيين من الشرق لم تأت من فراغ. لا يعيبهم اتهامهم بالسعي الى حياة آمنة والى بحبوحة اقتصادية وفرص تعليم وعمل. هذه تسجل لهم، لا عليهم.
هجرة المسيحيين من هذا الشرق لم تبدأ مع "داعش"، وان اتت الاخيرة لتتوج سنوات من ضيق الشرق بمسيحييه، ومن كل اقلياته.
المسيحيون مستهدفون في زمن الانهيارات الكبرى، وتفكك الدول وتحللها وتزعزع القيم. في كل مرة كان التحدي الذي يرمى في وجه المسيحيين هو "دورهم" و"رسالتهم" و"الاضافات" المطلوبة منهم. كأنه مفروض عليهم الدور شرطا للوجود، ومفروضة عليهم الرسالة ضمانة للحياة والبقاء!
يزداد ضيق الشرق اليوم بمسيحييه حتى يكاد يخنقهم واقعا ومجازا. هذه لا تحتاج الى شواهد، وهي على امتداد بلاد الشرق البائس. فكيف سيواجه المسيحيون؟
لا تبدو الخيارات كثيرة، واحلاها مرّ. لكن اخطرها، من دون شك، اصوات تعلو من هنا وهناك تدعو الى الدفاع عن النفس وحمل السلاح. هذا خيار قاتل بكل المفاهيم. خيار يقضي على ما تبقى من ذاك الدور المفترض والرسالة المرجوة، ومعهما على من تبقى منهم في هذه البلاد الملعونة.
لم ولن يكون السلاح حلا. جربه المسيحيون، اللبنانيون منهم تحديدا. قاتلوا وقتلوا. دُمرت منازلهم . تهجروا من قراهم وبلداتهم. تقلص حضورهم على مساحة الوطن. قضى في الحروب خيرة من شبابهم، وهاجر من استطاع للهروب سبيلا. فالسلاح يستدعي السلاح. اختبروا ذلك بالملموس. جلبت لهم الحروب الموت بكل اشكاله. موتا حقيقيا وموتا لارث قيميّ وثقافي واجتماعي وحتى اقتصادي يجرون اذياله الى اليوم.
حماية المسيحيين لا تكون الا بالدولة. هي معبرهم الالزامي الى المواطنة والمساواة واحترام خصوصيات الافراد والجماعات. هي حصنهم وحضنهم الآمن. فلا استقرار ولا امان لهم الا في فيء دولة مدنية ديموقراطية عادلة، تشبههم ويشبهونها. هذا هو التحدي والرهان. اما السلاح ..اي سلاح، فغلطة لا يمكن من بعدها احتساب الخسائر.
 

  • شارك الخبر