hit counter script

خاص - ملاك عقيل

بوصلة العونيين و..التفاصيل

الأربعاء ١٥ تموز ٢٠١٤ - 06:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

منذ آواخر أيلول من العام 2013 وضع العماد ميشال عون حدا لاجتماعات كان يرأسها لكوادر "التيار الوطني الحر" ممّن يطلّون على الاعلام مرّة كل أسبوعين، وذلك إثر تسريبة من الداخل بشأن مصير رئاسة "التيار" والإعلان عن رغبة ميشال عون بالتنحّي بعد إقرار النظام الداخلي وحصول الانتخابات.
عمليا، لم يكن هؤلاء الشباب فقط من فقدوا البوصلة المفترض أن تدلّهم على الطريق والاستراتيجيات التي تسلكها الرابية حيال العديد من الاستحقاقات. غيرهم بدوا بعيدين أيضا عن مطبخ التطوّرات.
غاب الشباب العوني، بالجملة وليس بالمفرّق، عن اجتماعات "الداتا" التي كانت تزيد مخزونهم المعلوماتي. كان "الجنرال" يتحدث، يستمعون اليه، ويناقشونه من دون سقوف ولا قفازات، ينفعلون ويستطردون في نظرياتهم التغييرية، ويطرحون الاسئلة، ولا يتلقّون سوى ما يجب ان يعرفوه. الان، الاتكال الأكبر على الجهد الشخصي في اصطياد الاخبار والمعلومات.
إضافة الى هذه العيّنة العونية، يصطف وزراء ونواب "تكتل التغيير والاصلاح". قلّة قليلة من هؤلاء، لا تتجاوز "نصف" أصابع اليدّ الواحدة، تعرف ما يدور في ذهن "الجنرال". البقية تكتفي بما تسمعه شخصيا من رئيس التكتل خلال اجتماعات "التكتل" واللقاءات الجانبية، أو تلتقط "طراطيش" الأحاديث في الرابية، أو تبني على التصريحات والخطابات على المنابر مقتضاها، واحيانا كثيرة تكتفي بالتحليل والتنظير، لأن "لا معلومة واحدة في البلد أصلا".
المهم أن ميشال عون الذي يخوض اليوم كبرى معاركه المحقّة لا يعر اهتماما فعليا ل "التفاصيل". من هذه التفاصيل ضياع فريقه السياسي. ما هي استراتيجيتنا العامة للمرحلة المقبلة؟
كما لم يعلم هذا الفريق "المغيّب" كيف ولماذا ولدت فجأة حكومة الوفاق الوطني، لا يعلم اليوم ماذا دار حقيقة من مفاوضات بالواسطة بين عون والرئيس سعد الحريري ، والى أين وصلت، وماذا تضمّنت من محاور، وهل توقّفت او جمّدت أو مدى تأثرها بخطاب سعد الحريري الرمضاني، وما استتبعه من مؤشرات. ولا يعلمون مضمون الخطة البرتقالية المفصّلة بشأن كيفية التعاطي مع مجلس النواب والحكومة بعد شغور كرسيّ بعبدا وتراكم تعقيدات العمل من دون مظلة رئاسية. ولا الشخص الذي يمكن أن يزكّيه ميشال عون الى قصر بعبدا في حال عدم انتخابه رئيسا للجمهورية، ولا طريقة التعاطي مع مواقف البطريرك بشاره الراعي الجانحة أكثر فأكثر نحو الهجوم المباشر.
تفصيل آخر لا يقلّ أهمية، لكن يبدو أن ميشال عون يضعه اليوم على سلّم الأولويات من دون أن يتقصّد الايحاء بذلك: النظام الداخلي للتيار الوطني الحر. حتى اللحظة لم يسلك هذا النظام، الذي لا يزال عالقا في عنق زجاجة الأخذ والردّ والمداولات الداخلية الحزبية، طريقه الى وزارة الداخلية للعلم والخبر.
يخفي هذا النظام، وقبل أن يولد رسميا، معركة رئاسة "التيار الوطني الحر" في ظل مواكبة مباشرة من ميشال عون. الاحتمال الأول انتخاب "الجنرال". فلا منافس يذكر في مواجتهه، وبقاؤه على رأس "التيار" يعطي دفعا أكبر لكل معاركه السياسية، وعلى كل المستويات.
والأهم، ان العونيين لا يرون الا قائدهم مرجعا لهم ولقسم كبير من المسيحيين، رغم الحديث عن البديل. الاحتمال الثاني تنحي ميشال عون وإفساح المجال أمام ترشيحات من أهل البيت. الأسماء معدودة ومعروفة، وخيار "الجنرال" أيضا. لكن السؤال الأكبر "هل ستعكس هذه الانتخابات عند حصولها خيار ميشال عون شخصيا، أم خيار القاعدة؟".
وراء كل هذا المشهد واقع يصعب حجبه. ميشال عون، وبغض النظر عمّن يوجّه اليه أصابع الاتهام بالتقصير حيال أكثر من مسألة، يبدو منهمكا بمشروع أكبر من كل الاتهامات. لا يتوقّف الأمر على أفضلية الانتخابات النيابية على الرئاسية في المرحلة الحالية، ولا إقرار سلسلة الرتب والرواتب، ولا نزول النواب الى البرلمان لانتخاب الرئيس، ولا حلّ معضلة الصرف المالي... عون مهجوس بتغيير المعادلة العرجاء عبر الركون الى تعديلات دستورية تؤمّن تطبيق العدالة في النظام ومنع الهيمنة الطائفية.
كل ما يحصل اليوم في مفهوم عون هو انعكاس مباشر لـ "خلل النصوص الدستورية"، فاما المعالجة الجذرية المسؤولة الان... وإما خراب البلد. الباقي تفاصيل...
 

  • شارك الخبر