في طقس يمكن وصفه بالخريفي، حيث درجة الحرارة لا تتخطى الـ 15، يقف الفنان عاصي الحلاني على مدرج معبد باخوس في قلعة بعلبك متحدياً المصاعب التي يشهدها لبنان. وأخيراً، تحققت مسرحية الفنان الاستعراضية «عاصي... الحلم» (كوريغرافيا فرنسوا رحمة وإخراج جو مكرزل)، وستفتتح «مهرجانات بعلبك الدولية» بعد غد الأربعاء في سهرة تستمر ساعتين.

يدندن الحلاني أغنيته «ياميمة» وهو يقوم بالتدريبات على المدرج، يسكت قليلاً ويطلب من الراقصين أن يرددوا وراءه كلمات أغنيته بأعلى صوتهم، وهم يتمايلون على وقع السيف والترس. يلفت صاحب أغنية «يا ناكر المعروف» في حديث لـ «الاخبار» الى أنّ مسرحية «عاصي... الحلم» هي أمنية رافقته منذ سنوات، وأراد أن يحققها في قلب بعلبك، تلك المدينة التي عاش فيها طفولته وما تحمله من معان تراثية وفنية عريقة. ويقول «كان طموحي أن أقدم عملاً يحمل اسمي ويروي سيرتي الفنية التي انطلقت قبل أكثر من 20 عاماً، فجاءت فكرة «عاصي.. الحلم» لأستعرض فيها أعمالي الغنائية التي حفظها الجمهور غيباً، وهي بمثابة رواية تختصر أرشيفي الفني». يطمئن عاصي محبّيه إلى أنّ الوضع في بعلبك هادئ. يقول «ما نسمعه من أحداث مؤلمة ليس داخل المدينة، فهي تعيش بأمان، ووقوفي على مدرج باخوس خير دليل على كلامي». يتحدث بصراحة «لقد طلبوا مني ألا أقدم مسرحيتي الاستعراضية في بعلبك هذا العام، أو أنقلها الى مكان آخر، لكني رفضت ذلك. بعدما تأجلت من العام الماضي بسبب الاوضاع الصعبة في المدينة، أصرّيت هذا العام على تحقيقها بكل ثقة». ويضيف: «لقد نفدت كل البطاقات منذ أيام، فالجمهور متعطش للأعمال الفرحة بعيداً عن أجواء القتل والعنف التي تشهدها الدول المحيطة بنا».

وعن عمله المنتظر الذي يعرض على مدى يومين أي نهاري الأربعاء والجمعة المقبلين، يشرح الحلاني: «إنّها مسرحية استعراضية غنائية تختصر رحلتي الفنية، وسوف يستمع الجمهور الى أعمالي القديمة والحديثة، إضافة الى أغنية لأهل بعلبك كتب كلماتها الشاعر نزار فرنسيس ووضعت ألحانها بنفسي». وعما إذا كانت المسرحية الحلم هي العمل الاستعراضي الأخير له، يوضح الحلاني «على العكس هي صفحة جديدة في رحلتي على المسرح، والآتي أعظم!». بدوره، يبدي المخرج جو مكرزل كل أمله في المشروع الذي يوقّعه، موضحاً «لقد بدأنا التحضير لـ «عاصي... الحلم» قبل نحو 6 أشهر. تتخلل المسرحية نحو 22 لوحة راقصة، أشرف على تنفيذها الراقص فرنسوا رحمة المعروف بخبرته في عالم الرقص. هذا إضافة الى بعض اللوحات التراثية التي تقدمها فرقة شبابية بعلبكية لإضفاء نكهة خاصة على العمل». ويلفت المخرج الى أنّ الموسيقى ستكون حيّة تحت قيادة الفنان حسن رحال». يكشف مكرزل أنّ عرض «عاصي... الحلم» قد يجول على بعض الدول العربية والأوروبية، وقريباً سيتم الاعلان عن برنامج الحفلات التي تقام في الخارج. لا يخف مكرزل خوفه من خطوته المقبلة. يوضح «الوقوف في بعلبك ليس بالأمر السهل، وأي عمل يحسب له ألف حساب. لذلك قررت الا أضيف إلى ديكور معبد باخوس، فنفذت بعض الديكورات البسيطة على المسرح، لأنّ المعبد هو كنز فني وتراثي حيّ، ولا يحتاج الى أي إضافات». إذاً، عاصي يفتتح حفلات «بعلبك»، ومنذ الغد، يتفرّغ كلياً لذلك الحدث حيث يقضي كل اوقاته متنقلاً بين الحلانية مسقط رأسه وبعلبك. فكيف سيطلّ الحلاني على المسرح؟ الجواب بعد غد.بروفات ليلية

بسبب حرارة الطقس المرتفعة في النهار، قرّر المخرج جو مكرزل أن تكون البروفات في الليل وتبدأ من الساعة التاسعة مساءً وتستمر لغاية ساعات الفجر الأولى. في المقابل، تخصّص ادارة «مهرجانات بعلبك» ليلة تعرف بإسم «الليلة البعلبكية» نهار غد (الثلاثاء)، وتعرض فيها «عاصي... الحلم». لكن تباع البطاقات فيها بأسعار مخفضة لكي يتسنى لسكان مدينة بعلبك والجوار حضور السهرة. والملفت أنّ بطاقات السهرة بيعت كلها، وهذا أمر ليس مستغرباً، فقد اعتادت ادارة الحدث الفني على تخصيص يوم يسبق الافتتاح كي يتابعه أكبر عدد من الحضور.

"الاخبار - زكية الديراني"