hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - دافيد عيسى

1 آب 2014 ... ويبقى الجيش أمل الناس

الإثنين ١٥ تموز ٢٠١٤ - 09:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ينتابني في عيد الجيش هذا العام شعوران : الأول شعور بالأسى والأسف لأن الجمهورية من دون رأس، والثاني شعور بالغصة لان الجيش لن يكون قادراً في هذه السنة على إقامة احتفال مكتمل للضباط المتخرجين وسيغيب تقليد السيوف للمرة الأولى بسبب الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية...
 لكن على رغم كل ذلك يبقى شعور الفخر والاعتزاز بهذه المؤسسة هو الطاغي لدى معظم اللبنانيين كون الجيش يقوم بدوره على أكمل وجه رغم التفاوت الكبير بين حجم المهام والمسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقه من جهة، وحجم الامكانات والقدرات المحدودة المتوافرة لديه والموضوعة بتصرفه.
ولا نبالغ إذا قلنا ان الجيش اللبناني هو الضمانة والحماية في زمن التهديدات والمخاطر، وهو المؤسسة الوحيدة، مع مصرف لبنان، اللذين يحافظا على كامل طاقتهما وانتاجيتهما في زمن المؤسسات المعطلة والمفرغة من مضمونها ودورها...
عندما تحول الربيع العربي ثورات وعواصف في مجمل دول المنطقة ولم يسلم لبنان من شظاياه، وأخذت الأزمة السورية بالتسلل والتمدد إلى أرضه حاملة معها بذور الفتنة والتطرف والأرهاب، عندها وجد الجيش نفسه أمام مهمة جسيمة ومتشعبة تمتد من الحدود الجنوبية إلى الحدود الشمالية والشرقية وهي دخوله في حرباً ضروس ضد الارهاب الذي يسعى إلى اذكاء التطرف والفتنة وتأجيج الصراعات الطائفية والسياسية في الداخل اللبناني.
نجح الجيش في محاربة الارهاب بشكل كبير وهذا لم يكن مفاجئاً للبنانيين الذين خبروا اندفاعه وتصميمه وتضحياته، ولكنه كان مفاجئاً للحكومات والدوائر الدولية التي وجدت ان الجيش اللبناني وبامكانات متواضعة جداً نجح في تحقيق ما لم تحققه أقوى الجيوش واكثرها تجهيزاً... وهذا ما جعل الموقف الدولي يراهن ويعول على دور الجيش اللبناني في الحرب المفتوحة ضد الارهاب والى ابداء كل استعداد ورغبة لتوفير الدعم للمؤسسة العسكرية وتعزيز قدراتها التسليحية واللوجستية والتقنية بما يتناسب مع طبيعة الدور الجديد الموكول إليها وأهميتها.
النجاح الذي تحقق في محاربة الارهاب يستند في الأساس إلى عزم لا يلين عند الجيش وقيادته وإلى التنسيق والتعاون بين الجيش وسائر القوى والاجهزة الأمنية التي لم يسبق ان كانت على هذا المستوى من التكامل والفعالية والترجمة العملانية.
ففي هذا العام حدث تحوّل ملموس في مناخ العلاقة وآليات التنسيق بين الاجهزة الأمنية، (مخابرات الجيش وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي ومعلومات الأمن العام وأمن الدولة) وهذا انعكس إيجابا على عمل هذه الأجهزة وانتاجيتها وكان له الدور والفضل الأساسي في نجاح " الأمن الوقائي والاستباقي " , اقول هذا الكلام لان العلاقة بين مختلف الأجهزة الأمنية كانت فيما مضى علاقة تنافس وتسابق على قطف الانجازات وتجييرها والتباهي بها. وأما اليوم فانها اصبحت علاقة تكامل وتبادل وتعاون إلى أقصى الحدود حيث تصب كل الجهود في خدمة هدف واحد وقضية واحدة: هو ضرب الارهاب واجتثاثه والدفاع عن أمن الوطن والمواطن ووحدته وسلمه الأهلي.
ان التصنيفات التي اعتمدت للأجهزة الأمنية في السنوات الاخيرة الماضية والنظرة إليها كانت على أساس طائفي ومذهبي وسياسي. فهذا جهاز سنّي محسوب على 14 آذار وذاك جهاز شيعي محسوب على 8 آذار وهذا جهاز مسيحي يوازن بين الطرفين ... ان هذا الواقع بدأ يتغير ويتفكك وبتنا نشعر ونلمس ان هناك مرجعية أمنية واحدة وان الولاءات والتصنيفات الفئوية تتقلص وتتراجع لمصلحة التصنيفات والولاءات الوطنية وبما يخدم مصلحة لبنان العليا وشعبه . وفي هذا المجال تحديداً لابد من التنويه بدور وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي ساهم في احداث هذه النقلة النوعية على صعيد علاقة العمل بين الجيش وقوى الأمن الداخلي وكذلك لا بد من الثناء على الدور الذي لعبه ويلعبه مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم ايضاً بان جعل للأمن العام دوراً متقدماً في محاربة الارهاب وأضفى على دوره بعداً وطنياً وعلى مهامه بعداً انسانياً واخلاقياً.
وثمة عامل آخر فرض نفسه ووجوده وكان له الدور المؤثر والحاسم في قيادة مسيرة الأمن واعلاء شأن الجيش ومكانته ودوره وهو يتمثل في وجود العماد جان قهوجي على رأس المؤسسة العسكرية قائداً للجيش في أصعب وأدق المراحل.
نجح العماد قهوجي في قيادة عملية حفظ الأمن أيا تكن الظروف والأثمان. فلم يتهيب الموقف ولا نال منه ترغيب ولا ترهيب وانما واجه التحديات بارادة قوية ممسكاً زمام المبادرة. فعندما تطلب الأمر حسماً عسكرياً في عبرا أعطى قهوجي أوامره تاركاً للقرار والغطاء السياسي ان يلحق به. وعندما واجه الجيش اوضاعاً وتحديات لا تطاق في بريتال وبعلبك وعرسال وطرابلس، أعطى قائد الجيش اشارة حاسمة إلى عدم التراجع لأن الجيش لا يخذل شعبه ولا يستقيل من دوره في مطلق الظروف والأحوال...
ورغم حدة الصراع السياسي والطائفي في البلاد، نجح العماد قهوجي في ان ينأى بالجيش عن هذا الصراع بان وضع حداً للتدخلات السياسية في شؤون المؤسسة العسكرية مثلما منع قيام ارتباطات وعلاقات بين ضباط وقوى وشبكات ومصالح سياسية وحزبية ولذلك حافظت المؤسسة العسكرية على تماسكها. وإذا حدث ان مجنداً فرّ من الخدمة وغُرّر به فان ذلك ليس إلا حالة فردية يمكن ان تحدث في أي جيش في العالم ولا يجب ان تعطى أكثر من حجمها.
وقف قائد الجيش على مسافة واحدة من الطرفين المتنازعين وكان دائماً إلى جانب مصلحة لبنان وشعبه لذلك لم يسلم من انتقادات وسهام كانت تطلق ضده من الاتجاهين في كل مرة كان قراره وتوجهه لا يتماشى مع هذا الفريق أو ذاك.
كما واجه العماد قهوجي تحامل وافتراء من جانب بعض السياسيين الذين أرادوا المزايدة دينياً ومذهبياً لكسب شعبية بعض المتطرفين دينيآ كما وجهت اتهامات ظالمة الى الموسسة العسكرية من بعض القوى الاصولية المتطرفة وكان قهوجي متسامحاً مع الذين يتعرضون له شخصياً ولكنه لم يكن ابداَ متسامحاً ومتساهلاً مع الذين يتعرضون للجيش وأفراده وضباطه ويحاولون النيل من هيبته ودوره وتشويه صورته ...
ولأنه نجح في احباط المؤامرة على الجيش ومخطط استهدافه كمؤسسة، وفي ضبط الاوضاع واستيعاب المخاطر الأمنية فان التمديد له في قيادة الجيش بدا حاجة وضرورة وطنية ومطلباً سياسياً وشعبياً... ولكن هذا لم يرق للبعض الذين واصلوا محاولات الافتراء والتحامل سراً وعلناً مستخدمين أدوات اعلامية وبعض المستكتبين والترويج لطموحات رئاسية لدى قائد الجيش وكان في ذلك ما يدعو الى الخجل , كما وصل الأمر عند بعضهم إلى الحديث عن صداقات قهوجي والتدخل في شؤونه الخاصة عندما لم يجدوا ممسكاً في الأداء والموقف الوطني والاخلاق والسلوك وعلى المستوى المهني والعملي ... ومن المؤكد ان العماد قهوجي لايقف عند هذا المستوى المتدني في التعاطي السياسي كونه صادق وشفاف ويعرف ماذا يريد كما يعرف ماذا يريدون من هم وراء كل ذلك .
وهنا لا بد من طرح السوال التالي هل أفصح قهوجي عن طموحه الرئاسي وهل قال يوماً أنه مرشح إلى رئاسة الجمهورية ؟ هل سمع احداً كلاماً منه في هذا المعنى ؟ مع ان هذا حقه كما هو حق اي انسان يطمح الى خدمة وطنه وشعبه .
ان ما حصل هو انه عندما حان وقت الاستحقاق وبداء البعض يتحدث عما تتطلبه المرحلة المقبلة من مواصفات للرئيس العتيد وبان المطلوب رئيساً وطنياً مقبولآ من كل اللبنانيين غير محسوب على فريق سياسي ومن خارج الصراع والاصطفافات السياسية القائمة في البلاد ، توجهت الانظار اليه واشارت اليه الاصابع كما العديد من الاسماء وطرح اسمه في التداول من دون طلب أو ارادة منه , وكلمة حق تقال ان العماد جان قهوجي يشكل في نظر الكثيرين خياراً رئاسياً موثوقاً ونموذجاً للرئيس القوي والوطني .
جان قهوجي قائد حازم في قراراته وهذا ما اثبتته الايام . حاد الذكاء واسع الثقافة , واثق من نفسه ومتصالح معها . متواضع لا يترك بينه وبين محدثه مسافة ليشعره بالأمان والاطمئنان، يسقط الحواجز وكل أشكال التكلف والتصنع مع زواره . إذا دخل في نقاش أصغى جيداً وأنصت إلى الأفكار والمقترحات فهو مستمع جيد , ولديه قدرة مميزة على معرفة الخلفيات والمقاصد . إذا تكلم يعرف كيف ينتقي عباراته بسلاسة وسهولة ومن دون حذر وتحفظ وخير الكلام عنده " ما قل ودل "...
وفي الختام اقول الى من يهمه الامر انه من الطبيعي ان يكون للعماد قهوجي اصدقاء في كل المجالات والقطاعات وان يكون بينهم سياسييون ومفكرون واعلاميون ورجال اعمال وفنانون وهذا ان دل على شيء فهو يدل على مدى الاحترام والمحبة والتقدير للعماد قهوجي من اللبنانيين كما يدل على مدى قربه وتواصله مع الناس , قهوجي يتمتع بحضور محبب آسر اضافة الى مزايا كثيرة واهمها انه وفيّ في صداقاته وعلاقاته في هذه الايام البائسة الذي قل فيها الوفاء , كما يكفيه اعتزازآ وسرورآ ان ايآ من اصدقائه لم تتلوث يداه بالفساد المالي والسياسي والدم .
والى كل من يتعاطى في السياسة والشان العام اقول : التنافس السياسي هو حق مشروع لكل انسان لبناني يرى في نفسه ان بامكانه خدمة لبنان , لكن التنافس يجب ان يكون شريفاً وديمقراطيآ وباخلاق وليس عبر استئجار أقلام ومستكتبين وشراء ذمم من هنا واطلاق فبركات اعلامية وقصص خيالية هوليودية من هناك ... اعلموا ان الشمس شارقة والناس قاشعة .
 

  • شارك الخبر