hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

العلامة فضل الله: وسائل الإعلام قدمت من خلال نشرتها الموحدة أنموذجا رائدا

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٤ - 14:34

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، فهي الزاد الذي نتزود منه في شهر رمضان لكل السنة، فالتقوى التي عشناها بأجمل معانيها طوال شهر رمضان، والتي عبرنا عنها بتركنا الطعام والشراب وبقية المفطرات، رغم حاجتنا إليها، إحساسا برقابة الله، ورغبة برضاه، هي التي ينبغي أن نعبر عنها في بقية أيامنا، ولكن بطريقة أخرى، بالصيام عن الحرام، وعدم ترك الواجب. ولذلك، سنبقى نردد طوال السنة الكلمة التي طالما رددناها في شهر رمضان: اللهم إني صائم؛ صائم عن الغيبة، والنميمة، والنظر إلى الحرام، والاستماع إلى الحرام، والأكل الحرام؛ صائم عن الكذب، وإيذاء الناس من حولنا، والظلم، فالرب الذي حرصنا على رضاه، ولأجله صمنا شهر رمضان، لأجله سنصوم العمر عن كل ما حرم علينا. وعندما يحصل ذلك، سنجعل حياتنا أفضل، وكذلك حياة الآخرين، وسنكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات".

وقال: "والبداية من غزة، التي لا تزال تقدم في كل يوم أنموذجا متقدما في الثبات، والتضحية، والعنفوان، والمقاومة، وتحدي عدوانية العدو وجبروته وطائراته وآلاته العسكرية، وذلك في ظل صمت مريب من العالم، يصل إلى حد تبرير العدوان، والقول بالفم الملآن: "إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها". وبذلك، يعطى هذا الكيان صك براءة حيال كل ما يفعله ويقوم به، من جرائم ومجازر ومذابح، وقد كنا نتمنى في ظل كل ما يجري من استباحة للحجر والبشر والطفولة البريئة، أن تتحرك دول العالم العربي والإسلامي، انطلاقا من وحدة الدم وأخوة الدين، لتقف مع هذا الشعب، وتمارس الضغط على العدو، ومن يقف خلفه".

اضاف: "ولكن المشهد يتكرر، حيث يترك هذا الشعب لمصيره، ويتم الاكتفاء ببيانات خجولة، ومبادرات غير مكتملة، حتى ممن كنا ننتظر منه أن يكون السند الحقيقي للشعب الفلسطيني، إذ بنا نراه لا يأبه لمطالب هذا الشعب، الذي لا يريد سوى حقوقه الطبيعية في رفع الحصار عنه، وإطلاق سراح أسراه".

وأسف لأن "تنطلق التظاهرات والتحركات المؤيدة للشعب الفلسطيني في لندن وباريس وواشنطن، فيما لا نراها في عواصم العالم العربي والإسلامي، ولكننا ننتظرها اليوم، وفي أجواء يوم القدس، لعل ذلك يعوض ما فات".

وقال: "إننا، وانطلاقا مما يجري، نعيد القول للفلسطينيين: راهنوا على صمودكم وثباتكم ومقاومتكم وصبركم في مواجهة هذا العدو، لأن هناك من يراهن على أن تقولوا كلمة "آخ"، حتى يتم الإجهاز على كل المكتسبات التي وصلتم إليها، لمنعكم من أن تحصلوا على حياة كريمة، فهذا الخيار هو الخيار الوحيد في عالم لا يصغي إلى الجراح وكل مشاهد الدمار التي أصبتم بها، وهو لا يفهم إلا بلغة القوة".

اضاف: "إن من حق مقاومتكم عليكم، أن تقفوا معها، وأن تؤيدوها، فهي لم تخذلكم، بل كانت خير معبر عن طموحاتكم، عندما أعدت العدة للعدو، برغم ظروفها الصعبة، وها هي تسطر الملاحم، وتربك العدو، وستحقق النصر بعون الله".

وحيا "تلاحم الشعب الفلسطيني، وتلاحم المجاهدين، وتلاحم الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، ما يقطع الطريق على المصطادين بالماء العكر، لأن يجدوا أرضا خصبة لهم، من خلال الاستفادة من التناقضات الفلسطينية وتسعيرها".

وأمل "في ظل كل هذا الواقع، أن تنطلق الفتاوى من المرجعيات الدينية نحو موقعها الصحيح، فتدعو إلى وجوب نصرة هذا الشعب بالمال والسلاح والرجال، وألا تقف الفتاوى، كما اعتدنا، عند حدود الصراعات الداخلية".

كما حيا "المبادرة التي انطلقت من وسائل الإعلام اللبنانية في نشرة أخبار واحدة، قدمت من خلالها أنموذجا رائدا جمع كل القوى السياسية والطوائف والمذاهب مع أهل غزة، ليتم تجاوز كل الخلافات التي تغرق فيها الساحة اللبنانية، ونقدر الخطوة التي سيقدم عليها المجلس النيابي في الدعوة إلى جلسة للمجلس، لمساندة غزة والعراق".

وقال: "نصل إلى العراق، حيث نأمل أن تساهم الخطوة المتمثلة بانتخاب رئيس للجمهورية، في تعزيز الاستقرار الداخلي، وتشكيل حكومة جامعة، تقف في وجه كل دعوات التقسيم والفتنة والتشظي، وفي مواجهة التفجيرات التي حصدت الكثير من أبناء الشعب العراقي، ولا تزال تحصد المزيد".

واضاف: "أمام ما جرى أخيرا في الموصل من تهديد للوجود المسيحي والتنوع الذي شهدته هذه المدينة العريقة في تاريخها، والتي لطالما مثلت عنوانا للوحدة، في ظل كل هذا التنوع، ندعو إلى الوقوف في وجه الحملة التي تقوم بها فئات لا تعبر عن حقيقة الإسلام في نظرته إلى الآخر، سواء من أهل الكتاب أو من غيرهم، لتهجير المسيحيين، ومن يختلف معها، والضغط على حريتهم ومعتقداتهم".

وتابع: "إذا كان البعض يتحدث عن وجود نظام أهل الذمة في الإسلام، وبالتالي الجزية، فهو ليس النظام الوحيد المعتمد في الواقع المتنوع، كما أن ما يحصل ليس هو التعبير الحقيقي عن هذا النظام، فضلا عن أن ذلك قد لا يكون عمليا في هذه المرحلة، حيث بنيت العلاقة وتبنى بين المسلمين والمسيحيين على أساس الشراكة المبنية على الاحترام المتبادل، والمواطنة، واحترام حرية كل دين بالتعبير عن نفسه. وفي الوقت نفسه، فإننا ندين تفجير مقامات الأنبياء والأولياء، والذي يعبر عن ضيق أفق في التعامل مع هذه المقامات ومدلولاتها الدينية والتاريخية".

وقال: "نصل إلى لبنان، حيث لا يزال السياسيون غارقين في سجالاتهم حول القضايا المطروحة، فيما يبقى البلد رهين ما يجري في محيطه، ويزداد الخوف من تفجير الوضع في السلسلة الشرقية من الحدود، بعد تمدد المسلحين، ووصولهم إلى مقربة من الحدود اللبنانية، واستهدافهم الأراضي اللبنانية مجددا بالصواريخ، هذا إلى جانب الاستهداف المتكرر للجيش اللبناني وقواه الأمنية. وتبقى الملفات السياسية والاجتماعية والمعيشية عالقة، وإن كنا ننوه بقيام الحكومة بحل أزمة الجامعة اللبنانية".

اضاف: "كما لا بد من أن نقف أمام فاجعة الطائرة الجزائرية التي ذهب ضحيتها عدد من اللبنانيين، ممن هاجروا إلى بلاد الاغتراب لأجل تحصيل لقمة عيش كريمة. ونحن أمام هذه الفاجعة، نتوجه إلى أهل الضحايا بالعزاء، سائلين المولى أن يلهمهم الصبر وعظيم الأجر، وأن يتغمد من فجعنا بهم برحمته الواسعة، ويكفيهم قول الله تعالى: {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما}".

وختم: "أخيرا، لا بد من أن نشير إلى أن عيد الفطر المبارك سيكون يوم الإثنين المقبل، بناء على المبنى الفقهي لسماحة السيد، علما أن الهلال قد لا يرى في أفق بيروت والبلدان العربية والإسلامية، فيما يمكن رؤيته في جنوب أفريقيا وأميركا الوسطى والجنوبية. ونسأل المولى أن يهل هلال العيد، وقد حلت النعمة على هذه الأمة بوحدتها وانتصارها على أعدائها، وسقطت الفتن، إنه سميع مجيب الدعاء".
 

  • شارك الخبر