hit counter script

مقالات مختارة - نقولا ناصيف

الجلسة التاسعة تؤكد المؤكد: الرئاسة في إجازة

الثلاثاء ١٥ تموز ٢٠١٤ - 07:33

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

من غير المؤكد ان الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء الخميس ستكون امتحاناً لافرقاء الائتلاف. كذلك حال جلسة انتخاب الرئيس غداً. قد يكون آب شهر الاجازات المفتوحة في كل اتجاه، قبل ان يدق يومه الـ20 ناقوس الانتخابات النيابية. هكذا تراكم الاستحقاقات بعضها بعضا بلا جدوى

 

تعيد الجلسة التاسعة لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية غداً تأكيد المؤكد، وهو ان الاستحقاق الرئاسي في اجازة مفتوحة حتى اشعار آخر. قبل ان يمر شهران على انقضاء المهلة الدستورية ودخول البلاد في الشغور، يكون قد استهلك تقريبا نصف الدعوات التي رافقت استحقاق 2007 و2008، عندما حدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري 20 موعدا لانتخاب الرئيس الجديد على امتداد ستة اشهر من الفراغ، افضى الموعد الاخير في 25 ايار 2008 الى انتخاب الرئيس ميشال سليمان.

كان من المستحيل في الاستحقاق المنصرم توقع انتخاب رئيس للجمهورية من دون تطور كبير يباغت الافرقاء ويحملهم جميعا الى جلسة الانتخاب، من غير ان يرجحوا بالضرورة في ذلك الحين حادثا امنيا ساخنا. على نحو مماثل، في ظلّ تصلّب المواقف والدوران فيها عند فريقي 8 و14 آذار، من غير احراز حد ادنى من التفاهم على حضور جلسة الانتخاب، يقتضي ترقب تطور كبير يرغم الافرقاء اياهم. حتى الجلسة التاسعة غدا، كما الجلسة التاسعة عشرة عشية احداث 7 ايار 2008، لم يكن في حسبان اي طرف الوصول الى الاستحقاق بسهولة والاتفاق على مرشح توافقي على الاقل.
على غرار الجلسة التاسعة غداً، فإن الجلسة السابعة لمجلس الوزراء لا تنطوي بدورها على مفاجآت. الاحد الماضي تلقى الوزراء مكالمات تبلغهم بموعد جلسة الخميس، من غير ان يطرأ اي تعديل على جدول الاعمال. قيل لهم ان الجلسة تنعقد لمتابعة البحث في الملف العالق نفسه، وهو تعيين عمداء الجامعة اللبنانية وتفرّغ اساتذتها، على ان يتوافق الوزراء في حال استمرار الخلاف عليه على تجاوزه، والانتقال الى بند آخر في جدول الاعمال. لم يتبلغ الوزراء المعنيون بالملف جديدا بازاء مقاربته في ظل تواصل الخلافات تلك.
مجلس الوزراء
ينعقد الخميس بلا تفاهم مسبق على ملف الجامعة اللبنانية

لم تعنِ الخطوة تلك الا اصرار الرئيس تمام سلام على انقاذ حكومته وضمان انعقادها على الاقل، وقد باتت الصورة الوحيدة المتفائلة عن الاستقرار الامني. ليست سلطة اجرائية تمارس الحكم تبعا لصلاحياتها الدستورية، ولا مجلسا وزاريا انتقلت اليه صلاحيات رئيس الجمهورية. بل تبدو في واقع الامر آخر ما تبقى من قرميد سطح الدولة.
كان بعض السفراء الاوروبيين البارزين لمسوا مباشرة، او بالواسطة، امتعاضا غير مسبوق لرئيس الحكومة من العجز الذي تتخبط فيه حكومته، من غير ان يتاح لها ان تحكم او ان تتولى فعلا ـ كمجلس وزراء مجتمعا ـ صلاحيات رئيس الجمهورية. سمعوا منه ما راحوا يدلون به في احاديث خاصة مع مسؤولين لبنانيين، ويتعمّدون التطرق الى الوضع الامني، والايحاء بأن الاستقرار لن يظل آمناً في ظلّ استمرار الشغور الرئاسي، وتعثر اجتماعات حكومة سلام، والخلاف بين فريقي 8 و14 آذار على صواب انعقاد مجلس النواب تحت وطأة الشغور.
ابدى هؤلاء السفراء بضع ملاحظات تصب في حججهم القائلة بضرورة استعجال انتخاب الرئيس:
اولاها، ان المجتمع الدولي يدير ظهره في الوقت الحاضر للاستحقاق الرئاسي اللبناني، وليس في وارد اظهار اي تحرك او اقتراحات تحمل الافرقاء المحليين على استعجال الانتخاب. يضيفون بأن احدا من المسؤولين الدوليين، بمن فيهم الذين يجولون الآن على المنطقة كالامين العام للامم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الاميركي جون كيري، لا يعير الوضع اللبناني ادنى اهتمام ولا يخصه بسطر. والاحرى ان بان وكيري على مسافة ساعة ليس الا من القاهرة التي يزورانها لوقف حرب غزة بين اسرائيل و«حماس».
ثانيها، تبدو لحظة الضغط على الاطراف الاقليميين المؤثرين في الوضع اللبناني مؤجلة الى امد غير معروف، ما لم تكن متعثرة تماما. وهو ما يصح على توجيه السعودية وايران جهودهما الى الصراع على العراق بعد سوريا.
ثالثها، اعتقاد السفراء الاوروبيين المعنيين بأن الاستقرار الامني في لبنان ثابت حتى الآن، الا انهم يعكسون امام محدثيهم رغبة في اظهار القلق عليه والتخوف من انهياره التدريجي، بغية تشجيع الافرقاء اللبنانيين على ايلاء انتخابات الرئاسة الاهتمام اللازم، واخراج الاستحقاق من مأزقه.
رابعها، استعداد بعضهم، ولا سيما منهم الاكثر دينامية بين نظرائهم كالممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة ديريك بلامبلي والسفير الفرنسي باتريس باولي، لمغادرة لبنان في اجازة سنوية، تقلل جدوى النشاط الديبلوماسي الغربي في بيروت، وتجزم سلفا بتمديد الفراغ الرئاسي طيلة آب المقبل في احسن الاحوال.
خامسها، تأكيد هؤلاء ان السقف الفعلي للوضع الداخلي امني وليس سياسيا. وهو مغزى دور حكومة سلام التي يقتضي ان تحافظ، عبر ائتلاف القوى التي تتألف منها، على ادارة الاستقرار الامني بلا قلاقل. لا يتردد وزراء في الادلاء بمواقف حادة ينظر اليها الفريق الآخر على انها استفزازية، بيد انها لم تتعدَّ ابداء الرأي، من غير تعريض الحكومة لاضطراب غير محسوب. يلاحظ السفراء هؤلاء ان تعثر اجتماعات حكومة سلام يرتبط بخلافات محض داخلية، وبعضها لصيق جدول الاعمال او اقرار ملفات بعيدة كل البعد عن صلب الانقسام الحقيقي بين قوى 8 و14 آذار، المتصلة بالنزاعات الاقليمية. لا احد من هذين الفريقين يهوّل بالخروج من الحكومة، او يلوّح باستخدام الشارع ضد خصومه.
سادسها، يقول بعض السفراء هؤلاء امام محدثيهم انهم يفتقرون الى وسيلة اقناع مجدية يخاطبون بها افرقاء اساسيين معنيين بالاستحقاق الرئاسي، لثنيهم عن مواقفهم المتصلبة. يحاذرون وصف الرئيس ميشال عون بـ «المشكلة» والعقبة في طريق اجراء انتخابات الرئاسة ما دام مصرا على ترشحه، لكنهم يلاحظون ايضا انه لا يجد نفسه «المشكلة». مع ذلك لا امرار للاستحقاق من دون موقف ايجابي يتخذه عون ــــ او ارضائه في احسن الاحوال ــــ يدفع في طريق انتخاب الرئيس الجديد.
 

  • شارك الخبر