مأساة مسيحيي الموصل تقوّض شعار "ثورة الظلم" الذي ترفعه الجماعات السنّية
الإثنين ١٥ تموز ٢٠١٤ - 08:15
منذ ان صدر البيان المشؤوم لتنظيم "الدولة الاسلامية" قبل ثلاثة أيام، والمتعلق بمسيحيي الموصل، والذي خيرهم بين دفع الجزية أو الإسلام او مغادرة المدينة، والأخبار الواردة من الموصل تتحدث عن حكايات أغرب من الخيال، حول الطريقة التي تعاملت بها جماعة ما يسمى "ولاية نينوى" مع المواطنين المسيحيين في الموصل. فقد أبلغ أكثر من مصدر "النهار" ان غالبية العائلات المغادرة تعرضت لحملة "تسليب" منظمة من الجماعة المسلحة، وصلت في بعض الأحيان الى حد انتزاع علب الدواء!
وفضلاً عن مصادرة منازل العائلات المسيحية وختم واجهاتها بدائرة وسطها "حرف نون"، في اشارة الى ان المنزل يعود الى "نصارى"، تقول المصادر إن "الدولة الاسلامية" تصادر الأموال المنقولة من العائلات، ولا تسمح لاحد بالخروج الا وهو عار تماماً من كل شيء سوى رحمة الله وما يرتديه من ملابس تقيه حر الصيف اللاهب.
وأعلنت لجنة استقبال المهجرين في أربيل عن وصول أكثر من 600 اسرة، وان ما يقل عن 10 آلاف مواطن مسيحي وصلوا الى اقليم كردستان، الى مئات الاسر التي نزحت الى المناطق المسيحية في سهل نينوى التي بقيت خارج حدود "الدولة الاسلامية".
وتفيد الأنباء الواردة من اربيل ان أكثر العائلات تعيش في ظروف قاسية وتعاني الامرّين قبل دخول اربيل والحصول على أماكن سكن لائقة.
وعلى رغم تعرض المسيحيين في بغداد وغيرها لعمليات استهداف من الميليشيات المختلفة وتنظيم"القاعدة" منذ عام 2003، الا ان مأساة الموصل لم يسبق لها مثيل في السنين العشر الاخيرة.
ثورة ضد الظلم!
وكرر رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، امس، ما درج على قوله دوماً، من ان ما يجري في المناطق السنية أعمال "ارهاب" وليس "ثورة ضد الظلم" كما يدعي بعض الجهات السنية التي رفعت السلاح في وجه الحكومة. وقال في بيان أصدره مكتبه أن ما يقوم به تنظيم "الدولة الاسلامية" ضد المسيحيين في محافظة نينوى واعتداءهم على الكنائس ودور العبادة يكشف خطورة تلك الجماعة على الانسانية ويكشف زيف الادعاءات عن وجود "الثوار".
وبصرف النظر عن التوصيفات التي يطلقها المالكي عادة عن الاحداث في المحافظات السنية، فان عدداً غير قليل من المحليين والمراقبين للشأن المحلي العراقي، يرون ان اعلان زعيم "الدولة الاسلامية" أبو عمر البغدادي "دولة الخلافة" في الموصل والحملة الشرسة التي اطلقها ضد المواطنين المسيحيين، يقوضان إلى حد كبير ما يردده بعض المجاميع المسلحة وشيوخ العشائر السنّة الذين يقاتلون الحكومة، من ان ما يجري في محافظاتهم "ثورة" على ظلم حكومة المالكي.
وفي الفاتيكان، قال البابا فرنسيس في صلاة التبشير الملائكي الاسبوعية من شرفة الفاتيكان المطلة على ساحة بازيليك القديس بطرس: "لقد تلقيت بقلق الأنباء الواردة من الجماعات المسيحية في الموصل بالعراق ومناطق أخرى من الشرق الأوسط... تعيش هذه الجماعات منذ بداية المسيحية مع مواطنيها... وهي تتعرض الآن للاضطهاد". وأضاف: "اخوتنا مضطهدون، يُطردون وعليهم أن يغادروا منازلهم من غير أن يتسنى لهم إمكان أن يحملوا معهم شيئاً. أؤكد لهذه العائلات ولهؤلاء الأشخاص قربي منهم وصلاتي المستمرة من أجلهم... إني أعرف كم أنتم تتألمون، وأعرف أنكم جُردتم من كل شيء. أنا معكم في الإيمان بمن انتصر على الشر".