hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - لينا فخر الدين

الحريري يتمسك بالحوار مع «حزب الله» على قاعدة الاختلاف.. سورياً

السبت ١٥ تموز ٢٠١٤ - 07:15

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

بعد غياب أطلّ الرئيس سعد الحريري، من جدّة ببذلته الرسمية عبر شاشات منصوبة في إحدى عشرة منطقة لبنانية بمناسبة سلسلة مآدب رمضانية أقامها «تيار المستقبل» في وقت واحد.
وعلى جاري عادته، افتتح الحريري خطابه بـ«اشتقتلكن»، محيياً المناطق اللبنانية بأسمائها، ثمّ مردّداً مع مرور الدقائق «بتسمحولي اشرب ميّ»، ليختتم كلامه بـ«جمهور رفيق الحريري المعتدل».
أكثر من ربع ساعة خصّصها رئيس «تيار المستقبل» في خطابه للهجوم على «حزب الله». هذه المرّة لم يكتف بدعوة «الحزب» للانسحاب من سوريا واتهامه بالقتال إلى جانب «نظام يقتل شعبه ويهجّره»، بل قال له: أنت حزب «إرهابي وعدو للبنان»، ولكنه في الوقت نفسه، قرر أن يستمر بالجلوس معه على طاولة حوار واحدة، بل طالب أيضاً بتأليف حكومة جديدة بعد الانتخابات النيابيّة، على شاكلة الحكومة الحاليّة، أي تضم «حزب الله» مجددا!
سياسيا، شكلت هذه النقطة عنوانا بارزا في الخطاب لجهة الدعوة الى الحوار مع الحزب لكن على قاعدة تأكيد الخلاف السياسي معه وخصوصا حول مسألة مشاركته في الحرب السورية.. ولو أن الحزب يقدم مبررات مختلفة لتلك المشاركة.
في هذه النقطة تحديدا، رفض الحريري أن تكون مواجهة المتطرفين في المناطق الحدودية مع سوريا من اختصاص «حزب الله»، بل طلب أن تمر عبر الدولة اللبنانية وأجهزتها وعبر «أهل السنّة»، فأكّد أنّ «مشكلة الإرهاب هي مع جميع اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق، وملاحقة الإرهاب مسؤولية الجميع، تحت سقف الدولة وبأدوات الدولة وأجهزتها».
أطلق الحريري «خريطة طريق» هدفها «حماية لبنان»، تتضمن الآتي: «انتخاب رئيس للجمهورية ثم حكومة جديدة وإجراء الانتخابات النيابية دون تمديد للمجلس الحالي. انسحاب «حزب الله» من الحرب السوريّة. إعداد خطّة وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب بكلّ أشكاله ومسمياته. الموافقة على خطّة طوارئ لمواجهة النزوح السوري».
خطاب أمس لم يكن موجّهاً فقط إلى «معشر الصائمين»، وفق توصيف سعد الحريري، بل كان موجّها في جزء منه إلى رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون.
عمليا، أعاد زعيم «المستقبل» رمي الكرة في ملعب «الجنرال» وتذكيره بأن الطريق إلى بعبدا يمرّ عبر توافق مسيحيي «14 آذار» على الرئيس التوافقي على اعتبار أنّ «العامل المقرّر لانتخاب رئيس هو توافق المسيحيين».
أراد الحريري تعويم الحلم الرئاسي العوني ومن خلاله استمرار الحوار الثنائي، مجدداً التأكيد أنه «ليس لدينا فيتو على أحد، وأننا نشارك في كل جلسات مجلس النواب ونؤمّن النصاب مهما كانت النتيجة (الرئاسية)».
أكد الحريري تمسك بالطائف (ذكره حوالي 10 مرات)، معتبرا ان أية محاولة للقفز فوق صيغة الوفاق الوطني هي خطوة في المجهول لا تضيف إلى الواقع السياسي الراهن سوى المزيد من التعقيد والانقسام والفراغ، وقال انه في اللحظة التي يتوجه فيها العالم العربي الى تسويات على طريقة الطائف اللبناني، لا يجوز لنا كلبنانيين أن نفرّط به تحت أي عنوان كان. هنا كان الكلام مباشرا ضد نظرية انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب.
قالها الحريري بوضوح: «ان جعل رئاسة الجمهورية رهينة الاقتراع الطائفي والمحميات المذهبية من هنا وهناك، هي ضرب من ضروب المغامرة بصيغة المشاركة الوطنية وبقواعد المناصفة التي كرّسها الطائف والتي لا نجد لها بديلاً، مهما تبدلت الظروف والمعادلات».
واللافت للانتباه أن الحريري لم يتناول ترشيح سمير جعجع لرئاسة الجمهورية، بل أعلن موافقته على المرشح الذي يتوافق عليه المسيحيون، إلا أنه قال في الوقت نفسه «لم نعد قادرين على التفرج على تعطيل النصاب بحجة غياب التوافق المسيحي لان ذلك يهدد وجود لبنان والدولة فيه، معلنا البدء بمشاورات مع الحلفاء ومع كل القوى السياسية للبحث عن أي طريقة لإنهاء حالة الشغور في رئاسة الجمهورية من أجل متابعة الاستحقاقات الدستورية اللاحقة».
رفض الحريري أي مشروع لفتح صناديق الاقتراع النيابية قبل الرئاسية، ووضعه في خانة «دخول لبنان في سيناريو انهيار تام للدولة»، ليعلن ضمنا أن التمديد النيابي حتمي اذا لم تسبقه انتخابات رئاسية.
عدّد الحريري الإشكاليات القانونيّة التي تمنع إجراء الاستحقاق الرئاسي قبل النيابيّ: «انتخابات نيابية من دون وجود رئيس للجمهورية تعني حكومة مستقيلة حكماً، واستحالة تشكيل حكومة جديدة لأن الأسئلة الحقيقية موجودة حول من يجري الاستشارات النيابية ومن يوقع مرسوم تشكيل الحكومة، في غياب رئيس للجمهورية. وإلى ذلك كله، ماذا تعني انتخابات نيابية في غياب رئيس للجمهورية؟ تعني مجلس نواب من دون رئيس للمجلس. فمن من النواب سينتخب رئيساً للمجلس، وهو غير قادر على انتخاب رئيس للجمهورية. وهذا يعني بكل بساطة دخول لبنان في سيناريو انهيار تام للدولة».
ومن ميشال عون، انتقل الحريري إلى «خصمه الحقيقي». لم يسمّه بالاسم، غير أنّه كاد أن يقول بأعلى صوته: «إنه نجيب ميقاتي». بالنسبة للحريري فإن رئيس الحكومة السابق هو من «يمارس الضغط للإفراج عن المرتكبين وهو من يفضح دوره في الارتكابات، وهالمرة، مش ح سمّي، بس فهمكن كفاية، وفهم أهل طرابلس بشكل خاص، كفاية وأكتر!».
استفاض الحريري في موضوع طرابلس. تحدّث عن «انتهاكات مرفوضة واعتقالات عشوائيّة غير مبرّرة تسيء إلى الأجهزة الأمنية وعلاقة الناس بالدولة، ومرتكبها يجب أن يحاسب».
ورأى الحريري في خطابه أن «انخراط الحزب في الحرب السورية هو مشروع مجنون يستدعي جنوناً مقابلاً على بلدنا، نشهده كل يوم مع الأسف، على شكل إرهاب وانتحاريين وخوف وشلل اقتصادي وأزمات اجتماعية». وقال: أن يكون حزب الله جزءاً من مشروع وطني لبناني تقوده الدولة لمواجهة الإرهاب، شيء جيد. أما أن يكون الحزب جزءاً من مثلّث تقوده إيران وفيه دولة المالكي في العراق ودولة الأسد في سوريا، فهذا يشكل عبئاً كبيراً على لبنان وسلامة اللبنانيين».
وشدّد على أنّ «الدولة هي المسؤولة عن حماية المواطنين والدولة هي المعنية حصراً بملاحقة ومداهمة أوكار الإرهاب والإجرام، وهذا ما يقوم به بنجاح واقتدار الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وسائر الأجهزة الأمنية والقضائية».
ولفت الحريري الانتباه إلى أنّ «أي كلام عن وجود حاضنة للخلايا الإرهابية في الوسط السني هو كلام مشبوه ومرفوض يرمي الى تبرير الإصرار على المشاركة في الحرب السورية»، مشدّداً على ان كل تنظيم يرمي بالشباب إلى التهلكة والتفجير هو بالنسبة لنا إرهاب وعدوّ للبنان، وأهل السنَّة في لبنان معنيون كباقي اللبنانيين بمكافحة هذه الآفة ومنع امتدادها ورفض شعاراتها.
وقبل البدء بالملفّ اللبناني، قرّر الحريري أن يتطرّق إلى الوضع في غزّة، فأكّد أنّ «المجتمع الدولي مسؤول أخلاقيا وإنسانيا عن تغطية جرائم إسرائيل». وأشار إلى أنّ «السكوت عن جرائم اسرائيل وتبرير عدوانها على الشعب الفلسطيني سيقطع الأمل بكل مبادرات السلام ويفتح الطريق أمام موجات جديدة من العنف والتطرف وعدم الاستقرار»، داعياً إلى «وقف العدوان الاسرائيلي فورا، وإيجاد آلية دولية فاعلة لتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف».

  • شارك الخبر