hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ناصر زيدان

مخاطر امنية قد تُهدد الاستقرار اللبناني

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٤ - 07:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

البيان الذي صدر عن الامانة العامة لقوى 14 آذار، بدى كأنه استكمالاً لتصريح الرئيس نبيه بري، رغم الخلاف السياسي الكبير بين الطرفين. بري كان قد حضَّر من الخطر الامني الداهم الذي قد يُغرِق البلاد في الفوضى، مُشبهاً لبنان بالمنزل المُزنَّر بالبارود. وقوى 14 آذار نبَّهت من انهيار احزمة الامان من حول لبنان، والتي قد تُنتج حرباً اهلية جديدة، ورفضت هذه القوى ان يقوم حزب الله بدور الحارس للحدود، لكون الامر مهمة حصرية للأجهزة الشرعية.
هذا في السياسة، اما على المستوى الامني الميداني، فهناك مسارين متوازيين برزا في الفترة الاخيرة، الاول: احداث حصلت لها مدلولاتها الواسعة، والثاني: معلومات امنية، ومؤشرات فيها شيء من الخطورة.
على مستوى الاحداث الامنية التي حصلت. كانت التحركات الميدانية في طرابلس تحت شعار الاسراع في الافراج عن الموقوفين، ولكن سياقها تعدى الاحتجاج السياسي الى شكل من اشكال التمرُّد رافقه القاء قنابل، وكاد الوضع ان ينفجر من جديد لولا تدخل الجيش بقوة، مترافقاً مع غطاءٍ سياسي، رغم الاتهامات المتبادلة بين تيار المُستقبل ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي.
والاكثر خطورةً في الاحداث الامنية التي حصلت، كان الاشتباكات اليومية التي جرت في القلمون، والتي وصلت الى جرود عرسال، وحصدت الكثير من الضحايا بين صفوف حزب الله واخصامه في المعارضة السورية. هذه الاحداث القت ظلاً تقيلاً على مساحة البقاع ولبنان، واعادت توتير الساحة المذهبية من جديد، وحملت العديد من القوى السياسية لإعادة طرح انسحاب حزب الله من سوريا، لما لتدخله من مخاطر على الوضع الهش في لبنان.
وبالتزامن مع هذه الانتكاسات الامنية كان موضوع القاء الصواريخ من الجنوب على شمال " اسرائيل " رداً على العدوان الوحشي الذي ترتكبه القوات الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في غزة. وهذه الصورايخ ان أتت في سياق العدوان الاسرائيلي ولكنها تخلط الاوراق الامنية في لبنان، وقد تُنتج تفلُتاً، وفوضى، تقلب الاوضاع رأساً على عقب، خصوصاً ان " اسرائيل " تتحيَّن الفرصة للإنقضاض على الاستقرار، وتعميم حالة الفلتان والحروب لإنهاك المحيط العربي المقاوم لإطماعها.
امَّا على المسار الثاني المُتعلِّق بالمعلومات الامنية المتوافرة لدى قيادات سياسية وعند اجهزة امنية مُختصَّة. فإن الامر يدعوا للقلق، لاسيما في ظلّ الفراغ السياسي الذي تعيشه البلاد من جراء عدم وجود رئيس للجمهورية، ومن وراء الخلل الذي يُصيب المؤسسات الدستورية الأُخرى، حيث مجلس النواب متوقف عن العمل، والجامعة فرقت شمل حكومة المصلحة الوطنية، وتكاد تُهدد مُستقبلها.
واهم ما في جعبة الجهات المتابعة للمسار الامني مجموعة من المعلومات التي قد تخرج عن كونها مؤشرات طبيعية. ولعلَّ اهم هذه المعلومات:
اولاً: وجود قرار من جهات اصولية مُتشددة في نقل المعركة الى لبنان، والخروج من المُقاربة التي كانت مُعتمدة في السابق – كون لبنان ساحة نصرة وليس ساحة جهاد – وقد تمَّ تفكيك عدة مجموعات تُعِدُ لتحقيق هذا الهدف، وما زالت الاجهزة تبحث عن مجموعات أُخرى. والقرار بمحاربة حزب الله على الساحة اللبنانية، يبدو انه أُتخذ عند المُتشددين، وربما عند بعض قوى المعارضة السورية. ذلك ان اشغال الحزب في لبنان، قد يفرض عليه الانسحاب من الساحة السورية المُشتعلة، والمُرشحة للإشتعال اكثر فأكثر، على عكس ما يرى بعض المُقربين من النظام.
ثانياً: في المعلومات ان تداعيات احداث العراق فعلت فعلها في لبنان، وتمدُّد القوى المُتشددة ظهر الى العيان في المخيمات الفلسطينية، وفي بعض الاحياء والقرى. وقد انتشرت صور الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ومعه نائبه عزت الدوري على جدران هذه المناطق في اشارة واضحة الى تأثُر لبنان بما يجري في العراق، لكون عزت الدوري هو القائد الفعلي للإنتفاضة التي حصلت في وجه رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي في وسط البلاد وشمالها. وبالتوازي مع هذه المؤشرات حصلت القوى الامنية على معلومات مؤكدة تُشير الى حركة تمويل واسعة في صفوف بعض الجماعات، ورصدت مكالمات تتحدث عن مبالغ مالية كبيرة تُجمع تحضيراً لأعمال امنية.
ثالثاً: الاوساط التي تراقب مسارات السياق الامني في لبنان ترى ان حزب الله ليس غافلاً عما يجري، وهو بالمقابل يقوم ببعض التحضيرات العسكرية في مناطق عديدة، استعداداً لما قد يحدث. والاستعراضات العسكرية للحزب التي حصلت الاسبوع الماضي في البقاع الشمالي، تأتي كجزء من خطة المواجهة المُحتملة. والحزب قلق الى ابعد الحدود من تطور الاوضاع في الجنوب، كونها قد تفرض عليه معادلات جديدة، وتُجبره على تغيير استراتيجيته الحالية التي تركزت على دعم صمود النظام السوري المُهدد بالسقوط.
بصرف النظر عن مدى مطابقة بعض المعلومات على وقائع الارض، لا يمكن تجاهل المؤشرات الامنية التي برزت على الساحة، رغم التماسك الرائع التي تُبديه الاجهزة المُختصَّة في المواجهة. ويبقى الامن السياسي المُتلاىشي من جراء التشرذُم والانقسام، نقطة الضعف الابرز في مسيرة الحفاظ على الاستقرار، وحفظ تماسك الدولة.
 

  • شارك الخبر