hit counter script

الحدث - دنيز عطالله

نهاية لبنان الذي نعرف

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٤ - 06:45

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تتعاطى الطبقة السياسية مع الوقائع والتطورات في لبنان والمنطقة بخفة توحي ليس فقط بعجزها، انما ايضا بجهلها. فلبنان المشرّع الابواب على عواصف المنطقة يتأرجح في منزلة بين منزلتي التفجير او التفتت. اما اهتمامات السياسيين فهي ضيقة على قدر ضيق مصالحهم وآفاقهم.
كان البطريرك السابق مار نصرالله بطرس صفير يعبّر باستمرار عن استيائه وغضبه من الكثير من اللبنانيين، والمسيحيين تحديدا، في طريقة تعاطيهم مع لبنان. فهم برأيه يعتبرونه "معطى ثابت وتحصيل حاصل غير مهدد بالزوال مهما لعبوا او غامروا او عاثوا فيه فسادا".
كان يردد ان اربعة فقط من اسلافه عرفوا لبنان بحدوده ونظامه وصيغته الراهنة. اربعة فقط هم البطاركة الحويك، عريضة، المعوشي وخريش. فهل يمكن الجزم بأن اربعة بطاركة ممن سيخلفونه سيرثون لبنان نفسه؟
تبدو الاجابة على هذا السؤال شديدة الصعوبة. فلبنان الذي نعرفه مهدد اكثر من اي يوم مضى. تتقاطع عليه مصادر التهديد والخطر. فالمنطقة التي تغلي بصراعاتها تقذف حممها علينا. وعلى عادتهم، لا يقف اللبنانيون على الحياد. اجتاز "حزب الله" الحدود ليحارب على ارض سورية. غرق في وحولها واغرق معه الكثير من التوافقات اللبنانية الهشة اصلا، بما فيها حدود لبنان المعترف فيها. ومع سقوط الحدود، في الاتجاهين، صار البلد الصغير مسرحا لصراعات الكبار من "الولي الفقيه" الى "الخليفة". وبين هذا وذاك، تتقاطع مصالح الدول التي ترسم مستقبلا لهذه البقعة المشتعلة من العالم وفق ما يناسبها. وعليه، لن يكون لبنان بمنأى عن اخطار كثيرة بينها التقسيم او التفتيت. وليس موقفا عابرا ما حذّر منه منسّق الامم المتحدة المقيم للشؤون الانسانية روس ماونتن. فهو اعلن صراحة ان "لبنان يواجه خطر التفتت كدولة القي على عاتقها عبء 1.1 مليون لاجئ سوري". وقال "لم يعد الامر مجرد مسألة طوارئ انسانية، بل كما وصفه الرئيس السابق ميشال سليمان ازمة تتعلق بوجود لبنان وبامن البلاد واستقرارها".
لكن على من تقرأ مزاميرك يا ماونتن؟ فواقع البلد في مكان واهتمامات السياسيين في مكان مختلف تماما. التعطيل والفراغ وشل المؤسسات الدستورية وسائل يعتبرها بعضهم مشروعة. يحصل كل ذلك في بلد تراجع منسوب الحرية فيه. من ابسط الحقوق، كالحق بشرب فنجان قهوة في مكان عام في زمن الصيام، الى الحق بالانتخاب وتداول السلطة. بلد، جامعته الوطنية في ازمة. نقاباته ترفع الصوت. طلابه ينتظرون نتائج امتحاناتهم. شبابه يطرقون بكثافة متجددة ابواب الهجرة. اقتصاديوه يبحثون عن اسواق بعيدة. بلد يتغيّر على ايقاع تغيّر المنطقة والاصوليات الصاعدة فيها، حتى في باب الاجتماعيات واسلوب الحياة.
يحصد اللبنانيون ما زرعوه على امتداد حروبهم وانقساماتهم الداخلية. فلبنان الذي عرفوه، لبنان الذي اشتهاه اباءهم واجدادهم، لبنان واحة الحرية وملتقى الحضارات، لبنان العيش المشترك وقبول المختلف، لبنان تلاقح الافكار وتنوع الخيارات، لبنان هذا، يكتبون آخر فصوله بيدهم.


 

  • شارك الخبر