hit counter script

مقالات مختارة - ريمون شاكر

من خليفة بطرس.. إلى «الخلفاء الموارنة» !

الخميس ١٥ تموز ٢٠١٤ - 07:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

سمحت لنفسي أن أدعوكم بـ»الخلفاء الموارنة»، لأنه ظهر أخيراً أن «الخليفة» أهمّ شأناً من «القطب». أبنائي، من الصخرة التي بنى عليها بطرس كنيسته أخاطبكم، وفـي قلبي حسرة وألم، حسرة على ما آلت إليه الأوضاع في لبنان العزيز، وألم من تصرفاتكم الطائشة واللامسؤولة.

منذ ما قبل العثمانيين وأنا معكم، أقف إلى جانبكم وأساعدكم بكلّ ما تيسّر لي من قوة ونفوذ في العالم أجمع. في القائمقاميتين والمتصرفية كنت إلى جانبكم، فـي لبنان الكبير والميثاق كنت إلى جانبكم، في الطائف والدوحة كنت أيضاً معكم... لم أتخلّ عنكم يوماً، لأنكم أبنائي وأنا أحبكم، إن كنتم على خطأ أو صواب.

حميتكم فـي الماضي، وأحميكم الآن، سأحميكم أولاً من حلفائكم، لأنهم سيتخلّون عنكم عند أول منعطف، إذا شاء رعاتهم الإقليميين ذلك. وسأحميكم من أعدائكم، ولن أدعهم يحقّقون مآربهم مهما اشتد ساعدهم وعظم نفوذهم، وسأسعى لأحميكم من أنفسكم لأنها ألـدّ أعداء ذواتكم وأخطر من يعمل ضد مصالح شعبكم. تدّعون الحنكة والذكاء والمعرفة، وأنتم أبعد ما يكون عن كل ذلك. تفتحون أبواب الجحيم بأيديكم، وتنبشون القبور بمعاولكم، ثـمّ تسألون عمّن تسبّب بإضعافكم وتهميشكم.

إنقسامكم يؤلمني، وأنانيتكم وتقديس نفوسكم يقتلانني، وكأنكم لستم أبناء الكنيسة، ولـم تسمعوا يوماً قول الرب «من أراد أن يكون فيكم عظيماً فليكن لكم خادماً». أخذَت «الكرسي» عقولكم واستولت على حواسكم، حتى فقدتم نعمة الحكمة وقدسية التواضع.

أبنائي، بكل محبة أسألكم: ما هو أهمّ بنظركم، ملكوت الله أم ملكوت بعبدا؟ ما هو أهمّ، إنقاذ الوطن أم الوصول إلى كرسي الرئاسة؟ ما هو أهمّ، طموحاتكم الشخصية أم مصير الطائفة؟

هل أعماكم الحقد، فأفقدكم وعيكم وبصيرتكم؟ ألا تعلمون أن الزمن يعمل ضدكم، والأحداث الجارية في المنطقة ليست لصالحكم؟ ألا تعلمون أن لبنان حالياً هو في آخر جدول الإهتمامات الإقليمية والدولية، والأولوية في هذه المرحلة بالنسبة للدول الكبرى هو الملف العراقي؟ حتى سوريا وأوكرانيا أصبحتا فـي الدرجة الثانية من الإهتمام. هل تنتظرون تبلور مسار الحرب العراقية وما ستؤول إليه نتائجها لتبنوا على الشيء مقتضاه؟

ستنتظرون طويلاً، لأن الحرب العراقية ستطول، والمباحثات السعودية الإيرانية ستتأخر كثيراً، ولبنان سيدفع فاتورة باهظة الثمن من خلال الإرتدادات العراقية والسورية على داخله الهش. حصِّنوا مؤسساتكم، وعلى رأسها مؤسسة رئاسة الجمهورية، وحصِّنوا وحدتكم، لتخفّفوا الأضرار التي ستصيبكم.

أحبائي، أنصحكم ألاّ تنتظروا الخارج لتصنيع رئيس للبنان، لأن الخارج يسعى لترئيس مَن يخدم مصالحه ويثبّت نفوذه، وآخر همّه مصلحة وطنكم وشعبكم. أنصحكم أن تعودوا إلى بكركي التي تحبكم جميعاً، فهي صمّام الأمان الوطني، والجامع الأوحد لكم ولجميع اللبنانيّين.

إسمعوا مـا تقوله بكركي، وهي على حق. ما دامت نعمة الروح القدس لم تحلّ عليكم، ولم تتوصّلوا إلى اختيار واحد منكم لرئاسة الجمهورية، فلن يبقى أمامكم سوى الإتفاق على شخص آخر من خارج 8 و 14 آذار، أو الذهاب إلى المجلس النيابي، ولتأخذ اللعبة الديمقراطية مجراها.

إن تعطيل نصاب جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية هو طعن للدستور والميثاق وتحقير لمنصب الرئاسة. ولا أظن أحداً منكم يرغب في إضعاف هذا الموقع، ألا يكفي ما أصابه في الطائف، وما سُلِب منه زوراً وحقداً؟

إذا إستمر بعضكم في المقاطعة والمعاندة والتعنّت في إنتظار حلم، لن تبقى رئاسة تلهثون وراءها، ولن يبقى وطن. إن الذي يحب لبنان حقاً، والجدير بتحمّل المسؤولية، هو «الشخص المتجرّد من ذاته ومصالحه، والذي يضحّي بكل شيء من أجل إنقاذ وطنه وطائفته». «طوبى للمساكين بالروح، للودعاء، للمتواضعين، ولصانعي السلام، لأن لهم ملكوت السماوات».
 

  • شارك الخبر