hit counter script

مقالات مختارة - الياس قطار

البيت الكتائبي يتنفّس... معركة الأحجام انتهت؟

الخميس ١٥ تموز ٢٠١٤ - 07:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

صدى البلد

منذ فترةٍ اعترف بها سامي. قالها أمام أحد مقرّبيه ضمن دائرته الاستشارية الصغرى بعدما فاحت رائحة الخلافات بينه وبين ابن عمّه: في الأشرفية، صحيحٌ أن القرار كتائبي، ولكن لا بدّ أن نستمع لرأي نديم. قبل أن يقولها سامي لم يكن حزب الكتائب يتجاهل رأي ابن بشير ولكنه لم يكن أيضًا مستعداً لكسر نظام عمله من أجل مسؤول إقليم أراده نديم بلا مهادنة.

قد يكون اسما جورج ملك وإيلي نصّار تفصيلاً مملاً في حكاية الشيخيْن الفاترة منذ ما قبل معركة إقليم الرميل غير الخفيّة. لم يكن نديم الجميل ليقولها يومًا، لم يكن ليأخذها على نفسه فيعترف أمام قاعدته في الأشرفية وخارجها أنه يشعر بتهميشٍ متعمّدٍ داخل الحزب الذي واظب على حضور معظم اجتماعاته والتزم معظم قراراته باستثناء بعضٍ منها على أهميتها. وما كان الشيخ الأصغر يشعر به لم تكن بكفيا هي الأخرى لتعترف به: فنديم ركنٌ أساسيٌّ ملتزمٌ بقرارات الحزب ومشاركٌ أساسيٌّ فيها، أما الحديث عن تهميش فاصطيادٌ في الماء العكِر.

طويا كل الصفحات
في الأمس القريب تصافى الشيخان على ما عملت “صدى البلد”، تحدّثا كثيراً لا بل تعمّدا الخروج أمام أعين الجميع ليوجها رسالةً صارمة الى كلّ “محرتق”: علاقتنا على خير ما يُرام. في ليلةٍ قمراء من ليالي بكفيا الربيعية طويا كلّ صفحات “التلاسن”. طويا صفحة الإنذار الذي اعترف به نديم نفسه على “تويتر” بسبب تغيّبه عن جلسة منح الثقة لحكومةٍ تحتضن ثلاثة وزراء محسوبين على الكتائبيّين وهو ما اعتبروه إنجازاً قبل أن ينغّص ابن بشير عليهم فرحة الاحتفال بتسجيله اعتراضه على المشاركة في الحكومة من الأصل. طويا صفحة مشروع اللقاء الأرثوذكسي الذي لم تهضمه معدة نديم تماهياً مع ذكريات “لبنان أولاً” التي تدغدغه بين حين وآخر. طويا صفحة إقليم الرميل بتسويةٍ ضمنيةٍ على ما علمت “البلد” أفرزت تعيين جورج ملك بديلاً عن إيلي نصّار المستقيل، وإن اتّخذت تلك التسوية طابع “مراعاة مشاعر” ابن العمّ في منطقته التي يبدو وضعه الانتخابي فيها غير مطمئن كما منذ خمس سنوات. طويا كلّ الصفحات وراحا يرتشفان القهوة معاً خلافاً لكلّ ما يُقال عن استعار الخلاف حول اسم ملك وفرض نديم كلمته على المكتب السياسي ركوناً الى حقيقة “مسؤوليته” عن تلك المنطقة بصفته نائباً عنها.

تسوية في الرميل؟
يرفض الكتائبيّون الحديث عن خلافٍ في الأساس. “يقزّمون” كلّ حديثٍ عن تبايناتٍ شرسة داخل البيت الواحد حدّ رسم صورةٍ ورديّة. فبالنسبة الى نديم، أحدٌ لا يستطيع أن يهمّشه داخل الحزب أو خارجه، أما على جبهة سامي فلا حاجة الى الحديث عن تهميشٍ جدّي لأن هذا السيناريو غير موجود في الأساس وإلا فسلْ نديم نفسه عن حقيقة شعوره! نديم لم يهجر الحزب يومًا على ما يؤكد المسؤول الاعلامي في مؤسسة بشير الجميل جو توتونجي لـ”صدى البلد”، مشيراً الى أن “موضوع إقليم الرميل يتعلق بالحزب برمّته لا بشخص نديم. فاسم جورج ملك لم يفرضه نديم بل اقترحه على المكتب السياسي الذي كان عليه أن يوافق أو ألا يفعل، ولكن يبدو أن الإتصالات الأخيرة التي أجراها نديم وباقي أعضاء المكتب أثمرت الاتفاق على ترؤس ملك إقليم هذه المنطقة”. إذاً الشيخان أمين وسامي كانا راضيَين عن اسم ملك رغم تمسّكهما في وقتٍ سابق بإيلي نصار؟ يجيب توتونجي: “في نهاية المطاف نصار هو من قدّم استقالته بعد وقوع الإشكال وطلب إعفاءه من هذه المسؤولية، وليس تسريب اسم جورج ملك سوى خير مؤشر الى وجود تسوية كتائبيّة حوله”.

نديم مهمّش؟
ولكن ألا يشعر نديم حقيقة أنه لم يحظَ بما يستحقّه داخل الحزب؟ يتلقف توتونجي: “أولاً نديم الجميل إذا لم يهمّش نفسه بنفسه أحدٌ لا يستطيع تهميشه وهو الذي يختار الموقع الذي يريده سواء داخل حزب الكتائب أم خارجه. ثانياً، لا أرى أن هناك محاولات تهميش فعلية مقصودة. ربما بسبب تباين في بعض المواقف السياسية طفت خلافات بين الشيخين سامي ونديم على السطح وآخرها مسألة الثقة وقبلها مشروع اللقاء الأرثوذكسي، ولكن هذه الخلافات التي طوِيت منذ 5 أشهر يمكن وضعها في خانة تفاوت وجهات النظر داخل البيت الواحد وليست كما يحاول بعضهم تصويرها على أنها خلافاتٌ شخصية أو حرب مواقع. فعلامَ سيختلفان؟ على رئاسة حزب الكتائب؟ أطال الله في عمر أمين الجميل الموجود والذي يدير الحزب كما يجب”.

“مش فاتح عحسابو”
من جهته، أكد رئيس مجلس الإعلام في حزب الكتائب جورج يزبك لـ”صدى البلد” أن “المرحلة السابقة لم تشهد خلافاً بمعنى الخلاف بل كانت هناك نقاشات داخل المكتب السياسي قد تصل أحياناً حدّ التباين الكلي والواضح من دون أن يعني ذلك الخروج على أي قرار يصدر”. ولكن أليس هذا الكلام وردياً خصوصًا أن الجميع كان على علمٍ بأن الشيخين نديم وسامي لم يكونا “طيابات” وكان هناك عتبٌ إزاء تغيّب نديم عن جلسة منح الثقة؟ يجيب يزبك: “الأكيد أن نديم الجميل “مش فاتح عحسابو” وهو يلتزم بقرارات المكتب السياسي وهو بين نواب الكتلة الخمسة الذين يحضرون اجتماعات المكتب السياسي لدرجة أنه الأكثر حضوراً مع ابن عمّه، ويعتبر أنه كتائبي بامتياز. عدا ذلك لا يمكن الإدعاء بأن لا نقاشات وتباينات يشهدها المجلس الكتائبي ولكن ذلك من باب الصحّة”. ويشدد يزبك على أن “في الماضي شاب العلاقة ليس بين الرجلين بل إزاء بعض القرارات فتور، ولكن ما ألمسه اليوم أننا أمام مرحلة قائمة على تضامن كامل خصوصًا أن الجميع على بيّنة من أن الوضع المسيحي لا يحتمل أيّ تباينٍ حتى في المواقف”. ولكن بشكل عام ألا يحقّ لنديم أن يقول إنه مهمّش داخل الحزب؟ يختم يزبك: “يمكن أن أؤكد أن حضور نديم ليس مهمشًا بدليل تراجع المكتب السياسي عن خيار إيلي نصار وتسمية جورج ملك. وعندما يتمّ تعيينٌ مماثل في منطقة في قلب العاصمة وفي إقليم بهذه الأهمية برضى نديم وسامي فإن ذلك يعني أن لنديم حضوره الفاعل وأنه شريكٌ أساسي في القرار لا سيّما في المنطقة التي هو نائبٌ عنها”.

الأمور تصطلح علناً
إذاً الأمور تصطلح في العلن بين الشيخيْن المشاكسيْن. وفيما يخفت نجم ابن أمين في الآونة الأخيرة، يحاول ابن بشير اللعب على عنصر الصدمة بإحداثه زوبعاتٍ في البحر الكتائبي الهائج بملفاته الحكومية. وبالفعل علمت “صدى البلد” من مصادر لها موطئ قدم في بيت آل الجميل أن العلاقة بين نديم وسامي جيّدة اليوم بعدما تعاهدا على رمي الخلافات جانباً خصوصًا في هذه الظروف التي تفرض تماسكًا كتائبياً. هذا ويسعى الرجلان الى إثبات طرد شبح النفور بينهما من خلال ظهورهما المشترك مع توزيع ابتساماتٍ عريضة بدءًا بالبرلمان وصولاً الى اللقاءات التي تجمعهما مروراً بمناسبات آل الجميل الخاصة التي لا يغيب عنها المقرّبون والمستشارون. ويركن هؤلاء الى حقيقة إصرار نديم أخيراً على إطلالته عبر “صوت لبنان-الأشرفية” ليؤكد أنه ابن هذا البيت وأنه لا يقاطعه والعكس صحيح. أما في النتيجة، فتنفّس البيت الكتائبي بعدما عجز في الآونة الأخيرة عن استعارة ورقة توت من حديقة بكفيا لتخفي العورات التي كادت تفضح هشاشة مداميك ذاك البيت السياسي العريق.

  • شارك الخبر