عاد النائب وليد جنبلاط من لقائه الأخير مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بأجواء قاتمة عن الوضع اللبناني، خصوصاً لناحية تعذّر دفع الدول المؤثرة في الشأن اللبناني للضغط على حلفائها اللبنانيين كي يسرّعوا في انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وتشدّد الدوائر الديبلوماسية في لبنان على أهمية توافر شبكة أمان داخلية تواكب الحماية الدولية، مع الكشف عن حراك أوروبي أميركي في اتجاه التأكيد على الرعاية الأمميّة لعدم هزّ الاستقرار في لبنان من جهة، وملء الشغور الرئاسي من جهة ثانية.
وأفادت هذه الدوائر المطلعة عن كثب على المجريات السياسية اللبنانية، أن هنالك مسعى أميركيّاً بالتوازي مع الجهد الفرنسي والفاتيكاني المتحرّك على الساحة اللبنانية، يتولّى تسويقه السفير الأميركي في لبنان دايفيد هيل بالتنسيق مع الرئيس نبيه بري، وهو لا يتعارض مع مبادىء الحراكين الفرنسي والفاتيكاني، ويهدف بشكل أساس الى الوصول لصيغة ترضي الأفرقاء المسيحيين في كلي الفريقين، فلا يكون قابلاً للنقض من جانب الدكتور سمير جعجع أو العماد ميشال عون. وبالمقابل يتم ارضاء الطرف السني المتمثّل بتيار المستقبل عبر تأمين غطاء سنّي يكون بمثابة جزء من مظلّة عربية تؤمن الجزء الباقي منها مصر، يضاف الى غطاء اقليمي تؤمنه ايران.
لكن الدوائر نفسها لا تنكر أن الأجواء المحلية والاقليمية والدولية لا توحي بانفراجات قريبة، ذلك أنّ المفاوضات الدولية-الايرانية حول الملف النووي الايراني تبدو متعثّرة كما أوحت مواقف وزيري خارجية أميركا جون كيري وايران محمد جواد ظريف، بالاضافة الى التعقيدات الاقليمية التي تترجم تعنّت رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي برفض التنازل عن الترشّح لولاية ثالثة، ورفض تشكيل حكومة وفاق وطني تضمّ سائر المكوّنات العراقية.
وتشير مصادر ديبلوماسية الى امكانيّة صدور قرار دولي عن مجلس الأمن قريباً تحت "الفصل السادس" يحضّ الأطراف اللبنانيين على تسريع انتخاب رئيس توافقي للجهمورية تأميناً لانتظام عمل المؤسسات، وتلتفّ حوله الجهات الداخليّة.
لكن السؤال الذي يتكرّر منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في 25 أيار الماضي: من هي هذه الشخصية الاجماعية التي سيتوافق عليها المسيحيّون في لبنان، وتيار المستقبل وحزب الله والرئيس بري والنائب وليد جنبلاط، واللاعبون الاقليميون والدوليون؟ هي مهمة صعبة وربما لن تكون الاجابة عن السؤال قريبة.