hit counter script

خاص - ملاك عقيل

مسابح أم... مسالخ!

الإثنين ١٥ تموز ٢٠١٤ - 05:17

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

مسابح ميامي، وكان، وسيشيل، وجزر المالديف، وهامبتون في نيويورك... بالتأكيد أقلّ غلاء من بعض مسابح لبنان. هناك لا ضريبة على الاستفادة من روعة الطبيعة والتمتّع برمل الشواطئ الذهبي. هنا ضريبة على كل شيء، وبما يفوق القدرات. تبدأ من الفاليه باركينغ ولا تنتهي بآخر "drink" يشربه الضيف قبل أن يخرج منتوف الجيبة.
نهار البحر الممتلئ نشاطا وتبذيرا يصعب مع أصحاب الأحوال الميسورة أن يتكرّر أكثر من مرّة في الأسبوع. بالنسبة الى فريق الأحوال المتوسّطة، مرّة في الشهر. البقية تتفرّج من بعيد لأن لا قدرة أصلا على تحمّل فجع "الفاليه" وكل مستلزمات نهار التفشيخ.
لا حلّ عمليا لهذا النوع من المعضلات الا برفع سحري للأجور من دون توقع حصول تسونامي اعتراضي من حيتان المال، أو تواضع أصحاب المسابح الفخمة، فلا يحوّلوا واحاتهم الجميلة الى مسالخ ومذابح بحق الجيوب.
في كل عام يتّسع الخيال "البحري" أكثر فأكثر، إن لناحية رفع تعريفة الدخول وأسعار المأكولات والمشروبات، أو لناحية التقديمات المغرية، والمكلفة بطبيعة الحال، التي تقدّم للرواد من اجل إشعارهم بأن ما يدفعونه حلال ومشروع، طالما أن "البسط" هو الهدف الأول.
لم تعد المسألة في مئات الدولارات التي تصرف على عدّ الدقائق، ولا بالشراشف البيضاء التي تُشعر بعض الشبان والشابات بأنهم في عصر "حريم السلطان"، ولا بالكحول التي تختلط بمياه البيسين الحامية، ولا بعروض الرقص المثيرة على حفافي المسبح، ولا قناني الشمبانيا التي تبلع كالماء، ولا بالـ "سترينغات" التي أطاحت بالمايوهات الكلاسيكية... بل في رصد هذا الكمّ الهائل من اللبنانيين، حتى في المواسم التي غاب عنها السياح الاجانب والخليجيين، مشاركا في مهرجانات الفحش والصرف من دون أن "تركبه" هموم ما بعد الصرف. من أين هذا الحشد المحتفي في بلد الافلاس وسلسلة الرتب والرواتب المفقودة؟
يصحّ هذا السؤال في دولة يكاد يتعطّل فيها كل شيء. وداخلها هيئة تنسيق نقابية ناطحت امبراطوريات المال ومغاور الفساد وبيروقراطية النظام كي تقرّ سلسلة لا تزال تقبع في فم التنين، ومشاريع انتحاريين يتجوّلون بيننا ويسوحون في فنادقنا.
من يدخل هذه المسابح يشعر أن البلد بألف خير، وأن لا أزمات اقتصادية واجتماعية تلاحقه، وبأن معاشات عمّاله وموظفيه فوق الريح، وبأن لا دين في رقبة الدولة يتخطى الـ 64 مليار، وبأن الارهاب ضيف غريب عنّا... للحظة تشعر بأن الخدمات داخل هذه المسابح تكاد تكون مجانية، وإلا ما الذي يبرّر هذا الصرف الجنوني في بلد مديون!
اللبناني عنيد فعلا. رغم كل شيء لا أحد يئن، إلا من باب النقّ الذي لا يقدّم ولا يؤخّر. ما عدا ذلك، انت تدخل مملكة المسابح كأنك وسط واحة للاغنياء فقط. لا شيء يدل على آثار للكابوس اللبناني المعروف. البلد ماشي، والفحش ماشي... ماذا قلتم؟! أزمة اقتصادية؟

  • شارك الخبر