hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

ندوة في مركز الصفدي عن العربية في بلاد الألمان

الأربعاء ١٥ حزيران ٢٠١٤ - 14:19

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

نظمت في قاعة الشمال في "مركز الصفدي الثقافي"، ندوة بعنوان "العربية في بلاد الألمان" دعت إليها مؤسسة الصفدي، بالشراكة مع الجامعة اللبنانية- كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ومركز صلاح الدين للثقافة والإنماء، والمعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت، ومعهد غوته في بيروت ومعهد الدراسات الشرقية في جامعة إرلانجن-نورنبرغ ألمانيا، في مناسبة مرور عام على وفاة المستشرق الألماني المعروف فولفديتريش فيشر، الذي نشر أكثر من 40 كتابا وبحثا عن اللغة العربية وآدابها وفي الإسلاميات واللغات السامية، افتتحها المدير العام لمؤسسة الصفدي رياض علم الدين، وأدارتها عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة الدكتورة أسما شملي، وشارك في مداخلاتها كل من: رئيس مركز صلاح الدين العميد الدكتور هاشم الأيوبي، مدير المعهد الألماني البروفسور ستيفان ليدر، ومدير معهد الدراسات البروفسور هارتموت بوبزين.

وحضر الندوة مدير معهد غوته في بيروت الدكتور أورليك نوفاك، عميد معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية - الفرع الثالث الدكتور عبد الغني عماد، السفير محمد عيسى، القاضي نبيل صاري، الأمينة العامة للجنة الوطنية للأونيسكور البروفسورة زهيدة درويش، رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور نزيه كبارة، مدير معهد العلوم الاجتماعية الدكتور عاطف عطيه، مدير مكتب وزارة الشؤون الاجتماعية في طرابلس ماجد عيد، الدكتور رشيد ميقاتي، الدكتور جان جبور، أكاديميون وطلاب جامعيون ومهتمون.

بعد النشيد الوطني، رحب علم الدين بالحضور، وقال: "الإنسان عدو ما يجهل". فالذي لا يعي فوائد القراءة تجده يستثقلها ويملها، والذي لم يدفعه فضوله إلى الغوص في ثقافات الآخرين وحضارتهم، تجده خائفا وحذرا ومتوجسا من التواصل معهم. والاستشراق "ربما" يكون أحد أوجه هذا الفضول الإنساني. أقول "ربما" لأنني لا أدعي الإلمام الكامل بماهية الاستشراق وأهدافه، فهذا علم له باحثوه ومفكروه الذين غاصوا في تفسيراته وبحر علومه سنوات طوال، وأفردوا له الكتب والأبحاث والمؤلفات، لعل أبرزها كتاب "أبحاث عربية في الكتاب التكريمي للمستشرق الألماني فولفديتريش فيشر"، والذي أعده وأصدره الدكتور هاشم الأيوبي. وعن أسباب اختيار المدرسة الإستشراقية الألمانية قال: "لقد أجمعت الدراسات على أن أبرز صفات الاستشراق الألماني أنه لم يكن نتيجة لأهداف سياسية أو إستعمارية، لأن ألمانيا لم تكن لها مستعمرات في العالم العربي، وغلبة الروح العلمية عليه والاتسام بالموضوعية والتجرد في نسبة كبيرة، فذهب الدارسون إلى حد القول إن المدرسة الالمانية هي الأقرب الي مقاربة الحقائق".

وأكد "واجب مؤسسة الصفدي التنموي لجهة توفير التواصل بين الأفراد من مختلف الثقافات وتأكيد مفهوم الإنسانية ومبدأ احترام حق كل فرد في التنوع والاختلاف، فأخذنا على عاتقنا جانبا من المسؤولية في مد الجسور وتقريب المسافات بين حضارتنا العربية العريقة والحضارات الأخرى، وعملنا ولا نزال على تذليل العقبات التي تحول دون ذلك، ولعل أبرزها هو اللغة، فتولينا مع شركائنا في المراكز الثقافية الأجنبية وبالأخص الشريك الألماني، تعليم لغات تلك البلدان والتعرف إلى ثقافتها وطابعها الاجتماعي وحضارتها. وقد قطعنا أشواطا كبيرة في هذا المضمار، ليس المجال متاحا الآن لتعدادها". وختم موجها التحية إلى المحاضرين ومديرة الندوة والحضور.

ثم افتتحت الدكتورة شملي الندوة بمداخلة بعنوان "بين الاستشراق في بلاد الألمان والاستشراق الفرنسي-البريطاني"، مستشهدة بكلام فيشر عندما سئل عن سر عشقه اللسان العربي بما معناه أن "هذا امر حتمي إذ انه لم يفترق عنها يوما واحدا منذ كان في سن ال 14. ويقابل هذا العشق للسان العربي عند كثيرين من المستشرقين الألمان الذين ينتمون للمفهوم التقليدي للاستشرق، حضور عميق للثقافة الألمانية في متخيل قاطني بلاد المشرق، وليس أدل على ذلك من انتشار اللغة الألمانية في اوائل القرن الماضي لدى أبناء الطبقة البورجوازية المتعلمة في بيروت، كحرصهم على تعلم التركية".

ولفتت الى ان "الحضور الألماني في الشرق قديم كجزء من تلك الثقافات التب كان موطنها ما عرف فيما بعد بأوروبا والتي ناصبت تارة الشرق العداء وتارة استهوتها حضارته". ثم تحدثت عن "تاريخ ظهور الاستشراق بمفهومه الكلاسيكي مع بداية القرون الوسطى"، لتلفت إلى أن "للاستشراق الألماني نكهة خاصة، وعلى عكس المقاربة الأكاديمية التي انتهجها المستشرقون الألمان لدى دراستهم للشرق، كان المستشرقون البريطانيون والفرنسيون شديدي الاهتمام بمسائل السياسة والهيمنة الاقتصادية على الشرق، لذلك كان من البديهي أن يتفوق الاستشراق الألماني على نظيريه الفرنسي والبريطاني. فهو في نظر الألمان علم جامعي حيث نصف الجامعات الألمانية وجميع الجامعات الواقعة في بروسيا تهتم بتدريس الاستشراق، إلا أنه يبقى سؤال لطالما تردد في ذهني من دون ان اجد له جوابا: "ما هو سر هذا التقارب القديم بين الحضارتين العربية والبروسية-الألمانية على الرغم من اختلافهما"، لتجيب: "السبب ربما في كون الألمان حتى الآن كالعرب يتصفون بالتعلق الشديد باللغة الأم".

وأسفت "لكون الصراعات المستمرة حتى الآن حالت دون تلاقي الشرق والغرب، لتختم قائلة: ويبقى أن مستشرقين كفيشر هم من يستطيعون العمل على تخطي الحواجز الواهية بين الشرق والغرب".

بدوره، روى الدكتور الأيوبي قصة لقائه مع المستشرق الألماني فيشر بحيث نصحه المطران جورج خضر، ب"السفر إلى ألمانيا المعروفة بالاستشراق والفلسفة، فالتقى المسؤولين الألمان في معهد غوته ومعهد الدراسات الشرقية الذي كان في حينها يستضيف المستشرق الألماني فيشر، فتعرفت اليه ولم تنقطع علاقتنا منذ ذلك اليوم حتى وفاته".

وأضاف: "لا أريد للجانب الشخصي أن يحتل المساحة الأكبر من حديثي عن أستاذي وصديقي، وتلازمه مع الجانب الموضوعي، لكن لا بد لي من القول إن أول ما لفتني به هو تواضعه العلمي على رغم سعة اطلاعه وشعب معارفه اللغوية والأدبية والتاريخية. هذا الحب للعربية والشغف بها رافقا فيشر منذ طفولته عندما كان في إحدى مكتبات نورنبرغ، فكرس حياته في درس العربية وتدريسها وآدابها وحضارتها".

وتابع: "يعتبر كتابه: قواعد العربية الكلاسيكية من أهم ما كتب في هذا الموضوع وكان الكتاب الأساس للتدريس".

ثم عدد أبرز مؤلفاته، مشيرا إلى "نظريته في اللغة العربية الوسطى ويقصد بها لغة الحكايات الشعبية".
وقال: "كان لي شرف المساهمة معه ومع الزميلين بلوم ولانجر في وضع كتاب "نحو العربية المعاصرة" الذي ظهر منه حتى الآن ثلاثة اجزاء كبيرة باللغة الألمانية.فتوطدت علاقتي به أكثر وتعرفت الى فيشر الباحث والعاشق للعربية والصابر المجالد على كل تفاصيل صرفها ونحوها". واكد "سمة الموضوعية العلمية التي كانت أساسية لدى فيشر ولصيقة عامة عند المستشرقين الألمان. وكان يحترم ثقافة الآخرين حتى لو اختلف معهم، ويؤمن بحرية الرأي". وأشاد ب"اهتمام معاهد الاستشراق الألمانية باللغة العربية عبر تعليمها وإقامة الندوات والمؤتمرات حولها".

ثم ختم معددا الأنشطة التي نظمتها الجامعة اللبنانية في معرض اهتمامها بالاستشراق الألماني. وامل أن "تقوم الدكتورة شملي بتطوير العلاقة القائمة بين كلية الفنون في الجامعة اللبنانية وكلية الفنون في جامعة لايبزغ وجمعية أورينت"، داعيا المعاهد الشرقية في ألمانيا والمعهد الألماني في بيروت الى ان "تكون لها مساهمات في ذلك".

واستهل البروفسور ليدر مداخلته بالتعريف بالمعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت، كمركز اكاديمي مستقل حول العالم العربي. ولفت إلى ان "المعهد لديه في بيروت مكتبة أبحاث تضم نحو 125000 مجلد وينشر سلسلتين من الكتب: النشرات الإسلامية والنصوص والدراسات البيروتية، بالإضافة إلى نشرات إلكترونية. وينظم ورش عمل ومؤتمرات دولية ومحاضرات مسائية. ثم طرح "مفهوم الدراسات الشرقية والدراسات الإسلامية ودور الاستشراق فيهما، واهمية اللغة العربية باعتبارها جامعة بين الأبحاث المتعددة التخصصات ونحن نسعى الى اعطائها حقها القائم على التراث العربي الغني والمثير والمؤثر عبر العصور".

واضاف: "لا تزال اللغة العربية المفتاح إلى عالم الفكر والفن، ووسيلة للتعبير والإنتاج الفكري وهي أكثر من ذلك تعتبر قياسا معرفيا لشعوب وثقافات ولغات أخرى في المنطقة، كما أنها لغة العصر ولغة الإتصال اليومي لأكثر من 400 مليون نسمة. وهي تؤدي دورا بارزا في المعهد الألماني موضوعا كان أو وسيلة".

وتحدث بإسهاب عن مراحل تاريخ المعهد ودراساته، ودور التراث الاستشراقي فيها، داعيا من يهتم بالبحث إلى زيارة الموقع الإلكتروني للمعهد.

وسرد البروفسور هارتموت ب"الوقائع التاريخية مراحل الاستشراق الألماني وخصوصا بعد فترة الحرب حيث كانت بدايته الجديدة، حيث أصبح لديهم قسم الدراسات الشرقية، والخطورات التي اعترضت طريقه في إرلانجن"، معددا "أهم الأسماء التي كانت لها اليد الطولى في دعم مسيرة الاستشراق ومن بينها فيشر"، ثم قرأ مقتطفات من بحث أعده هو ونقله إلى العربية الدكتور هاشم الأيوبي حمل عنوان "الاستشراق في إرلانجن: منذ البداية حتى فيشر"، معددا أبرز الأسماء التي مرت على تلك المنطقة في هذا المجال والبصمات التي تركتها، وصولا إلى فيشر.
وكانت نقاشات ومداخلات من الحضور، بينها شهادة من الدكتور جان جبور الذي تعرف الى فيشر.  

  • شارك الخبر