hit counter script

أخبار محليّة

ندوة في بيت المحامي عن إلغاء عقوبة الاعدام

الإثنين ١٥ حزيران ٢٠١٤ - 18:24

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقيمت ظهر اليوم في "بيت المحامي"، ندوة نظمتها نقابة المحامين في بيروت بالتعاون مع المفوضية الدولية لمناهضة عقوبة الاعدام تحت عنوان "إلغاء عقوبة الاعدام في لبنان".

وحضر وزير الاعلام رمزي جريج ورئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد ومفوض الحكومة لدى مجلس شورى الدولة القاضي عبد اللطيف الحسيني، ونقيبا المحامين في بيروت جورج جريج وطرابلس ميشال خوري، والوزراء السابقون ابراهيم نجار، شكيب قرطباوي وبهيج طبارة وعدد من القضاة، وممثل المدير العام لقوى الامن الداخلي الرائد اسعد ايوب ونقباء المحامين السابقون واعضاء مجلس النقابة ورجال قانون وحشد من المحامين.

وألقى المحامي فادي بركات كلمة في مستهل الندوة قال فيها: "إن القتل بذاته جريمة عرفها الإنسان منذ القدم وذلك قبل أن يكتب عنها من وحي الأنبياء. فقبل ابراهين وموسى، عندما قتل قايين أخاه هابيل، سمع صوت الله يناديه: "قايين قايين أين أخوك؟" فعلم للتو أن فعلته تتنافى والطبيعة البشرية وحاول الهروب من أمام أعين الله لكنه لم ينجح، فبقي ضميره يؤنبه طيلة عمره، وهذا العقاب أي تأنيب الضمير هو أقوى وأشد من عقوبة الإعدام. فالله سبحانه وتعالى لم يأمر بقتل قايين، بل تركه طليقا وهو القادر أن يسترجع روحه. فهل قدرة الإنسان تفوق قدرة الله على وهب الحياة واسترجاعها؟"

أضاف: "لا تنصبوا أنفسكم أيها الحكام، أيها المشرعون، مكان الله عز جلاله، فالذي يعطي الحياة هو وحده بستردها".

وختم بأن "الإحصاءات تفيد أن الدول التي تعتمد في شرائها عقوبة الإعدام فالجريمة في هذه الدول ليست أقل من سواها. فمن أجل تخفيض نسبة الجرائم حتى اضمحلالها يتوجب على المجتمعات المدنية والأهلية أن تحتضن أبناءها وتساعد المحرومين والبائسين لأنه من الحرمان والبؤس تنبت الجريمة وتنمو. لذلك ندعو الحكومات والجمعيات المدنية والأهلية، ومن ضمنها نقابة المحامين، إلى العمل على تعزيز ثقافة المحبة والمساعدة والوقوف إلى جانب الضعيف ضد القوي الذي لا حساب لديه إلا الطمع والمال.
ومن خلال نشرات تبين أن العديد من القضاة ومنفذي أحكام الإعدام في العالم، بشهاداتهم هم، يؤكدون أن وخز الضمير يلاحقهم مدى الحياة".

وقال النقيب جريج: "يسرني أن أرحب برئيس "اللجنة الدولية من أجل الغاء عقوبة الإعدام" السيد فديريكو مايور، فثقافة السلام بدمه، فهو وزير تربية سابق في إسبانيا، كما تولى منصب المدير العام للأونيسكو لفترة من الزمن. فكان المركز الدولي لعلوم الإنسان في بيبلوس جبيل. إن التربية والأونيسكو نقيضان للقتل والموت والعدم".

أضاف: "القضاء والعدل خصمان عنيدان أيضا لهدر الحياة. ونحن في حضرة معالي وزير العدل الأسبق البروفسور ابراهيم نجار، حامل قضية الحياة وقيمة الإنسان، وواضع شرعة البقاء من خلال مشروع قانون إلغاء عقوبة الإعدام الذي تقدم به كوزير للعدل في العام 2008 وضمنه عصارة فكره وعلمه وبصماته، مطالبا بإلغاء المادة 43 وتعديل المادة 37 من قانون العقوبات، إضافة إلى إلغاء مواد ذات صلة في قانون أصول المحاكمات الجزائية. كما أرحب بمعالي النقيب شكيب قرطباوي الذي حمل قضية الإنسان على منكبيه طوال حياته المهنية كمحام ونقيب للمحامين ووزير للعدل.
وأحيل هنا إلى منظمة العفو الدولية Amnesty International التي تصدر تقريرها ملخص لمشروع قانون إلغاء عقوبة الإعدام الذي تقدم به الوزير شكيب قرطباوي وجاء فيه: "إن الحق بالحياة يتقدم على كل شيء . وأول معالم حقوق الإنسان الحق بالحياة ولا علاقة البتة بين تطبيق عقوبة الإعدام وتدني نسبة الجريمة.
No correlation between the death penalty and decreasing crime rate."

وتابع: "وزيرا العدل أرضهما واحدة، وساحتهما واحدة، نقابة المحامين، يحملان رسالة واحدة وأمر عمليات واحد: إحترام الإنسان.
أرحب بالسادة أعضاء اللجنة السيد علي خشان وزير العدل السابق في فلسطين، ولأن التكريم لا تراتبية له، بل ربما الأخيرون أولون، فكيف إذا كانت سيدة، أرحب بالسيدة صوفي Grève، قاض سابق في المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان، CEDH ونائب رئيس المحكمة العليا في بيرغن في النروج، قاسم مشترك واحد يجمع هذا القوم ويجمعنا معهم، ثقافة الحياة، ورفض مداواة القاتل بالتي كانت هي الداء، بالإذن من أبو النواس".

وقال: "إن هذا اليوم الذي نلتقي فيه دفاعا عن إلغاء عقوبة الإعدام يصادف ويا للأسف ذكرى إغتيال واستشهاد القضاة الأربعة، الرئيس الأول لمحكمة الجنوب القاضي حسن عثمان، والقاضي عماد شهاب، والقاضي وليد هرموش، والقاضي عاصم بو ضاهر. إنني باسم نقابة المحامين أنحني للسنة الخامسة عشرة على التوالي أمام ذكراكم، هم أمانة في أعناقنا قضاة ومحامين يا حضرة الرئيس الأول، وأدرك نضالكم وصلابتكم. إنها مناسبة للتأكيد أن القضاء يبقى واقفا، شامخا، لا يرهبه إعتداء، ولا يثنيه إرهاب، ولا يقعده تهديد. وهنا لا بد من طرح إشكالية لا تزال قائمة في مجتمعنا: هل الإعفاء من الإعدام مجازٌ في المجتمعات التي تعاني من ثقافة العنف؟ هل الإعفاء من الإعدام يشكل مسايرة للجاني على حساب حقوق وشعور ذوي الضحية؟"

واردف: "بعد طرح هذه الإشكالية، أعود وأؤكد أن القاسم المشترك هو أن إلغاء عقوبة الإعدام صار بمثابة فلسفة عابرة للحدود والمناطق والدول والبشر. فقد أقر المؤتمر العالمي لإلغاء عقوبة الإعدام، الذي عقد في مدريد، إنشاء شبكة عالمية للبرلمانيين المؤيدين لإلغاء عقوبة الإعدام، مهمتها الإضاءة على مساوئ هذه العقوبة، وإبراز فوائد الإلغاء، وإظهار استطلاعات الرأي والإحصاءات المجراة في الدول التي ألغت عقوبة الإعدام لتكوين رأي عام مؤيد لإلغاء هذه العقوبة".

اضاف: "أقولها منذ البداية، نحن معكم في طريق واحد، في رفض عقوبة الإعدام لأنها حليفة العدم، وعدو القيم. فالقاتل مجرم وأكثر، لكن ماذا نقول عندما يقتل شخص بموجب حكم قضائي، عندما تلفظ المحكمة كلمة الإعدام شنقا أو حقنا او رميا بالرصاص؟ هنا تكمن الإشكالية الكبرى. فعدالة الثأر والإنتقام ليست عدالة، وعدالة الموت ليست عدالة، وعدالة القتل ليست عدالة، وعدالة العدم ليست عدالة. بل هي انتقام صادر عن قوس المحكمة، أي قتل بلباس محتشم، كما رددت ذلك مرارا".

واشار الى ان "نقابتي المحامين في بيروت وباريس اتخذتا على هامش أعمال المؤتمر الدولي الخامس الذي انعقد في مدريد بين 12 و15 حزيران من العام 2013 قرارا مشتركا يقضي بالمساهمة في تقوية دولة الحق، وفي طرح نظام لوقف العمل بعقوبة الإعدام، وقيام حوار لإلغاء العقوبة في الدول الممانعة.
ونقابتنا ملتزمة قرارها، وما الندوات وورش العمل التي شهدها ويشهدها بيت المحامي سوى دليل أكيد على مسارنا التصاعدي لبلوغ الهدف. ولا بد هنا من التنويه بالإتجاه السائد لدى بعض الدول التي لا تزال تعمل بنظام عقوبة الإعدام بتعديل تنفيذ العقوبات بحيث منح قاضي تنفيذ العقوبات حق تحويل عقوبة الإعدام إلى السجن، شرط ارتباطها بحسن السلوك والتعويضات الشخصية وإعلام أهل الضحية".

ولفت الى ان "دورنا يكمن في إصدار مشاريع واقتراحات قوانين جديدة خالية من عقوبة الإعدام، واستبدالها بالعقوبات التي تليها في سلم العقوبات أي العقوبات السالبة للحرية.بل أكثر من ذلك، وبعد تقصير السنة السجنية الى تسعة أشهر، لفتني اقتراح في إحدى المجلات العلمية الفرنسية يقول باستحقاق السجين خفضا مقداره خمسة ايام لقاء مطالعته كتابا، حثا من القيمين على تربية عقل السجين وإصلاح فكره، بما يجعله لدى تنفيذ محكوميته والخروج الى الحياة، مزودا بثقافة لا عنفية تقيه الوقوع مجددا في مخالب الجريمة".

وختم: "أنا واثق من أن عقوبة الموت ستموت في لبنان، امنحوه فقط بعض الوقت".

وتناول الدكتور علي خشان عقوبة الاعدام في عدد من الدول العربية، مصر تونس اليمن ليبيا وبعض دول الخليج، فلفت الى انها "لحماية الانظمة"، وقال انها "تفرض تحقيقا لحماية المجتمع والنظام". واشار الى ان البعض يعتقد انها لتوفير المال.

من جهته قال الوزير السابق نجار: "في العام 2011 صدر في لبنان قانون توسع في بعض العقوبات واستفاد منه المحكوم عليهم بالاعدام اذ امضوا ثلاثين عاما في السجن وكان سلوكهم حسنا ووافق ذوو الضحية على الافراج عنهم".

اضاف: "هذا يعني ان الغاء العقوبة في لبنان لا يتوقف على الدين، بل على قناعات مجلس النواب". واشار الى ان "جميع الكتل النيابية توافق على الغاء عقوبة الاعدام"، ورفض نجار فرض هذه العقوبة بجرم الاتجار بالمخدرات واللواط وغيرها. واشار الى انه "لا يجوز من اجل مكافحة الارهاب فرض عقوبة الاعدام".

وفي نهاية الندوة عرض فيلم يعرض لاول مرة صورا داخل سجن روميه باذن من النيابة العامة التمييزية، ويروي قصة السجين غازي يدق المحكوم بالاعدام واعترافه بارتكاب جريمة، ومن ثم ندمه، اذ يقول: "كنت في حال اللاوعي ولو عرفت اني ساصل الى هنا لما فعلت ذلك".

وعلق نجار على الفيلم بضرورة "الغاء عقوبة الاعدام واعطاء السجين فرصة اخرى تعيده الى الحياة". واضاف انه "في سجن روميه 63 سجينا محكوما عليهم بالاعدام هم امام ثلاثة حلول: العفو العام والعفو الخاص بمرسوم من رئيس الجمهورية، أو خفض العقوبة بعد تقديم طلب الى احدى المؤسسات التي تعنى بهذا الشان لدرس الطلب لناحية سلوك السجين وعدم تشكيله خطرا في حال اعادته الى المجتمع، وعندها يتم خفض العقوبة الى ثلاثين سنة او اكثر".
 

  • شارك الخبر