hit counter script

مقالات مختارة - ناصر زيدان

هنري حلو مرشح جدي للرئاسة اللبنانية

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 06:31

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

في 11 سبتمبر/ ايلول 2003 فاز هنري حلو بألانتخابات الفرعية التي جرت في حينها بعد وفاة والده النائب بيار حلو، وكانت الدائرة الانتخابية التي ترشح فيها واسعة جداً، تضمّ قضائي عاليه وبعبدا، وهذين القضائين يحتضنان مجموعة من القوى السياسية والحزبية المتنوعة تكاد تختصر كل الفسيفساء اللبنانية، من التيار الوطني الحر الى القوات اللبنانية وحزب الكتائب مروراً بحزب الله وحركة امل وتيار المستقبل وصولاً الى الحزب الديمقراطي اللبناني والحزب التقدمي الاشتراكي. وقد توافق كل هؤلاء على ترشيحه خلفاً لوالده، وبمباركة سيد بكركي وقتذاك، البطريرك مار نصرالله بطرس صفير.
كان شعار النائب هنري حلو: "لا سبيل للخروج من الازمة الوطنية في لبنان إلاَّ بالتواضع والتسامح" وشعاره عندما ترشح للرئاسة هذا العام" الرئيس يجب ان يكون حوارياً ومنفتحاً على التيارات السياسية وعلى الطوائف اللبنانية كافة".
لا ينتقص من قوة ترشيح النائب حلو انطلاق هذا الترشيح من منزل رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، فالرئاسة هي لكل اللبنانيين وليست زعامة طائفية او مذهبية او مناطقية، وبطبيعة الحال فإن الكتلة التي ينتمي اليها المرشح يجب ان تتبنى ترشيحه في المقام الاول، وقد سبق لأهم رؤوساء لبنان ان ترشحوا من بيوتات سياسية غير مارونية، والرئيس الراحل كميل شمعون بالذات رشحته الجبهة الوطنية الاشتراكية التي كان يرأسها الراحل كمال جنبلاط عام 1952. فالرئيس عندما يتولَّى سدة المسؤولية يصبح فوق الجميع، وهو رمز وحدة البلاد، ورئيس لكل مؤسسات الدولة، ويتخلَّى عن ارتباطاته الحزبية او الكتلوية.
قيل كلام كثير عن ترشيح حلو، وادرجته اوساط متعددة في كونه محاولة لهروب النائب جنبلاط من الاصطفافات العامودية التي تتجمع حولها القوى النيابية، وهو للمناورة على سبيل خلط الاوراق تمهيداً لتسوية قادمة ، يحاول جنبلاط ان يكون جزء اساسي منها.
وكُتبت رسائل ومقالات لامست حدود التجريح، وفيها "انه لا يجوز لزعامة الموارنة ان تنطلق من بيت سياسي من طائفة غير مارونية".
بدى كل ما قيل انه حملة سياسية مُنظَّمة، لا ترتبط بواقع التقاليد السياسية اللبنانية بشيء، فلا رئيس الجمهورية هو زعيم للموارنة فقط، ولا تبنِّي جنبلاط ترشيح عضو كتلته النيابية تعدي على الاعراف والتقاليد اللبنانية، وجنبلاط متمسك بهذه التقاليد اكثر من غيره، وحريص على مكانة ودور المسيحيين الى حدودٍ بعيدة، لاسيما في هذه المرحلة المصيرية بالذات. ويعرف جنبلاط تماماً كيف يحترم موقع الرئاسة، وشخص الرئيس، بصرف النظر عن الاعتبارات التي تحكم اللعبة الانتخابية.
حلو ترشح في مواجهة الفراغ، وليس في مواجهة اي مرشح آخر. تحديداً، ليس لمواجهة رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، وليس لمواجهة رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون، وكلاهما يستحيل وصولهما الى سدة الرئاسة وفقاً لخارطة توزُّع القوى النيابية الحالية، والاقتراع الذي حصل الاربعاء، اكد صحة هذه المقاربة. فالانقسام العامودي بين قوى 8 و14 آذار ما زال قائماً، بدليل الاصوات التي حصل عليها الدكتور جعجع ( 48صوت) مقابل ( 52 صوت) اقترعوا بورقة بيضاء، اي في مواجهته، وكان نصيب هنري حلو كتلة لا يستهان بها - ويمكن ان تتنامى - من الاصوات الوسطية – او الحوارية – بلغت 16 نائباً.
اوساط سياسية مقرَّبة من كتلة اللقاء الديمقراطي التي عادت الى التلاقي بعد فراق، اكدت ان ترشيح حلو ليس مناورة، وهو جدي الى ابعد الحدود، ووصول حلو الى سدَّة الرئاسة قد يشكل مخرجاً مقبولاً لدى طرفي الانقسام اللبناني - والانقسام الماروني على وجه التحديد - فحلو صديقاً للجميع، وهو حوارياً ويُحسن حسابات الاخذ والعطاء ضمن لعبة الحفاظ على الوطن واحترام خصوصياته، وكونه مدعوم من جنبلاط، لا يعني انه مُرتهن لكتلته، بل العكس، ذلك مصدر قوة له، لأنه ليس لجنبلاط اية طموحات او اطماع في توسيع دائرة زعامته، او نفوذه، لاسيما في هذه المرحلة بالذات، بل الهم الاساسي لديه ابعاد لبنان عن الحريق المُشتعل في المنطقة، وتجنُّب المغامرات غير المدروسة التي قد يدخُل فيها البعض وفقاً لحسابات خاطيئة، ومنها تكريس الانقسام وصولاً للفراغ، او الدخول مُجدداً في تجارب مريرة ، اثبتت فشلها، ومنها اجراء تعديل على الدستور، يُذكرُ بحقبة الوصاية السورية.
والمؤشرات المتوافرة في الاوساط الضيقة للقوى السياسية المتخاصمة في لبنان، تتداول بقوة امكانية اعتماد خيار التسوية من خلال تبنِّي ترشيح حلو، مدعومةً من قوى خارجية مؤثرة على الملف اللبناني، كونه اكثر الخيارات واقعية، خصوصاً ان لحلو ووالده وجده ميشال شيحا، ايادٍ بيضاء في التاريخ اللبناني، ومكانة مُتقدمة بين البيوتات المارونية العريقة.
 

  • شارك الخبر