hit counter script

مقالات مختارة - رندة حيدر

المصالحة أهمّ من مفاوضات عقيمة

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 06:23

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

على رغم كل الشكوك وعلامات الاستفهام وتجارب الماضي المريرة، تبقى المصالحة بين "ابو مازن" و"حماس" حدثاً استثنائياً وفلسطينياُ بامتياز في ظل اجواء الاحباط واليأس التي تسود الجمهور الفلسطيني في الضفة وغزة على حد سواء. وخير دليل على اهميتها ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة المصحوبة بتهديدات مثيرة للسخرية بوقف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وهي مفاوضات وصلت منذ فترة الى حائط مسدود وباتت تنتظر من يعلن موتها.

وما يؤسف له ان السنوات الأخيرة من الانقسام الفلسطيني وتجربة قيام كيانين سياسيين منفصلين في الضفة وغزة جعلت الجميع ينسون السنوات الطويلة التي كان فيها الفلسطينيون شعباً واحداً، ولهم زعامة سياسية موحدة تمثلهم، وسمحت لإسرائيل وحلفائها بتصوير المصالحة الفلسطينية بأنها تمثل خطراً وتهديداً للعملية السلمية.
وقد كشفت ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة والمهددة التي ترافقت مع ردود أميركية مشابهة التواطؤ السياسي الكامل بين الدولتين. كما فضحت خبث نتنياهو واليمين الإسرائيلي عموماً. فقد كانت الحجة الاساسية لليمين الإسرائيلي طوال فترة المحادثات السياسية مع السلطة بان لا جدوى من التفاوض مع محمود عباس لانه لا يمثل الشعب الفلسطيني كله، وان اي اتفاق سيوقعه مع إسرائيل لن يكون ملزماً لحركة "حماس" في قطاع غزة وتالياً لا قيمة له. فلماذا الآن وبعدما زال شبح الانقسام واحتمال تأليف حكومة وحدة وطنية فلسطينية جامعة لكل مكونات الشعب الفلسطيني صار ذلك يشكل خطراً على السلام؟
يصر نتنياهو على مبدأ رفض التحاور مع "حماس"، متجاهلاً انه في السنوات الأخيرة تفاوض معها اكثر من مرة، سواء لدى اطلاق الجندي جلعاد شاليت في مقابل الافراج عن آلاف الاسرى الفلسطينيين، او من اجل التوصل الى وقف النار بعد العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة "عمود السحاب"، وهو ايضاً ينسق بصورة غير مباشرة معها لتأمين حاجات القطاع من الغذاء والمحروقات وخصوصاً بعد اقفال مصر المعابر الحدودية، وتدمير انفاق التهريب من سيناء الى غزة.
يشن الإسرائيليون حملة مسعورة على المصالحة، ويشككون في نجاحها، ويرون ان الخلافات الإيديولوجية الكبيرة بين الطرفين وتضارب المصالح والصراع على النفوذ، ستؤدي الى عودة الانقسام عاجلاً ام آجلاً، ويستغلون ذلك للضغط على "أبو مازن" من اجل التخلي عن "حماس" في مقابل وعود بالاستجابة لمطالبه.
"أبو مازن" و"حماس" امام اختبار حقيقي حيال الشعب الفلسطيني والعالم بأسره الذي ينظر بريبة وحذر الى المصالحة بينهما. وعلى رغم هذا كله، فالأكيد اليوم ان المصالحة الفلسطينية اهم من مفاوضات عقيمة، ووحدة الصف الفلسطيني اهم من سلام مستحيل.

  • شارك الخبر