hit counter script

مقالات مختارة - مرلين وهبه

المهمّة الصعبة بدأها جعجع وطيّرها «نكثٌ عونيّ» لوعد بكركي

الخميس ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 06:00

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

لم تكن المعركة في ساحة المجلس النيابي معركة مرشَّح، بل كانت معركة رئيس. فالمرشَّح ليس عاديّاً والنوّاب الحاضرون حضرت معهم ملامح جديدة وغير اعتيادية، بعضُها واضح المعالم، والبعض الآخر مبهَم. إلّا أنّ الإرباك خيّم على الوجوه، بعدما نجح ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في إحداث التغيير في المنطقة المحظورة، ونجح في تثبيت مكانةٍ للرئيس المسيحي القوي في ساحة المجلس، بعدما افتقرت جلساتُها إلى زعيمٍ مسيحي طامحٍ لأن يكون له دور لبنانيّ قويّ، وليس دوراً مسيحيّاً قويّاً فقط! وقد تجلّت صورة هذا الرئيس بوضوح في محضر جلسة أمس، بعدما صوَّت له 48 صوتاً مسيحيّاً ومسلماً منَحوه الثقة لرئاسة جمهورية لبنان.

لم تكن المفاجآت كبيرة في جلسة الأمس، بل كان هناك حضور قوي لنوّاب «14 آذار» الذين سجّلوا موقفاً تاريخياً ردّوا فيه الجميل لصقرٍ من صقور «14 آذار».

وعلى الرغم من الصوتين اللذين أخَلّا بالاتفاق مفضّلين إسقاط ورقة بيضاء لضرورات مناطقية معلنة وأهداف سياسية غير معلنة، فإنّ الأصوات الـ48 التي نالها سمير جعجع لم تخذل توقّعات «الحكيم»، بعد قرارٍ موحّد لفريق «14 آذار» التصويت له، وحسمٍ حكيم لموقف حزب الكتائب العنيد، برَصّ الصفوف والتصويت لمرشّح واحد مسيحيّ قوي.

الجنرال ميشال عون كان أوّل الواصلين في العاشرة صباحاً، الأمر الذي لم يكن متوقّعاً بعد الشائعات التي سادت بأنّه لن يحضر وسيكتفي بإرسال أعضاء كتلته، إلّا أنّ الجنرال كان أوّل الواصلين وأوّل المنسحبين بهدف فرط النصاب، فغادرَ قاعة المجلس مباشرةً بعد بدء فرز الأصوات لتطيير نصاب الدورة الثانية، ما يُعتبَر نكثاً لتعهّدات لبكركي بتأمين النصاب لدورات الانتخاب كافّة، فيما لحقَ به نواب كتلتة والنائب سليمان فرنجية، يليه النوّاب إميل رحمة وطلال أرسلان وسليم كرم وإسطفان الدويهي.

أمّا انسحابه من القاعة، فبرّره عون بأنّه لم يلحَظ اتفاقاً على مرشّح واحد في الدورة الأولى، لذلك فضّل الانسحاب، متمنّياً التوصّل في الجلسة المقبلة إلى إيجاد ذلك الرئيس المرشّح الموحّد الجامع.

لتتوالى الانسحابات من كتلة «الوفاء للمقاومة»، وكان لافتاً السلام الحارّ والضحكات المتبادلة بين النائبين ستريدا جعجع ومحمد رعد الذي حيّاها ممازحاً، فيما بقيَت هي في مقعدها لتبادله الضحكة، مُعلّقة على سلامه وهو يتّجه إلى خارج القاعة.

الجلسة فاقَ عدد حاضريها الثلثين، فبلغ عدد النوّاب 124 نائباً، إلّا أنّها لم تنتج رئيساً، فالدورة الثانية لم تنعقد بسبب تطيير النصاب، ولم يبقَ في الجلسة سوى 78 نائباً، هم نوّاب «14 آذار» وكتلة «التنمية والتحرير» و»جبهة النضال الوطني»، ليعلن الرئيس نبيه برّي عن عقد جلسة ثانية الأربعاء المقبل، معلناً أنّ حضور 86 نائباً هو نصاب كافٍ لإتمام الجلسة الثانية لانتخاب رئيس جمهورية.

الجلسة الأولى

أمّا جلسة أمس فشهدت همسات واجتماعات ووشوَشات نيابية كثيرة، فيما شهدت أيضاً حضوراً إعلامياً وديبلوماسياً كبيراً، مثل السفير الفرنسي باتريس باولي الذي حضر ومعه 6 من نوّاب البرلمان الفرنسي، بالإضافة الى رؤساء تحرير ووجوه اجتماعية ونقابية وسياسية، والسيّدة ترايسي شمعون التي جلست على منصّة الصحافيين وحاولت الوقوف أكثر من مرّة للطلب من الرئيس برّي أن يسمح لها الإعلان عن ترشّحها لرئاسة الجمهورية، إلّا أنّه طلب منها الجلوس في مكانها بإشارة من الأسفل.

لكنّ ترايسي شمعون نجحت في إيصال سلامها من فوق إلى النائب محمد رعد الذي شوهِد يبادلها السلام بابتسامة عريضة وسلام حميم مع هزّة رأس مؤيّدة، وشوهِد رعد كذلك وهو يكتب إسماً على الورقة التي أُعطِيت له، بمعنى آخر أنّه لم يلتزم موقف كتلة «الوفاء للمقاومة» التي قرَّرت الانتخاب بأوراق بيضاء.

وكذلك فعلَ النائبان نبيل نقولا وزياد أسود اللذان لم يلتزما قرار «التيار الوطني الحر» إسقاطَ ورقة بيضاء، فيما نفى نقولا مساء عدم التزامه بإسقاط ورقة بيضاء، ليحصدَ الصندوق 52 ورقة بيضاء و7 أسماء ملغاة.

وعُرِف لاحقاً أنّ من وضع أسماء ضحايا الحرب كانوا نوّاب «البعث» و»الحزب السوري القومي الاجتماعي» وأعضاء من «التيّار الوطني الحر» و»حزب الله»، وقد اعتبرت النائب ستريدا جعجع أنّ وضع أسماء ضحايا في فترة الحرب «يعبّر عن إفلاس سياسيّ»، فيما علَّق النائب سامي الجميّل على الصوت الذي تفرّد بالحصول عليه الرئيس أمين الجميّل بالقول: «ما هكذا يكافَأ الرئيس الجميّل».

كيروز: «مشروع الحكيم لا تلوين فيه»

من جهته، اعتبر النائب إيلي كيروز، بعد انتهاء الجلسة، أنّ «مشروع الحكيم يشبه سمير جعجع وتاريخ «القوّات»، ويشبه ثورة الأرز، فلا تلوين فيه ولا رمادية».

واعتبر النائب ميشال المر أنّ «العمل الديموقراطي كان سيّد الموقف، بحيث أثبتَ لبنان اليوم أمام المشهد الخارجي أنّه بلد الديموقراطية، ونوّابه تحلّوا بالروح الديموقراطية، ووفقَ الأصول الديموقراطية توجّهوا إلى ساحة النجمة وصندوق الاقتراع». فيما رأى مروان حمادة أنّ «وضع تلك الأسماء ينمّ عن حقدٍ، فيما أخطأ الذين أسقطوا الأوراق البيضاء في ممارستهم للتشريع».

جنبلاط: معركة حلو مستمرّة

وقد أكّد النائب وليد جنبلاط أنّ مرشّحهم سيبقى هنري حلو حتى النهاية، فيما اعتبر حلو أنّ عملية الانتخاب كانت ممتازة وديموقراطية بكلّ معنى الكلمة.

وشوَشات تكشف سيناريوهات

بعد صدور النتائج، اعتبرت أوساط نيابية أنّ ترشيح جنبلاط لهنري حلو عوَض إسقاط ورقة بيضاء قد يكون هروباً من إقراره بوجوب انتخاب مشروع الدولة الذي اختاره ونصَّ صياغتَه هو قبل ترشُّح سمير جعجع وتبنّيه لهذا المشروع، إلّا أنّ قرار جنبلاط ترشيحَ حلو ليس سوى بروفا أولى وجسّ نبض للتوزيع بين القوى، ولدهائه السياسي المتميّز الذي أراد من خلاله أمس رؤية مدى تماسك قوى «14 و8 آذار»، في انتظار طبخة توافقية تُطهى على نار خارجية، فيما ردَّدت أصوات في أروقة المجلس أنّ جنبلاط يسعى مع برّي إلى موقعية وسطية تطمح بالإتيان برئيس توافقي في المرحلة المقبلة.

ولفتت إلى أنّ انضمام الرئيس نجيب ميقاتي والنائب أحمد كرامي يكبّر حجم الكتلة الوسطية، زِد عليها صوتين وسطيين هما صوتا رئيس الحكومة تمّام سلام والنائب روبير غانم، مرجّحةً أن يكونوا هم من صوّتوا لهنري حلو ليدعموا الكتلة الوسطية، إلّا أنّ الأوساط نفسها أكّدت أنّ حجم الكتلة الوسطية سيبقى حدودها في هذا الإطار وليس أكثر، في انتظار طبخة الرئيس التوافقي.

في الخلاصة، مَن يحدّد الاستراتيجية الجديدة للانتخاب في الدورة المقبلة هي سناريوهات عدّة مطروحة، منها محاولة جنبلاط تحقيق أكبر عدد
ممكن من المكاسب السياسية، أو تأمين سيناريو مماثل للعام 2007 عندما طار النصاب، أو قد تكون هناك سيناريوهات مفاجئة أخرى كسيناريو الفراغ، والأيامُ المقبلة ستكشف المستور من الاتصالات الدولية أو اتصالات «تحت الطاولة» الداخلية.

لقطات

• تسابقَ الصحافيّون لتصوير النائب ستريدا جعجع، إضافةً إلى السياسيّين، ومنهم المرشّح هنري حلو الذي حاولَ الاقتراب منها لالتقاط صورة معها، لكنّ الحظّ لم يحالفه نتيجة الضغط الإعلامي المركّز عليها لتصويرها أو استصراحها، ففضَّل الانسحاب والعدول عن فكرة التقاط الصورة!

• تمنّت ستريدا جعجع ترشيح شخص قويّ مقابل الترشّح القوي للحكيم، بدلاً من ترشيح أوراق بيضاء ضعيفة.

• حين سُئلت ستريدا عن سبب ارتدائها اللون الأحمر القِرمزي، علّقت: «بركي بيتحنّن علينا الجنرال».

• لدى سؤال الرئيس نجيب ميقاتي، ألن تصوّت؟ أجاب: «صوتي مبحوح».

• وقف العماد ميشال عون في أسفل القاعة وحيّا السفير الفرنسي الجالس فوق بيديه الاثنتين وبضحكة عريضة.

• خرج رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة والنائب جورج عدوان سويّةً من القاعة بعد انتهاء الجلسة، وقال السنيورة لـ»الجمهورية»، ردّاً على ما إذا كانوا راضين عن سير التصويت وما إذا كانوا يعلمون مَن هُم النوّاب الذين أخلّوا بالالتزام، إنّه راضٍ عن التصويت ولم يفاجئه بل كان متوقّعاً، مؤكّداً أنّ سير العملية الانتخابية كان ديموقراطياً وهادئاً. فيما علّق عدوان بضحكة عريضة: «إنّنا نقيّم مع السنيورة التصويت لمحاولة معرفة «قصّة الصوتين الضالّين».

• إستراحة المحارب كانت للنائب محمد كبارة في مقهى Starbucks القريب من ساحة النجمة لاحتساء القهوة منفرداً بعد انتهاء الجلسة. فيما تناول النائبان سامي الجميّل وسامر سعادة طعام الغداء قرابة الأولى في مطعم Cordon cafe في الوسط التجاري.

• حاولت «الجمهورية» الاتصال بالنائب خالد الضاهر لاستيضاح سبب تمنّعِه عن حضور الجلسة، فأجاب مدير مكتبه أنّه مسافر في قضية عمل، ولدى سؤالنا إذا كان سفره هروباً سياسياً من التصويت لجعجع، أجاب أنّه سفرٌ اضطراريّ، فيما يتساءل البعض إذا ما كان سفراً اضطرارياً سياسياً!

• قال برّي للنواب: «عاش مين شافكن مجتمعين».
 

  • شارك الخبر