hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - سامي كليب

رئاسة الأسد بين الدستور والمحاور

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 06:45

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

الرئيس السوري بشار الأسد سيبقى رئيساً لولاية ثالثة. ليس في الأمر مجال للجدل. خصومه، قبل حلفائه، يدركون أنه سيفوز بنسبة جيدة في تموز المقبل. أطراف معارضة، وأخرى غربية بينها أميركية، تقول بقدرته على الفوز بما بين 50 و65 في المئة. ليست هذه هي القضية. القيادة السورية وحلفاؤها ينظرون الى الإنتخابات المقبلة على انها مرحلة متقدمة من التحدي. صار بقاء الاسد في سدة الرئاسة، بالنسبة إليهم، عنواناً لمرحلة العبور صوب طريق ربح الحرب ضد المحور الآخر. كيف؟
تجري المرحلة الإنتخابية وسط محيط متحوّل بعمق. سقوط مشروع الإخوان المسلمين على يد الجيش المصري. تحوّل الجماعة الى منظمة ارهابية على لائحة السعودية. تصدّع المنظومة الخليجية على وقع الخلاف المستحكم بين السعودية وقطر رغم محاولات اصلاح ذات البين. استفحال ظاهرة الارهاب حتى باتت تهدد الدول المصدّرة لها. تفكّك المعارضة السورية على وقع الصراعات المؤلمة بين أركانها. تقهقر المسلحين أمام تقدم الجيش السوري وحليفه حزب الله في الغوطتين والقلمون والريف الدمشقي. استراتيجية «البطن العسكري الآمن» تتحقّق. مفاد هذه الاستراتيجيا السيطرة على الوسط والمدن الأساسية قبل الانتخابات، ومواصلة قضم المناطق الخطرة في الارياف وغيرها. يتزامن ذلك مع عودة ضباط كبار من الجيش الحر، كان آخرهم العميد محمد أبو زيد مسؤول القضاء في هيئة الاركان.

وآخرون يستعدون للعودة قريباً الى دمشق ستظهر أسماؤهم في الأيام القليلة المقبلة. يتزامن ايضاً مع غرق مناطق سورية في المذابح الدموية بين «داعش» و«النصرة» وغيرهما.
المشهد كله مريح للأسد قبل الانتخابات المقبلة. يرتاح، أكثر، حين يرى سقوط الربيع العربي بالاقتتال والقبلية والتقسيم والفدراليات في عدد من الدول، وفي مقدمها ليبيا واليمن. ينجح قادة آخرون بالوصول الى السلطة في مواجهة هذا الربيع. في الجزائر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المُقعد بسبب المرض يفوز بنسبة عالية. قريباً يفوز الفريق عبد الفتاح السيسي في مصر. نوري المالكي، في العراق، باق رغم الصعوبات. ملك الاردن عبدالله الثاني في روسيا يبحث عن ضمانات. رجب طيب اردوغان يقيس بدقة متناهية كيفية تجنّب تأثير سياسته السورية على الانتخابات الرئاسية المقبلة.
على المستوى الاوسع المشهد مريح. فلاديمير بوتين أكثر تصلباً من اي وقت مضى بسبب اوكرانيا. نجحت خطته في ضم القرم. هي خطة يقال إنه مهّد لها منذ 5 سنوات. شبح الحرب الباردة يتطلب تعزيز أدوار الحلفاء وبينهم الاسد. أميركا تبحث عن نجاح في فلسطين وتتخلى شيئاً فشيئاً عن الملف السوري. روبرت فورد السفير الاميركي السابق تماماً كنظيره الفرنسي اريك شوفالييه باتا خارج اللعبة. التقارب الايراني ــــ الاميركي يفتح الباب على احتمالات مريحة للرئيس السوري في المرحلة المقبلة. باختصار، تقهقرت كل المراهنات السابقة. لم يسقط النظام السوري. لم يتراجع الدعم الروسي والايراني. حصلت تحوّلات في الرأي العام العربي والعالمي حيال ما يجري في سوريا. بات كثيرون مقتنعين بضرورة ضرب الارهاب. ولضربه لا بد من تعزيز الجيش السوري. ولبقاء الجيش السوري معززاً لا يوجد حتى الآن بديل عن الاسد. قد لا ينوجد لاحقاً. بعد تسليم سوريا للاسلحة الكيماوية، صارت احتمالات التفاهم اكبر من مخاطر الصراع. حركة حماس التي كان وجودها داخل سوريا مشكلة حقيقية في التحاور الاميركي ــــ السوري صارت خارج سوريا، وربما خارج المعادلة، بعد نقمة الخليج على الاخوان المسلمين. استبعاد التحاور المباشر الآن سببه خجل اميركي من تبرير التراجع. هذا هو السبب فقط.
ماذا عن الدستور؟
مجلس الشعب فتح باب الترشيحات. كل 10 ايام يعود لفتحها ما لم يتقدم مرشح للانتخابات، وذلك حتى منتصف تموز المقبل. يفرض الدستور السوري وجود مرشحين اثنين على الاقل لخوض الانتخابات. من المفترض ألا يترشح الاسد قبل ان يترشح آخرون. لو لم يترشح أحد غيره فهو لن يقدم ترشيحه. يعود مجلس الشعب للانعقاد ويفتح باب الترشيحات مجدداً. المهم في الامر ان لا تمديد. لكن اذا انقضت فترة الترشيحات ولم يترشح أحد (وهذا مستبعد طبعاً)، يصبح الاسد في حكم الرئيس المنتهية ولايته، وهذه فترة يبقى فيها رئيساً لمدة سنتين. هذا صعب الحصول منطقياً. هناك مرشحون سيظهرون قريباً.
الأسد: سأبعث بطلب
ترشح الى الابراهيمي لأعرف ما اذا كان سيسمح لي بذلك!
دستورياً، يمكن لمجلس الشعب ان يدعو إلى انتخابات مبكرة قبل انتهاء فترة السنتين. في الدستور شروط الترشّح بسيطة. بلوغ المرشح سن 40 عاماً. سجله العدلي نظيف، اي غير محكوم سابقا. حامل اجازة جامعية. مقيم في سوريا في السنوات العشر الاخيرة. لا يحمل اي جنسية ثانية. اما قبول الترشح فينبغي ان يحصل على اصوات 35 نائبا من اصل 250، ولا يحق للنائب ان يعطي صوته لأكثر من مرشح. اما اذا حصلت بقدرة قادر معجزة الحوار الجدي بين السلطة ومن بقي موحّداً من المعارضة فيمكن تعديل الدستور. هذا بات شبه مستحيل الآن.
في اختصار، الطريق ممهدة لعودة الاسد الى الرئاسة على نحو مريح، حتى ولو عنفت المعارك في أماكن اخرى للتأثير على الانتخابات. ربما الخطر على حياته يزداد في لحظات كهذه. لكنه لم يعر ذلك أهمية حين ذهب الى معلولا. في حركته، كما في ترشحه، تحدٍّ واضح للمحور الاخر .
وفق المعلومات العسكرية، فان الانتخابات ستتم في معظم المدن، أي دمشق وحمص وحماه ودرعا والحسكة ودير الزور وحلب نفسها (طالما ان الجزء الاكبر من المدينة بيد الجيش). ربما الرقة ستبقى خارج الانتخابات. هذا هو الرهان الاهم.
يقول بعض زوار الاسد انهم حين زاروه مؤخرا سألوه: «متى ستترشح؟»، قال متهكماً: «سأبعث بطلب ترشح الى الاخضر الابراهيمي لأعرف اذا ما كان سيسمح لي بذلك. لاني إذا لم اطلب منه فان لونه قد يصبح اصفر وليس اخضر»، وضحك. الرسالة واضحة للوسيط الدولي المشارف هو الآخر على الاستقالة بعدما عجز عن ايجاد حل تفاوضي لانه قبل ان يحصر التفاوض بوفد «الائتلاف» الذي يعرف، كما الاميركيون وغيرهم، انه ما عاد يمثل حتى الائتلاف.
السؤال الاهم: هل تفتح عودة الاسد قريبا إلى ولاية ثالثة الباب أمام تعديلات جوهرية في النظام، ام يكتفي بتعديلات حكومية طفيفة تضم بعض اركان المعارضة «المقبولة» من قبل السلطة؟ يبدو ان الاتجاه الثاني هو المرجح.

  • شارك الخبر